ترافق تقدم الجيش السوري أمس، الثلاثاء، في الأحياء الشرقية لحلب، مع إعلان موسكو تكثيف عملياتها الإغاثية في المدينة، وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيجور كوناشينكوف، أن تقدم الجيش السوري في حلب غيَّر بدرجة كبيرة الوضع على الأرض، وذلك بفضل العمليات المخطط لها بشكل جيد جداً وبتأن ومكَّن أكثر من 80 ألف مدني من الوصول إلى المساعدات الإنسانية، بعدما اتخذهم المسلحون دروعا بشرية على مدى سنوات.
وأوضح مسؤول عسكري كبير في الجيش التركي، أن الجيش السوري وحلفاءه يهدفون لانتزاع السيطرة على شرق حلب بالكامل من أيدي المعارضة المسلحة قبل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب السلطة في شهر يناير/ كانون الثاني، ملتزمين بجدول زمني تؤيده روسيا للعملية بعد تحقيق مكاسب كبيرة في الأيام الماضية.
بدء المرحلة الثانية “الشرسة”
وكشفت مصادر عسكرية في بيروت، أن القوات النظامية السورية بمساندة من حلفائها، بدأت المرحلة الثانية «الشرسة» من معركة السيطرة على شرق حلب، واحتدمت المعارك مع فصائل معارضة في الأحياء الجنوبية الشرقية للمدينة، في وقت ظهرت بوادر انقسام في «حركة أحرار الشام الإسلامية»، أكبر الفصائل العسكرية المعارضة، التي تنتشر في حلب، وسط تحذير دولي من «وضع مخيف» في الأحياء المحاصرة ونزوح ما لا يقل عن 20 ألف مدني إلى أحياء حلب الغربية الخاضعة لسيطرة القوات النظامية أو الأكراد.
وقال مسؤول من المعارضة السورية، إن معارضين سوريين يقاتلون قوات موالية للحكومة على الطرف الجنوبي الشرقي لمنطقة شرق حلب، التي تسيطر عليها المعارضة، في حين تحاول دمشق وحلفاؤها تأكيد مكاسبها الكبيرة التي حققتها في الأيام الماضية في المدينة.
ويؤكد الخبير العسكري، اللواء محمود عبد اللطيف، لـ«الغد»، أن معركة “الحسم” في حلب تستهدف الوصول إلى بلدة “الباب” الاستراتيجية “المحورية” والسيطرة عليها، لكتابة المشهد الأخير في المواجهة مع التنظيمات والجماعات الإرهابية، حيث لم يبق لتلك التنظيمات المسلحة من معاقل قوية سوى بلدة الباب في الشمال وعاصمة ما أطلقوا عليها «الخلافة» في الرقة.
وأضاف أن معركة السيطرة على “الباب” تكتسب أهمية خاصة، نظرا لتنازع عدد من القوى عليها، ومن ناحية أثرها على المعركة القادمة في الرقة، فضلا عن تداعيات المعركة الحالية في مدينة حلب، حيث أحرزت القوات الموالية لنظام بشار الأسد تقدما ملموسا في معاقل المقاتلين في حلب الشرقية، وعليه فنتيجة المعركة في الباب ستنعكس سلبا وإيجابا على مصير المقاومة في حلب، خاصة أنها قدمت مخزونا كبيرا من المقاتلين الذين شاركوا في معركة حلب منذ عام 2012، وتعني خسارتها حرمان تنظيم « داعش» من طرق الإمدادات إلى الرقة وستفتح الطريق أمام ملاحقة وقتل قادته والقبض عليهم.
ولهذا تحاول القوات التابعة لـ”الجيش السوري الحر” المدعومة من الجيش التركي الوصول إليها قبل التحالف الذي يقوده الأكراد بدعم من المستشارين والغطاء الجوي الامريكي، بالإضافة للقوات الموالية للنظام السوري المدعومة من الطيران الروسي.
ورصدت التقارير العسكرية، مواصلة تقدم قوات النظام في حلب، وهاجمت قرى خربة دوير والشعلة وعمد الثلاثينة وتل الخشخشات، وشارك حزب الله وجماعة كردية موالية لدمشق في العمليات، بينما تتهم القوات المدعومة من تركيا قوات سوريا الديمقراطية بالتواطؤ مع النظام، ما يضفي على معركة الباب، مثل بقية الوضع السوري، تعقيدا ومخاطر من تورط القوى الخارجية في وحل الحرب الأهلية السورية.
أبو الغيط يهاجم تركيا
وشنّ الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، هجوما على تركيا، مؤكدا أنها «سمحت بمرور الآلاف من الشباب الغربي والعربي عبر أراضيها إلى العراق وسوريا»، ولافتا إلى أنها سمحت بوجود تنظيم «داعش» في سوريا لإسقاط نظام الحكم القائم فيها، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام.
وقال أبو الغيط خلال مقابلة تليفزيونية، إن الإرهاب سيعود لتركيا من خلال الشباب والفتيات «المهاويس» الذين ذهبوا لسوريا والعراق، لافتا إلى أن «داعش» في طريقه إلى الأفول كقوة عسكرية على الأرض، وأشار أبو الغيط إلى أنه لا بد من عودة الدولة المركزية في سوريا والعراق مرة أخرى للسيطرة على كل الأراضي للحفاظ على وحدتها.
اجتماع طارئ لمجلس الأمن اليوم حول الوضع في حلب
ويعقد مجلس الأمن اجتماعا طارئا اليوم، الأربعاء، بطلب من فرنسا لبحث الوضع المتدهور في شرق حلب، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية، وأنه خلال الاجتماع الطارئ سيستمع أعضاء مجلس الأمن الـ15 إلى إحاطة في شأن الوضع في شرق حلب من أحد مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، ومن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي سيتحدث عبر الفيديو.
ومن جانبه، قال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، إن «فرنسا وشركاءها لا يمكنهم البقاء صامتين إزاء ما يمكن أن يكون واحدة من أكبر المجازر بحق مدنيين منذ الحرب العالمية الثانية».
