مئات الآلاف من كبار السن في مصر يتابعون بشغف أخبار المعاشات، ينتظرون على أحر من الجمر صرف أي زيادة للمعاش الشهري الذي لا يتجاوز مئات الجنيهات، ويزيد عدد المسنين أصحاب المعاشات في مصر على أكثر من 8 ملايين مسن، فقد اعتادت الحكومة متمثلة في وزارة المالية على التصرف في أموال المعاشات والتأمينات لسد العجز في الموازنة العامة للدولة.
وظهرت في الآونة الأخيرة وثيقة تكشف قيام الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، بفك وديعة من أموال صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى بمبلغ 100 مليون دولار، وتحويلها إلى الجنيه المصرى، في شهر نوفمبر الماضى، وذلك في خطاب موجه إلى محافظ البنك المركزى، بحسب ما نشرت جريدة المصري اليوم.
وجاء في الوثيقة “أتشرف بالإحاطة بأن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى وصندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى يرغب في تحويل الأرصدة المملوكة للصندوق بالدولار، والتى تبلغ قيمتها 100 مليون دولار (مائة مليون دولار) إلى ما يقابلها بالجنيه المصرى، على أن يتم توفير المبالغ بالدولار للصندوق الحكومى في حالة حاجته لهذه المبالغ، لمقابلة أي التزامات تواجه الصندوق، مثل تمويل المشروعات الاستثمارية بالدولار، ليتم الحصول عليها بسعر الصرف المعلن من البنك المركزى المصرى عند الطلب، بناء على اقتراح لجنة متابعة استثمارات صندوقى التأمين الاجتماعى”.
وتابعت الوثيقة أنه طبقاً لما تم الاتفاق عليه مع السيد محافظ البنك المركزى السابق يرجى التفضل بإصدار توجيهاتكم لاتخاذ الإجراءات التالية: “قبول البنك المركزى تحويل الودائع الدولارية الموجودة بالصندوق الحكومى في حدود 100 مليون دولار، طرف البنوك التجارية، إلى ما يقابلها بالجنيه المصرى، وقيام البنك المركزى بالاتصال بالبنوك التجارية التي يوجد بها ودائع دولارية للصندوق الحكومى لبيع هذه الودائع بالسعر المعلن من البنك المركزى يوم البيع، دون أن يتم تخفيض معدل العائد على هذه الودائع أو توقيع أي عقوبات مالية، وأن يتم تحويل قيمتها إلى ما يقابله بالجنيه المصرى طبقاً للسعر المعلن من البنك المركزى المصرى يوم البيع”.
ونص الجزء الأخير من الوثيقة على “استمرار تعهد البنك المركزى المصرى بتوفير أي مبالغ بالدولار للصندوق الحكومى عند الحاجة إليها لتمويل مشروعات استثمارية أو أي التزامات أخرى للصندوقين، وذلك بالسعر الرسمى المعلن من البنك المركزى المصرى وقت الطلب”.
ويرى الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أنه لا يجوز التصرف فى أموال التأمينات إلا بمعرفة أصحابها وموافقتهم، وأضاف، أنه على مر السنوات السابقة تم التصرف في أموال التأمينات بأكثر من طريقة، كان أشهرها قيام الوزير السابق يوسف بطرس غالي، بالتصرف في أموال المعاشات من خلال إلغاء وزارة التأمينات الاجتماعية، بموجب نص دستورى يشير إلى أن أموال التأمينات تضمنها الخزانة العامة للدولة، وبذلك نجح فى ضمها إلى وزارة المالية حتى يتسنى له التصرف فيها كيفما شاء”.
وأشار الفقي، إلى أن “ليس صحيحًا أن الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، سرق أموال التأمينات، ولكن الحقيقة أنه وضعها فى غير مساراتها الطبيعية، وأنفقها على مشروعات عامة بغرض خدمة نظام مبارك، وارتكب بذلك مخالفة دستورية صريحة، لأن دستور 1971 كان ينص صراحة على أنه لا يجوز التصرف فى أموال التأمينات إلا بمعرفة أصحابها”.
ولم توضح الوزيرة، في خطابها لمحافظ البنك المركزي، أي سبب لهذا الطلب، وعند الاتصال بها هاتفياً أكدت صحة الوثيقة، وقالت إنها «تحمل الخير الكثير لمصر ولأصحاب المعاشات”، وإنها «ستوافينا بالتفاصيل عبر البريد الإلكترونى”.