معركة بوغافر.. حين أذل المغاربة الجيش الفرنسي
قصفه بالمدافع والطائرات، حصار اقتصادي، وحرق للمحاصيل الزراعية، 83 ألف مقاتل فرنسي، في مواجهة 7 آلاف مجاهد مغربي، أقسموا على مجابهة المستعمر الغاشم.. فماذا حدث في معركة بوغافر؟
بعد تصفية مقاومة أحمد الهيبة في المغرب، وخفوت شرارة المقاومة الزيانية بموت قائدها، دعم الفرنسيون الباشا الكلاوي ليتقدم نحو الأطلس استكمالا لمشروعهم الاستعماري.
عاما بعد عام ازدادت معها الأطماع الفرنسية للسيطرة على جميع المناطق التي تتبع نفوذهم، وبحلول سنة 1913 فرض الاحتلال الفرنسي وأعوانه الكلاويين هيمنتهم عبر الأطلس الكبير وأجزاء من الصغير، ولم يتبقى أمام المستعمر لإخماد المقاومة غير قبائل آيت عطا.
التف العطاويون حول عسو أبوسلام وعينوه قائدا عاما، فدخلت تحت لوائه العديد من القبائل.
وجد الفرنسيون أنفسهم وجها لوجه مع قبائل آيت عطا المعتدة بحريتها، فدارت معارك طاحنة بين الطرفين، أبرزها معركة البطحاء الفاصلة عام 1918، التي تكبد فيها الفرنسيون خسائر فادحة.
في 20 يناير من عام 1933، هاجم 300 مجاهد المعسكر المرابط قرب قصر ملال، قتل 5 فرنسيون و10 من تابعيهم، كما استولى المجاهدون على كمية من الأسلحة والمؤون.
لم يألف الفرنسيون تلك الخسائر منذ دخولهم إقليم ورزازات عام 1929، فاستعجل قائد القوات الفرنسية للقيام بعملية عسكرية تضع حدا لرجال المقاومة.
في 13 من فبراير سنة 1933، حاولت القوات الاستعمارية الفرنسية التوغل في الجنوب الشرقي المغربي، والسيطرة على منطقة صاغرو.
مع تقدم جحافل الفرنسيين، لجأ المجاهدون إلى منطقة بوغافر، إحدى قمم جبل صاغرو، اتخذ عسو أوبسلام قمة الجبل مركزا لقيادة عملياته الحربية، معتمدا على أسلوب حرب العصابات.
أمام شراسة المقاومة، اضطر الجنرال هوري، القائد العام للقوات الفرنسية، إلى استدعاء الجنرالات كاترو وجيرو وبورنازيل.
كان الفرق شاسعا بين رجال عسو والفرنسيين، 7 آلاف مجاهد بأسلحة بسيطة في مواجهة 83 ألف مقاتل مدعومين بمدافع ثقيلة و44 طائرة حربية.
على مدار 4 أيام، قصفت الطائرات والمدافع الفرنسية مواقع المجاهدين المغاربة، في محاولة لإرغام المقاتلين وعائلاتهم على الاستسلام، إلا أنها باءت بالفشل.
أمام استماتة المجاهدين وخسائر جيوش الاحتلال التي تجاوزت 3 آلاف قتيل، قرر الجنرال هوري استعمال سياسة الحصار الاقتصادي، أغلقت الممرات وأحرقت المحاصيل الزراعية لتجويع السكان.
ورغم كثرة الوفيات في صفوف الأطفال والشيوخ، لم تثبط عزيمة المجاهدين، فأيقنت الفرنسيون أن المفاوضات ستحفظ ماء وجه عسو ورجاله.
في 25 من مارس سنة 1933، التقى الجنرال هوري بعسو أوبسلام وعرض عليهم الصلح، بمعنويات مرتفعة اشترط أن يسترد المجاهدون أموالهم، وألا يتعرض الغزاة بسو لنسائهم، وألا يجبر الناس على خدمة الأجانب، وألا يكون للكلاوي نفوذ في منطقتهم.
وافق الفرنسيون على شروط قائد المقاومة دون تردد، غير أن النساء وقفن موقفا معاديا للصلح، وتبارين في هجاء عسو، فهل أخطأ عسو أوبسلام في قبول المفاوضات مع الفرنسيين؟
