وافق مجلس الوزراء المصري أمس الإثنين، على قانون الصحافة والإعلام الموحد، وأرسل نسخ منه إلي مجلس الدولة، ومجلس النواب لمناقشته وإقراره نهائيًا، ليبيدأ العمل به فور إقراره.
ورغم ترحيب نقابة الصحفيين المصريين بالقانون، إلا أن عدة مخاوف وتساؤلات أساسية ظهرت حول وضع الصحافة والمواقع الإلكترونية، تحت مظلة القانون الجديد، بداية من تعريف الصحفي، وصولًا إلي المبلغ المشترط بألا يقل رأس المال المدفوع عن 500 ألف جنيه.
وعّرف القانون الصحيفة بأنها كل إصدار ورقى أو إلكتروني يتولى مسؤولية تحريره أو بثه صحفيون نقابيون، ويصدر باسم موحد، وبصفة دورية فى مواعيد منتظمة، ويصدر عن شركة مملوكة لشخص أو أشخاص طبيعيين أو اعتباريين.
كما عرف القانون الصحفي بأنه كل عضو مقيد في نقابة الصحفيين، وعرف الإعلامي بأنه كل عضو مقيد في نقابة الإعلاميين.
ويُعرف قانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين، الصحفي المشتغل بأنه كل من باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل في مصر، وكان يتقاضي عن ذلك أجرًا ثابتًا، بشرط ألا يباشر مهنة آخرى.
الجدير بالذكر، أنه لا يوجد في مصر قانون إلي الآن، ينظم عمل الصحافة الإلكترونية والإعلام الرقمي، كما ترفض نقابة الصحفيين المصريين ضم العاملين في المواقع الالكترونية إلي قوائم أعضائها.
في انتظار اللائحة التنفيذية للقانون
كيف ستقنن أوضاع المواقع الموجودة حاليًا؟ أي المواقع سيطبق عليها القانون، وتدفع مبلغ النصف مليون جنيه؟ هل يشمل هذا القانون المدونات، والمواقع الصغيرة المتخصصة بالموضة والرياضة على سبيل المثال؟ كل هذه الأسئلة طرحها القائمون على العديد من المواقع الالكترونية الموجود حاليًا والتي من المفترض أن يشملها القانون الجديد.
وقال محمد عبد الرحمن، مؤسس موقع «إعلام دوت أورج»، إن «القانون يحمل أكثر من مشكلة، أولها مشكلة دفع مبلغ نصف مليون جنيه، لأنها ستمنع أي مواقع صغيرة أو أي مبادرات أو مواقع متخصصة في الموضة أو الرياضة مثلًا أو المواقع المحلية، كل هذا يجعلنا ننتظر اللائحة التنفيذية».
وأضاف عبد الرحمن «اللائحة التنفيذية أيضًا هي التي ستوضح هل سيطبق هذا القانون على مواقع الإذاعات والقنوات التلفزيونية، على سبيل المثال؟».
ويري عبد الرحمن أن المبلغ المطلوب دفعه للمواقع يتعارض بالأساس مع تكلفة إصدار المواقع الالكترونية، حيث قال «من المفترض أن يكون هناك نسبة وتناسب، فليس من المعقول أن تكون تكلفة الموقع 100 ألف جنيه، ويطالبني القانون بدفع نصف مليون جنيه»، وأضاف «هذا سيجعل رجال الأعمال والرأسمالية هي التي تسيطر على النشر الالكتروني في مصر، وهذا ليس إيجابيًا ولا يبشر بتعددية في سوق الإعلام المصري».
ويتخوف عبد الرحمن، من أن يجعل هذا القانون أصحاب المواقع يتجهون إلي إصدارها من خارج مصر، حيث قال «هذا يضعنا أمام نوع آخر من الفوضى، ولكن نتمنى أن تكون اللائحة الداخلية بها أي شيء مبشر، ويقلل من حالة الإحباط التي أصابت من يعملون في مجال النشر الإلكتروني».
أما محمد خير، مسئول موقع «زحمة دوت كوم» فيري أن هذا القانون سيصع العديد من المعوقات والقيود أمام الإعلام المستقل، بسبب الشروط المالية، كما يري أن هذا القانون لن يكون في صالح المنافسة والإعلام بشكل عام ولا القاريء في نهاية المطاف.
واستبعد خير أن يتم تغير القانون في مجلس النواب بناء على أي مقترحات، لأن نقابة الصحفيين قدمت مقترحاتها بالفعل حول القانون.
أعد هذا القانون اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، على مدى 24 شهرا، بالمشاركة مع لجنة حكومية شكلها رئيس مجلس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، وترأسها الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وضمت العديد من القانونيين وممثلين عن الإعلام.
وكانت نقابة الصحفيين طالبت في قرارات اجتماع جمعيتها العمومية الطارئة، التي عقدت في الرابع من مايو/ آيار الجاري، بسرعة إصدار قانون الصحافة والإعلام الموحد، ضمن 18 قرارا اتخذتها الجمعية العمومية، لبحث سٌبل التصعيد ضد وزارة الداخلية، بعد مداهمة قوات الأمن لمقر النقابة للقبض على الصحفيين عمرو بد ومحمود السقا.
ويتكون القانون من سبعة أبواب، و213 مادة، تنظم حرية الصحافة والإعلام، وواجبات وحقوق الصحفي، وطرق تأديب الصحفيين وتوقيع العقوبات عليهم في حالة الخطأ، وضمانات التحقيق والمحاكمة في الجرائم التي تقع بواسطة الصحافة والإعلام، وملكية المؤسسات الصحفية وتصاريح مزاولتها للمهنة، وتشكيل الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى للإعلام.
ورحب جمال عبد الرحيم، السكرتير العام لنقابة الصحفيين، بموافقة الحكومة على القانون، وقال إنها «خطوة جيدة لحل مشكلات الصحفيين والفوضى الإعلامية وفوضى القنوات الفضائية».
وأضاف عبد الرحيم، في تصريح لـ«الغد»، أن «إصدار القانون سيحل أزمة كبيرة تواجه المجلس الأعلى للصحافة، ورؤساء تحرير الصحف القومية، من انتهت مدة تعينهم ولا توجد هيئة أو جهة تجدد لهم، بسبب عدم إقرار القانون».
ولفت عبد الرحيم إلى أن المسودة، التي وافقت عليها الحكومة أمس الإثنين، هي نفس المسودة التي تمت مناقشتها والاتفاق عليها مع اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، مشيرا إلى أن هناك بعض التعديلات الطفيفة، التي تمت على القانون، ولكن لن تغير أي من مواده الجوهرية أو نصونه، مشيرا إلى أنهم لم يطلعوا بعد على النسخة التي وافقت عليها الحكومة، وستقوم بإرسالها إلى مجلس الدولة ومجلس النواب.
وينتظر القانون حاليا أن تتم مناقشته والموافقة عليه في مجلس النواب، ثم ينشر في الجريدة الرسمية، ويبدأ العمل به رسميا من تاريخ نشره.
