أعلنت حركة «فتح» اليوم الخميس، عن بدء فعاليات إحياء الذكرى الـ12 لاستشهاد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والتي توافق يوم العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.
وقال منير جاغوب، رئيس اللجنة الإعلامية في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة «فتح»، «بدأنا في العديد من الفعاليات والاستعدادات لإحياء ذكرى رحيل الشهيد أبو عمار بشكل رمزي في رام الله، حيث سيكون المهرجان المركزي للذكرى بمشاركة جماهيرية ورسمية واسعة يوم الخميس الموافق 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، في ساحة المقاطعة بمدينة رام الله».
وأعلن الجاغوب في بيان صحفي، عن إصدار الشعار الرسمي الذي يحمل صورة الشهيد الرمز ياسر عرفات، كرمزية وقيمة وطنية تظهر حجم هذه المناسبة في قلوب كل الفلسطينيين، وتقدر رفعة نضاله الممتد منذ عشرات السنين، والذي ملأ فيها الدنيا فداء وتضحية.
فيما أشادت حركة «فتح» في بيان صحفي، بالجهود التي بدأت عملها في كل المناطق التنظيمية والمؤسسات والنقابات الحركية والمسؤولية الفتحاوية في الإعداد والتحضير لهذا اليوم، الذي يحمل مقاما كبيرا في مسيرة وتاريخ الزعيم ياسر عرفات.
- حماس تمنع الذكرى في غزة ..
أكدت حركة «فتح» في قطاع غزة، أن قيادتها اتخذت قرارا بعدم إحياء ذكرى استشهاد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، والتي تصادف الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.
وقال المتحدث باسم الحركة في غزة فايز أبو عيطة، إن «الحركة وفي خطوة استباقية، قررت أن تعلن نيتها عدم عقد مهرجان تأبيني للزعيم الراحل ياسر عرفات، في قطاع غزة، نظرا لسياسة المنع المتكررة التي تنتهجها حركة حماس، ضد كافة أنشطة فتح في غزة».
وأوضح أبو عيطة في تصريح صحفي، أن «حركة فتح لم تتقدم بأي طلب للأجهزة الأمنية التابعة لحماس من أجل عقد المهرجان. وإنما اتخذت القرار بناء على قرارات المنع السابقة التي فرضتها حماس على كوادر فتح في قطاع غزة على مدى السنوات الماضية».
وأشار إلى أنه وكما في السابق، ستعمل حركة حماس على منع أي نشاط لتأبين الزعيم الراحل عرفات في قطاع غزة، لافتا إلى أن حركة فتح ستحيي الذكرى في مناطق متفرقة من الضفة الغربية والشتات.
فيما قال المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة، إياد البزم، إن «حركة فتح، لم تتقدم بأي طلب لوزارة الداخلية من أجل إقامة فعالية إحياء الذكرى الـ12 لرحيل الرئيس ياسر عرفات، في الوقت الذي تقيم فيه الحركة يوميا فعاليات مختلفة لمناسبات أخرى في كافة مناطق قطاع غزة».
وتمنع حركة «حماس» منذ سيطرتها على قطاع غزة بالقوة العسكرية في يونيو/ حزيران 2007، أية نشاطات لحركة «فتح»، كما أنها عرقلت إقامة مهرجان تأبين الزعيم الراحل ياسر عرفات عام 2014 بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، بالتزامن مع تفجيرات من مجهولين طالت منازل قيادات من حركة «فتح» في قطاع غزة.
- محطات هامة في حياة الزعيم ..
يعتبر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، من الشخصيات المحورية في الصراع العربي الإسرائيلي، والتي ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية طوال العقود الخمسة الماضية، ولا يزال عنصرا فاعلا على الساحة السياسية ومحركا رئيسا لأحداثها رغم مرور 12 عاما على استشهاده.
ولد الزعيم الراحل في القاهرة في الـ24 من أغسطس/ آب 1929، وهو الإبن السادس لأب كان يعمل في التجارة، وهاجر إلى القاهرة عام 1927، وعاش في حي السكاكيني. وعندما توفيت والدته وهو في الرابعة من عمره، أرسله والده إلى مدينة القدس، وهناك بدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936.
في عام 1937، عاد مرة أخرى إلى القاهرة ليعيش مع عائلته، ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حاليا)، حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية وتخرج منها عام 1951، وعمل بعدها في إحدى الشركات المصرية. وخلال فترة دراسته كون رابطة الخريجين الفلسطينيين التي كانت محط اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام المصرية آنذاك، واشترك إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي عام 1956.
تزوج الزعيم عرفات في سن متأخرة من السيدة سهى الطويل، وأنجب منها بنتا «زهوة»، ابنته الوحيدة.
ينتمي عرفات إلى جيل القوميين العرب الذي ظهر في الخمسينيات، ولعب أدوارا مهمة في الستينيات والسبعينيات. وقد بدأ حياته في خنادق المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ثم غير خطه الفكري بعد أن آمن بفكرة المفاوضات والتوصل إلى الحق الفلسطيني عبر الحوار من خلال عملية السلام. وأسفرت فترة التسعينيات عن اتفاق «أوسلو»، وإنشاء سلطة فلسطينية في بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
- حركة «فتح» ..
سافر عرفات إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندسا، وهناك كون هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد) عام 1965، خلية ثورية أطلق عليها اسم «فتح»، وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين. وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم «فلسطيننا»، وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965، مارس من خلاله نشاطا دبلوماسيا.
برز اسم الزعيم عرفات بقوة عام 1967، حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل عقب عدوان 1967، انطلاقا من الأراضي الأردنية. وفي العام التالي اعترف به الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ممثلا للشعب الفلسطيني.
انتخب المجلس الوطني الفلسطيني ياسر عرفات، رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969، التي تأسست عام 1964، خلفا ليحيى حمودة، وبدأ مرحلة جديدة من حياته منذ ذلك الحين.
ألقى عرفات خطابا تاريخيا هاما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1974، أكد فيه أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد، واستعرض الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وناشد ممثلي الحكومات والشعوب مساندة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعودة إلى دياره، وفي ختام كلمته قال، «إنني جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين».
اتخذ المجلس الوطني الفلسطيني في نوفمبر/ تشرين الثاني 1988، قرارا بقيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف، استنادا إلى الحقوق التاريخية والجغرافية لفلسطين. وأعلن كذلك في العاصمة الجزائرية عن تشكيل حكومة مؤقتة.
وافق المجلس المركزي الفلسطيني على تكليف ياسر عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية في أبريل/ نيسان من عام 1989، ولدفع عملية السلام أعلن عرفات عام 1990، أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
كان لاتفاق «أوسلو»، الذي وقعه الزعيم عرفات، ورئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت إسحق رابين، عام 1993، نتائج هامة على مسيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ تمخص هذا الاتفاق عن وجود كيان فلسطيني جديد على الأراضي الفلسطينية سمي بالسلطة الوطنية الفلسطينية. وكان أهم ما في اتفاق «أوسلو»، إضافة إلى الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، أنه أوجد شرعية جديدة للعملية التفاوضية.. شرعية تقوم على الاتفاقيات الثنائية وليس على القرارات الدولية الصادرة.
وفي القاهرة وقع ياسر عرفات، وإسحق رابين، عام 1994، على «اتفاق القاهرة»، لتنفيذ الحكم الذاتي الفلسطيني في قطاع غزة وأريحا.
وبعد 27 عاما قضاها في المنفى، عاد الزعيم ياسر عرفات، إلى قطاع غزة رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في يوليو/ تموز 1994. وفي العام التالي حصل عرفات على جائزة «نوبل للسلام»، بالاشتراك مع إسحق رابين، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، وشيمون بيريز، وزير خارجيته.
وبعد الكثير من الأحداث اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى)، بعد الزيارة الاستفزازية التي قام بها أرئيل شارون، في ظل تنامي الحديث عن «هيكل سليمان» والحفريات التي تتم تحت المسجد الأقصى، والخوف المتزايد من إلحاق الضرر به. وقد تعامل إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، بعنف مع هذه الانتفاضة ولم يستطع إخمادها. وفي عهد أرئيل شارون، الذي اختاره الناخب الإسرائيلي لتحقيق الأمن بعد أن عجز باراك عن تحقيقه، استمرت عمليات الانتفاضة واستمرت قوات الاحتلال في محاولات قمعها بعنف أدى إلى استشهاد الآلاف من الفلسطينيين.
وفي كل ذلك كانت حكومة إسرائيل، تحمل السلطة الفلسطينية والزعيم عرفات، مسؤولية ما يحدث، وساءت علاقات أبو عمار، بالولايات المتحدة، التي تبنت وجهة النظر الإسرائيلية، باعتباره متكاسلا عن اتخاذ ما يجب من إجراءات لوقف الانتفاضة، وتعالت الأصوات داخل حكومة إسرائيل الداعية إلى طرد عرفات أو تصفيته جسديا أو اعتقاله ومحاكمته.
واستشهد الزعيم عرفات في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، عن عمر ناهز الـ75 عاما، في مستشفى عسكري بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصاره من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقر المقاطعة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
