ما زالت الأحداث في ليبيا تستحوذ على مساحة كبيرة من الرأي العام، عالميا وإقيلميا، وعن تطورات معركة طرابلس، قال الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، اللواء أحمد المسماري، إنّ قوات الجيش الليبي حققت تقدما جديدا وقامت بتحصين مواقعها الهامة لدخول العاصمة طرابلس.

أكد المسماري، أن قوات الجيش تستهدف حسم المعركة قريبا في قلب العاصمة، وأشار  خلال مؤتمر صحفي، الإثنين، إلى أن ثمة معلومات تفيد بأنّ هناك عملا عسكريا قريبًا يعد ضد مدينة ترهونة من قبل قوات حكومة الوفاق.

وقال المسماري، إن الوضع الإنساني هو التحدي الأكبر في معركة طرابلس، مضيفا أن “هناك محاولات لتشويه عملية الجيش في طرابلس”، وموضحا أن “معركتنا مع الميليشيات تتواصل على أكثر من محور في طرابلس”.

ولفت المسماري إلى أن “هناك قوى باعت الوطن من أجل المال والسلطة”، بالإضافة إلى محاولات لتأليب الرأي العام في العاصمة طرابلس ضد الجيش الليبي”.

800 ألف مهاجر

ومن جانبه، حذّر رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، في مقابلتين مع صحيفتين إيطاليين، من أن الحرب في بلاده قد تدفع أكثر من 800 ألف مهاجر نحو السواحل الأوروبية.

وقال السراج لصحيفة لا ريبوبليكا، “لن يكون هناك فقط 800 ألف مهاجر جاهزون للرحيل، سيكون هناك ليبيون يفرون من هذه الحرب، فيما استأنف إرهابيو تنظيم داعش نشاطهم في جنوب ليبيا”.

وطالب السراج، إيطاليا وأوروبا بأن “تكونا موحدتين وحازمتين للتصدي للحرب العدوانية التي يشنها خليفة حفتر”، لافتا إلى أن الدمار سيطال أيضا “الدول المجاورة”.

وتستمر معركة طرابلس التي يشنها الجيش الوطني الليبي منذ الرابع من أبريل/ نيسان في الضاحية الجنوبية لطرابلس بين قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر وتلك التابعة لحكومة الوفاق.

وقال السراج، في مقابلة أخرى مع صحيفة كوريري ديلا سيرا، إن “المشير حفتر يقول إنه يهاجم الإرهابيين، ولكن هنا لا يوجد سوى مدنيين”، داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة.

ومساء الإثنين، استقبل رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني أحمد معيتيق.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإيطالي، في بيان، إنّ كونتي “شدّد على ضرورة انسحاب قوات الجيش الوطني الليبي، وحضّ جميع الأطراف المعنية على التوصّل سريعا إلى وقف لإطلاق النار وهدنة إنسانية”، بانتظار الوصول إلى حلّ سياسي شامل.

وكان معيتيق قال في مقابلة نشرتها لاريبوبليكا صباح الإثنين، إنّ الهجوم الذي تشنّه قوات حفتر هو “انقلاب عسكري” من شأنه أن يغرق البلاد في “حرب أهلية ستستمر 30 سنة”، محذّراً المجتمع الدولي من الدخول في أي مفاوضات مع الرجل القوي في شرق ليبيا.

وبعدما كرر وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، في الأيام الأخيرة أن الموانئ الإيطالية ستظل مغلقة، سارع نائب رئيس الوزراء لويجي دي مايو إلى الرد على السراج قائلا “لن نسمح أبداً بأن يصل 800 ألف مهاجر إلى إيطاليا”.

وكرر دي مايو أن على أوروبا برمتها أن تتدخل في قضية الهجرة عبر “سياسة إعادة توزيع للمهاجرين” و”سياسة تعاون لإرساء الاستقرار في ليبيا”.

من جهتها، قالت المنظمة الدولية للهجرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنه “يستحيل توقع عدد الأشخاص الذين يمكن أن يغادروا ليبيا”، مضيفة “ثمة قلق الآن على أمن المدنيين والمهاجرين في البلاد”.

ميركل متمسكة بالحل السياسي

من جانبها، أكدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الإثنين، تمسكها بالحل السياسي في ليبيا، بحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ونقل بيان عن السفير بسام راضي قوله، إن ميركل أكدت “تمسك بلادها بالحل السياسي في ليبيا في إطار الحوار، وقد اتفق الجانبان على ضرورة العمل بسرعة لإنهاء الأزمة الليبية، بما يساهم في وقف تدهور الوضع وتدارك خطورته”.

أما السيسي فأكد “موقف مصر الساعي إلى وحدة واستقرار وأمن ليبيا، ودعمها لجهود مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة، التي باتت تمثل تهديداً، ليس فقط على ليبيا، بل أيضا لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط بأسرها”.

ويرى محللون، أن نجاح العملية العسكرية، التي يشنها الجيش الوطني الليبي في طرابلس، يعتمد أكثر على قدرته على كسب ولاء الميليشيات المحلية منه على القدرات العسكرية لقواته.

ويتهم “الجيش الوطني الليبي” بقيادة حفتر باستمرار تركيا وقطر بتزويد خصومه بالأسلحة.

ويشار إلى أن الميليشيات والجماعات المسلحة في الغرب الليبي ليست متجانسة ولا تدعم بذات الطريقة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس.

147 قتيلا

ووفق حصلية جديدة نشرتها منظمة الصحة العالمية، الإثنين، قتل 147 شخصا وأصيب 614 آخرون منذ بدء معركة طرابلس.

وقال مكتب تنسيق العمليات الإنسانية للأمم المتحدة، في تغريدة، إن أكثر من 18 ألف شخص نزحوا بسبب المعارك، يتلقى 6 آلاف منهم مساعدات.

ودعت الأمم المتحدة، الإثنين “كافة الأطراف إلى التحلي بضبط النفس”، وتفادي استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية.

وقالت المنظمة، أنها نشرت فرقا من الجراحين في المستشفيات لمواجهة “تدفق” الجرحى.

من جهتها، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، في تغريدة، إن فريقها في ليبيا سلم وزارة الصحة معدات طبية عاجلة لتقديم المساعدة للضحايا في المناطق الأكثر تضررا، وخصوصا عين زارة وقصر بن غشير جنوب العاصمة طرابلس.

وأضافت “مع تدهور الوضع ميدانيا وتزايد عدد الضحايا، تحتاج البنى التحتية الطبية بشدة للمساعدة”.

دمار ملايين الكتب المدرسية

قال مسؤولون والأمم المتحدة، الإثنين، إن أكثر من 3 ملايين كتاب تعرضت للتلف التام عندما أصابت صواريخ أبنية وزارة التعليم خلال القتال من أجل السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس.

وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن استهداف المنشآت المدنية يعد انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.

وحذرت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، في بيان، من أن “قصف المدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمناطق المدنية ممنوع منعا باتا”، مضيفة أنها توثق مثل هذه الحالات لعرضها على مجلس الأمن الدولي.

وأدى الهجوم المفاجئ لمعركقوات الجيش الوطني الليبي إلى تأجيل مؤتمر وطني كانت الأمم المتحدة تعد له قبل تقدم قوات شرق ليبيا بوقت طويل.

وكان من المقرر أن يجمع المؤتمر بين الجانبين المتناحرين للاتفاق على خطة للانتخابات وإنهاء الاضطرابات.

ولم يتم تحديد موعد جديد بعد حيث لا تظهر في الأفق أي دلالة على إنهاء القتال.

ودأب حفتر على القول بأن مهمته تتمثل في إعادة النظام إلى البلاد.