معركة جديدة حول ختان الإناث في مصر، بطلها هو الدكتور أحمد الطحاوي عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب المصري، وبعض النائبات داخل المجلس، حيث قال الطحاوي في تصريحات مثيرة للجدل، إنه لا يرفض عادة ختان الإناث، ويرى أن ترك الأنثى بلا ختان أمرًا غير صحيحًا، وإذا كان الختان جائر فهذا خطأ أيضا.
فتحت تلك التصريحات على الطحاوي انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنظمات التي تعمل على قضايا المرأة، ولها ملف طويل في مكافحة عادة ختان الإناث، إذ رأوا أن هذه التصريحات لا يصح أن تصدر عن طبيب وعن عضو في لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، خاصة وأن وزارة الصحة كانت قد تقدمت بمشروع قانون إلي المجلس لتغليظ عقوبة الختان، بعد مقتل فتاة عمرها 17 عامًأ على يد طبيب في السويس خلال إجراء عملية الختان بناء على رغبة والديها، في مايو/آيار الماضي.
في مكالمة هاتفة مع «الغد»، أكد الدكتور أحمد الطحاوي عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب المصري التصريحات المنسوبة إليه قائلًا «إن هذا رأيي وأنا متمسك به وهو غير ملزم لأي أحد، نعود للفقهاء والمتخصصين لإبداء الرأي في هذا الأمر».
وعن قانون العقوبات الذي يجرم الختان، قال الطحاوي إن هذا القانون ليس شيئًا مقدسًا يؤخذ ويرد عليه، كل ما أقوله أن نرد الموضوع لأهل العلم، وهم يقوموا بالفتوي، ويحددوا إذا كان هذا الأمر في صالح الفتاة أو غيرها.
وعن الفتيات اللاتي توفين خلال إجرائهن عملية الختان، قال إن هذا يحدث لأن هذه العملية لا تتم تحت إشراف طبي، من خلال الدايات أو غيره، مختتمًا «خلاصة الكلام، وهو ما أود قوله أن نرجع هذا الأمر إلي أهل الفتوي والدين والعلم، وإذا قالوا إن رأيي خطأ، سأقبل بالخطأ، لكني متأكد أن رأيي صحيح».
الإحصائيات عن الختان: مصر الأولي عالميًا
الجدير بالذكر أنه في المسح الصحي السكاني الصادر عن وزارة الصحة المصرية لعام 2014 أوضح أن معدل انتشار ختان البنات في مصر وسط السيدات اللاتي سبق لهن الزواج في العمر الإنجابي من (15- 49 سنة) 92%، بينما تقل وسط الفتيات الصغيرات في الفئة العمرية من 15 – 17 سنة لتصل إلى 61%.
وأكد المسح أن عادات ختان الإناث منتشرة في أفريقيا، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 28 دولة أفريقية يقع أغلبها في وسط قارة أفريقيا تمارس ختان الإناث حتى وقتنا هذا.
وأشار المسح إلى أن 82% من حالات ختان البنات في مصر الآن تتم على يد الفريق الطبي (الأطباء وفريق التمريض)، فيما يعرف بتطبيب ختان البنات، مشيراً إلى أن الفريق الطبي يمارس ختان البنات لأسباب عديدة أهمها الكسب المادي، وكسب رضاء المجتمع وخاصة في الريف، واعتقاد بعض الأطباء بأنه واجبا دينيا.
في فبراير/شباط من العام الماضي، أعلنت منظمة «يونيسيف»، أن مصر أصبحت تحتل المركز الأول عالميا في ختان الإناث، وفقا لإحصائياتها، حيث بلع عدد عمليات الختان الي تجري مصر 27.2 مليون عملية، تليها إثيوبيا التي وصل فيها عدد العمليات إلى 23.8 مليون عملية، وجاءت نيجيريا في المركز الثالث بنحو 19.9 مليون عملية، كما أن عدد الفتيات اللاتي أجريت لهن هذه العمليات في 29 دولة بلغ نحو 125 مليون فتاة.
ووفقًا للإحصائية فإن نسب من يقومون بعمليات الختان في مصر من الأطباء بلغت 72% مقابل 21% الدايات، حسب ما أوضحت نتائج مسح ديموجرافي عام 2008.
وجُرم الختان في مصر قانونيا ودينيا منذ عدة سنوات، حيث تم تجريمه في قانون العقوبات عام 2008، عقب قضية أثارت الرأي العام بعد وفاة طفلة بالمنيا لإجرائها عملية ختان في عام 2007، كما أصدرت وزارة الصحة المصرية مرسومًا وزاريًا يحظر الجميع، بما في ذلك الكوادر الطبية، من إجراء عمليات ختان الإناث، في المستشفيات والعيادات الحكومية وغير الحكومية، على حد سواء بعد وفاة طفلة المنيا، أما من الناحية الدينية ففي 2013 قامت “يونيسف” بالتعاون مع المركز الدولى الإسلامى للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر، بإصدار كتاب تحت عنوان «الختان بين المغلوط علميًا والملتبس فقهيا».
دار الإفتاء: حرام
في بيان ضمن عدة بيانات وفتاوي أصدرتها دار الإفتاء المصرية حول عادة ختان الإناث، قالت فيه إن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية وإنما قضية ترجع إلى العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، خاصة وأن موضوع الختان قد تغير وأصبحت له مضار كثيرة جسدية ونفسية؛ مما يستوجب معه القول بحرمته والاتفاق على ذلك، دون تفرق للكلمة واختلاف لا مبرر له.
وجاء ذلك في معرض رد دار الإفتاء على عدد من الفتاوى التي أطلقها غير المتخصصين، والتي تقول بوجوب ختان الإناث، وتدعو إليه، حيث أكدت الدار أن حديث أم عطية الخاص بختان الإناث ضعيف جدًّا، ولم يرد به سند صحيح في السنة النبوية.
وأوضحت دار الإفتاء، في بيانها، أن عادة الختان عرفتها بعض القبائل العربية نظرًا لظروف معينة قد تغيرت الآن، وقد تبين أضرارها الطبية والنفسية بإجماع الأطباء والعلماء، مشيرة إلى أن الدليل على أن الختان ليس أمرًا مفروضًا على المرأة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يختن بناته رضى الله عنهن.
وأشار البيان، إلى أنها تفاعلت مبكرًا مع البحوث العلمية الطبية الصادرة عن المؤسسات الطبية المعتمدة والمنظمات الصحية العالمية المحايدة، التي أثبتت الأضرار البالغة والنتائج السلبية لختان الإناث؛ فأصدرت عام 2006 بيانًا يؤكد أن الختان من قبيل العادات لا الشعائر، وأن المطلع على حقيقة الأمر لا يسعه إلا القول بالتحريم.
وحذَّرت دار الإفتاء، من الانجرار وراء تلك الدعوات التي تصدر من غير المتخصصين لا شرعيًّا ولا طبيًّا، والتي تدعو إلى الختان وتجعله فرضًا تعبديًّا، مؤكدة أن تحريم ختان الإناث في هذا العصر هو القول الصواب الذي يتفق مع مقاصد الشرع ومصالح الخلق، وبالتالي فإن محاربة هذه العادة هو تطبيق أمين لمراد الله تعالى في خلقه، وبالإضافة إلى أن ممارسة هذه العادة مخالفة للشريعة الإسلامية فهي مخالفة كذلك للقانون، والسعي في القضاء عليها نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
مطالبات بتحويل النائب إلي لجنة القيم
في السياق ذاته رفضت بعض نائبات المجلس تصريحات الطحاوي، خاصة وأن المجلس على وشك مناقشة تغليظ عقوبة جريمة الختان، وطالبت النائبة مني منير بتحويل الطحاوي إلي لجنة القيم، لاعتبار تصريحه إهانة لكافة أعضاء البرلمان من شأنها أن تفقد الثقة في المجلس من قبل نساء مصر.
وقالت منير «إن هذه التصريحات مؤسفة ولا تليق بنائب من المفترض أنه يعمل على تفعيل القانون لتجريم ختان الإناث، وأن هذه جريمة محرمة دينيا ومجرمة تشريعيا، وأن هذا التصريح يمس كل امرأة مصرية».
وأضافت إن «مثل هذه التصريحات والتي تصدر في وقت نطالب فيه جميعا بتغليظ عقوبة ختان الاناث، إنما هي دلالة على عدم وعي بهذه الجريمة البشعة، وأن التصريحات تكون جزافا دون دراسة أو علم أو خبرة».