أيام قليلة، وتحتفل مصر بالذكرى السابعة لثورة 30 يونيو، تلك الثورة التى أنقذت البلاد من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، حيث نحج المصريون في الحفاظ على دولتهم الوطنية من السقوط وفرضوا إرادتهم الشعبية وانتصروا لهويتم الوطنية ومستقبلهم فى مواجهة جماعة ظلامية.
فقد أنهى الشعب المصري حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها في الحكم، ارتكب خلالها أخطاء فادحة على كافة المستويات، داخليا وخارجيا، وضعت كلمة النهاية في العلاقة بينه وبين الشعب في خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر.
وتحل ذكرى هذا العام، في الوقت الذي تواجه فيه مصر تحديات مصيرية وخطيرة تتعلق بأمنها القومي في مواجهة أذرع التنظيم داخل الحدود وخارجها، وفي مقدمة هذه التحديات أزمة سد النهضة والأزمة الليبية، وذلك إلي جانب مواصلة الحرب ضد الإرهاب الذي انطلق منذ الإطاحة بحكم والأخوان، وبشكل خاص في سيناء، وحتى الآن.
ويلقي تقرير لقناة “الغد” الضوء على ذكري ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن المصريين يتذكروا سنويا ذكري ذلك العام الذي عاشوه في ظل حكم الأخوان الذي أجج الانقسامات في الشارع المصري بصورة غير مسبوقة، ففي ذلك العام الذي تولى فيه محمد مرسي السلطة تمددت رقعة الفوضي في البلاد واختلت الاوضاع الامنية بدرجة خطيرة، فوجدت الجماعات الإرهابية متسعا للتغلغل في العمق المصري، حيث توفرت لها الحاضنة التي رعاها مرسي وجماعته.
وأشار التقرير إلى أنه في شهر مايو من ذلك العام، لا ينسي المصريون حادثة خطف الجنود السبعة في سيناء، حيث أرسل مرسي من يتفاوض مع الجماعة الإرهابية للإفراج عن هؤلاء الجنود، مطلقا النداء المستغرب والمطالب بالحفاظ على الخاطفين والمخطوفين.
وأضاف التقرير، أنه في نوفمبر من العام نفسه أطلقت عناصر الإخوان الطلقات النارية في اتجاه المتظاهرين الذين احتشدوا عند مكت التنظيم في المقطم وهم يهتفون” يسقط يسقط حكم المرشد”، وفي ديسمبر من نفس العام وقع الاعتداء الشهير من عناصر الأخوان على المعتصمين أمام قصر الأتحادية الرئاسي والمحتجين على الإعلان الدستوري لمرسي.
وأشار التقرير إلى أن ذلك العام شهد أيضا تدخل مباشر من مكتب الإرشاد في الحكم لدرجة اجتماعهم في قصر الرئاسة لبحث أمور الدولة، فضلا عن سعي مكتب الإرشاد لأخونة كل مؤسسات الدولة، والإفراج عن العناصر الإرهابية، ومنهم من شارك في اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد التقرير تراجع الاحتياطي النقدي إلى أدنى مستوى فضلا عن زيادة معدلات البطالة وحدوث أزمات خانقة في المواد الغذائية والكهرباء والمواد البترولية.
وأشار التقرير إلى أنه بعد عزل مرسي، بدأت الدولة المصرية تتماسك عاما بعد عام وخاضت، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، غمار مشكلات عديدة في تنفيذ مشروعات قومية كبرى، وتزامن ذلك مع زيادة قدرات القوات المسلحة ومواصلة الحرب ضد الارهاب، كما عادت مصر طرفا فاعلا في المحافل الدولية.
ومن المعلوم أن الجماعة الإرهابية لم تستسلم بسهولة لرغبة المصريين في الخلاص من مخططاتها، فعقب اندلاع الثورة، والإطاحة بحكم الرئيس المخلوع محمد مرسي، دق خطر الإرهاب أجراس الحرب من جديد، وبات في شهور معدودة تلت الثورة من أخطر التحديات الأمنية التى تهدد أمن واستقرار البلاد، بعدما نصب الإخوان مسرحا فى اعتصامهم بمنطقة رابعة العدوية فى مدينة نصر، واعتلى الخشبة عدد كبير من قياداتهم، مطلقين شرارة الإرهاب الأسود بالتحريض المباشر على القتل والتخريب.
وبعد فض قوات الأمن للاعتصامين المسلحين لجماعة الإخوان فى منطقة رابعة العدوية فى القاهرة وميدان نهضة مصر في الجيزة في 2013، وجّهت الجماعة والخلايا المسلحة المنبثقة عنها أسلحتها صوب رجال الشرطة والقوات المسلحة، ولم تسلم الكنائس والمساجد وملحقاتها من الحرق أو النهب أو التخريب، بقصد الانتقام من الدولة وإحراجها وتفريغ أحقادهم كما جرت عادتهم، إذ اعتبروا دور العبادة أهدافاً سهلة، بقصد إحراج الدولة.
كما سعت جماعة الإخوان وحلفاؤها، لتشويه ثورة 30 يونيو الشعبية، وتصويرها على أنها انقلاب عسكرى على الشرعية، وزحفت وراءها صحف ووسائل إعلام عالمية، تداولت تلك المصطلحات المغلوطة فى تقارير عدة إلا أنه سرعان ما تغيرت النبرة العالمية على مستوى الرؤساء وقيادات الدول الكبرى ووسائل إعلامهم، في تحول يعد انتصارا للدولة المصرية وإنجازاتها على ادعاءات جماعة الإخوان.
كل ذلك يقودنا إلي استعراض أبرز الأخطاء التي تسببت في استياء الرأي العام الشعبي والإطاحة بحكم الاخوان، وفي مقدمتها غياب الأمن الغذائي والخدمي، حيث استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل في أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومي يسعي لوقف جشع التجار، كما تكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، بما أثر علي الحركة الحياتية للمواطن، وانعكس ذلك على الانقطاع المتكرر للكهرباء.
هذا بالإضافة إلى أن نظام الإخوان، بدلا من السعي لحل المشاكل الاقتصادية، دخل في معارك عنيفة مع أهم مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الهيئات القضائية والجيش والشرطة والإعلام.
كما رسخ حكم مرسي علي مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي الذي يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف في أغلب الأحيان بــ”العلماني”. وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج، اتجه إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض.
وعمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة علي ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامي الشعور المعادي له من يوم لآخر.
وشهدت مصر خلال عام من حكم مرسي أعمالاً فوضوية وهمجية غير مسبوقة بعضها كان بتحريض من الرئيس وجماعته كحادث قتل الشيعة بالجيزة.
كما تم افتعال الأزمات الرامية إلى تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمني، وكانت أبرز المشاهد إحياء ذكري أحداث محمد محمود، وستاد بور سعيد، وأحداث قلاقل أمنية من آن لآخر بالعديد من المحافظات خاصة بور سعيد والسويس.
هذا فضلا عن إصدار العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التي تسببت في زيادة الضغط الشعبي علي الجهاز الأمني بالخروج في مظاهرات عارمة الي الاتحادية والتحرير، فشهدت مصر أول حالة سحل لمواطن على مرأى العالم أجمع.
والأخطر كدذلك، قيام نظام الأخوان بالإفراج عن سجناء جهاديين من ذوي الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة، ونفذت هذه الجماعات فعلاً خسيساً بالإجهاز على 16 شهيداً من الأمن وقت الإفطار في رمضان، وبعد أشهر تم اختطاف سبعة جنود قبل أن يفرج عنها بفعل حشود الجيش لتعقب الإرهابيين، وتدخل جماعة الرئيس للإفراج عن الجنود. فضلاً عما تكشف بعد إقصاء هذا الرئيس من كون هذه الجماعات الإرهابية السند لجماعة الإخوان في حربها الإرهابية ضد الدولة.
وعلي صعيد السياسة الخارجية، فشلت الزيارات المتعددة التي قام بها مرسي شرقاً وغرباً في فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودولاً عديدة في العالم، وبات واضحاً ان علاقات مصر الخارجية تقزمت في دول بعينها تدعم حكم الإخوان في مصر مثل “قطر وتركيا” وتراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة خاصة في العالم العربي.
وفيما يتعلق بالقضية الأخطر في تاريخ مصر، كانت هناك معالجة سلبية للغاية من جانب الرئيس المخلوع لمباشرة إثيوبيا بناء سد النهضة، كشفت عن الافتقاد لأسس التعاطي مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة، فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوي السياسية وبثه علي الهواء بما ساهم في توتر العلاقات مع الجانب الإثيوبي وأجهض أسس الحوار السياسي معه.