لم تنتهِ كارثة بلدة مضايا الإنسانية، كما يظن البعض، فما زال هناك المزيد من الضغط لإقناع النظام السوري بفك الحصار عنها، وبعد 180 يوما من تجويع أهلها دخلت إغاثات عاجلة في يوم واحد، إلا أنها ستنتهي في غضون شهر واحد أيضا.
وتقع «مضايا الثائرة» على بعد كيلومترات من معقل الرئيس بشار الأسد في العاصمة، وكانت ضمن أوائل البلدات التي ثارت ضده، وبدأ الجيش في قصفها مطلع يناير/ كانون الثاني 2012، بعد تنامي نفوذ الجيش الحر فيها، ومنذ ذلك الوقت حاصرها وبلدات مجاورة أخرى، إلا أنه شدد حصارها قبيل يوليو/ تموز 2015 ليتساقط أهلها قتلى الجوع ونقص الدواء.
وصفت الأمم المتحدة ما يجري في بلدة مضايا بريف العاصمة السورية دمشق بأنه «حالة مريعة» من الحصار والتجويع، وقال أحد مسؤوليها: «ما رأيناه في مضايا لا يجب أن يحدث أو يتكرر في أي مكان في العالم».
وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني، إن مضايا بلدة تعيش كارثة إنسانية منذ يوليو/ تموز الماضي بسبب الحصار، الذي لم يكسر عنها سوى أمس الأول، الإثنين، مشيرة إلى أن دخول شاحنات الإغاثة الغذائية والدوائية أنقذ 40 ألف شخص ظلوا دون غذاء بشكل شبه تام منذ 3 أشهر مضت.
وأضافت المفوضية، أن 40 شاحنة محملة بالغذاء والأدوية والمستلزمات الطبية دخلت في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري إلى البلدة، بينما دخلت 21 شاحنة إلى بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للحكومة في مناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب شمال البلاد.
وأكدت المفوضية أن أول 4 شاحنات وصلت إلى مضايا دخلت البلدة بعد حلول الليل وسط ظلام دامس وبرد قارس، ولفتت إلى أنه بمجرد وصولنا تجمع حولنا الأطفال والبالغون على حد سواء ومعظمهم كانت علامات نقص التغذية ظاهرة عليهم بشكل واضح.
وأشار عدد من الأطباء وموظفي الأمم المتحدة، الذين صاحبوا قافلة المساعدات العاجلة إلى مضايا، إلى أن الأطفال الرضع لم تتمكن أمهاتهم من إرضاعهم بسبب نقص الغذاء، وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد مقتل أطفال بسبب ذلك في وقت سابق.
ممثل المفوضية ساجيد مالك، الذي كان بصحبة القافلة الإغاثية، قال: «الناس كانوا في حالة مريعة، لم يكن لديهم خبز أو أرز أو خضروات، لقد شهدنا كم كان وضعهم صعبا للغاية».
وأشار إلى أن أطباء منظمة الصحة العالمية يخططون لإجراءات مساعدة المحتاجين في مضايا صحيا خلال الأيام القليلة المقبلة، وأضاف بعد عودته لإقامة مؤتمر صحفي مقتضب في دمشق: «لا شيء هناك متاح، لا شيء في الأسواق، مجرد صحراء خاوية، لا يوجد طعام في أي منزل».
كيف كانوا يعيشون؟ هو السؤال الذي أجاب عليه ممثل المفوضية بالقول: «بعضهم لم يكن قادرا على الحركة وذهبنا إليه بالطعام لنجد بعض أوراق الأشجار والأعشاب التي يغلونها لتصبح مثل الحساء ثم يضيفون لها بعض التوابل، لكن لا يوجد طعام حقيقي».
وأضاف أن ما كان قد تبقى من الغذاء يباع بأسعار خرافية، متابعا: «وصل سعر كيلوجرام الأرز إلى 300 دولار أمريكي، التقيت أحد الرجال الذي قال لي إنه باع دراجته النارية ليشتري كيلوجراما من الأرز».
وشدد مالك أنه على الرغم من إيصال المساعدات إلى مضايا، إلا أنه أمامنا مراحل أخرى من أجل فك الحصار، قائلا: «الإغاثات الغذائية والطبية ستنفذ في غضون شهر واحد، ولا بد أن نحول دون تكرار هذه الأزمة الإنسانية مرة أخرى، لا يجب أن يتكرر ذلك، لا بل لا يجب أن يحدث مطلقا».
وبحسب المنظمة، فإن 4 ملايين سوري يعيشون في ظروف صعبة داخل مناطق النزاع في سوريا، بالإضافة إلى أن 400 ألف سوري يعيشون في 15 بلدة محاصرة، وهم بحاجة إلى مساعدات ملحة وعاجلة إلا أنه لا طريق لإيصالهم إليهم بعد.
