معتصم أبو لولي.. الشهيد الذي عاد مبتسما
“الحساب مغلق والملتقى في البلاد”، هذه آخر الكلمات التي كتبها الشهيد معتصم فوزي أبو لولي على حسابه على “فيسبوك” قبل أن يغادر الدنيا شهيدا، في أحداث مليونية العودة، التي كانت أمنيته فيها العودة إلى أرض الأجداد التي هجروا منها عام 48.
في ذاك اليوم عجت وسائل التواصل الاجتماعي بصورة ذاك الشهيد الفلسطيني، الذي لم يطو عقده الثاني من العمر، والسبب تلك الابتسامة الواسعة التي بدت عليه حتى بعد استشهاده، ليعرف فيما بعد باسم الشهيد المبتسم.
هو الشهيد معتصم فوزي أبو لولي (19 عاما) من سكان مدينة رفح أقصى الجنوب من قطاع غزة، لم يغب يوما عن الحدود الشرقية لقطاع غزة مشاركا في مسيرة العودة، وبقي كذلك حتى ارتقى شهيدا في مليونية العودة الكبرى الإثنين الماضي، قبل أن يكحل عينيه برؤية بلدته “صرفند العمار”، لكنه ترك الوصية لمن بعده ليكملوا مشوار العودة.
3 إصابات
أصيب أبو لولي في مسيرة العودة 3 مرات، اثنتان منها في مسيرات العودة، الأولى في قدمه والثانية في يده، وكانت إحدى هذه الإصابات في الجمعة التي حملت اسم “جمعة عمال فلسطين”، وحينها كتب “الحمدلله الذي نجاني من بني صهيون، أصبت بطلق ناري أمس في مسيرة العودة، وأشكر كل من قام بالاطمئنان على صحتي، رحم الله شهداءنا والشفاء العاجل للجرحى جميعا.. يشعر بالرضى”.
إصابة فوزي المتكررة بالرصاص لم تمنعه من مواصلة مشاركته في مسيرات العودة التي بدأت في الثلاثين من مارس/آذار الماضي، وهو ما أشارت إليه غالبية المنشورات التي نشرها والتي تؤكد حرصه الدائم على المشاركة في فعاليات المسيرة، وتمنيه الدؤوب أن يلقى الله شهيدا دفاعا عن أرضه ووطنه.
كتب مجددا، “واقترب موعد اللقاء”، وفي منشورٍ آخر قال “وإن صعُبَ اللقاء في الدنيا فهناك جنة أجمل من هنا”، وكتب أيضاً “مساء معطر بدماء الشهداء الأبطال الذين يواصلون العمل ليلاً ونهاراً .. الملتقى الجنة إن شاء الله”.
يقول محمد الشقيق الأكبر لموقع “الغد”، بات فوزي تلك الليلة في خيام العودة المقامة على حدود رفح الشرقية قبل أن يعود إلى بيته في الصباح وكأنه يلقي نظرة الوداع الأخيرة، ومن ثم عاد أدراجه صوب الحدود دون أن يدرك أن رصاص القتل الإسرائيلي الموزع على امتداد حدود غزة في انتظاره، ليرتقي شهيدا على طريق العودة، فقد أصابته رصاصة قاتلة في الرأس.
دائم الحضور
كان حضور أبو لولي ورغم صغر سنه فاعلا في مواجهة جنود الاحتلال من خلال المسيرة السلمية وما تخللها من فعاليات وإبداعات، وهو ما أشار إليه أصدقاؤه الذين أشادوا بشجاعته وإقدامه وجسارته في مواجهة الاحتلال في سياق فعاليات مسيرة العودة الكبرى.
ولم تتفاجأ والدة الشهيد أبو لولي بخبر استشهاد نجلها، وقالت لموقع “الغد”، “كان فوزي لحوحا في طلب الشهادة ودائم الحديث عن الشهداء وكراماتهم، بل أنه أخبرني قبل مغادرة المنزل للمرة الأخيرة أنه لن يعود، وهو ما كان بالفعل.
وتتابع والدة الشهيد: “قضى ابني ليلة السبت الأحد عند جدته المريضة يقدم لها المساعدة، وخرج من بيتها وهو يغني بكرا شهيد، بكرا شهيد، ومساء الأحد ودعني للذهاب لمخيم العودة، وظننت حينها أنه سيعود كما كل مرة يذهب فيها نحو مخيمات العودة”، لافتة إلى أنه بات تلك الليلة في المخيم وعاد في الصباح إلى المنزل قبل يغادره حاملاً معه حقيبته المجهزة بمعدات قص السلك مثل القطاعات والكماشات، وانطلق إلى المظاهرات”.
مضى فوزي أبو لولي مبتسما وعيناه ترنو إلى بلدته الأصلية الجميلة “صرفند العمار” التي داومت والدته وجدته في الحديث عنها وعن تلك الأيام التي مضت وهو ما زاد من لهفته واشتياقه بعد أن رأى في مسيرة العودة فرصته لاستعادة حق سرقه المحتل.
