مقتل الظواهري.. رحيل «أمير» أم نهاية تنظيم؟

في 31 يوليو/ تموز 2022.. أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة أمريكية نفذت في أفغانستان.

كان الظواهري قد تسلم زعامة تنظيم القاعدة بعد مقتل أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وقد خصصت واشنطن جائزة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

وقال بايدن إن الظواهري كان العقل المدبر أو لعب دورا رئيسيا في الهجمات على المدمرة الأمريكية كول وسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.

وذكر مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية للصحفيين أن المخابرات الأمريكية حددت “بدقة  عالية” من خلال مصادر متعددة أن القتيل هو الظواهري.

قُتل الظواهري في شرفة “منزل آمن” بكابول كان يقيم فيه مع أفراد آخرين من عائلته ولم تقع إصابات أخرى.

وقال المسؤول الأمريكي الكبير إن العثور على الظواهري كان نتيجة عمل مكافحة الإرهاب المستمر، وأضاف أن الولايات المتحدة حددت هذا العام أن زوجة الظواهري وابنته وأطفالها انتقلوا إلى منزل آمن في كابول، ثم حددت أن الظواهري كان هناك أيضا.

ولسنوات عديدة، كانت الحكومة الأمريكية على علم بشبكة استطاعت دعم الظواهري، وعلى مدار العام الماضي بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، كان المسؤولون يراقبون المؤشرات على وجود القاعدة في البلاد.

 

 

ازدادت ثقة مسؤولي المخابرات الأمريكية في أنهم حددوا هوية الظواهري بشكل صحيح في المنزل الآمن في كابول، وفي أوائل أبريل /نيسان بدؤوا في إطلاع كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية على ما لديهم من معلومات، بعدها أطلع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، الرئيس جو بايدن.

وعقد بايدن اجتماعات مع كبار المستشارين وأعضاء الإدارة لفحص معلومات المخابرات وتقييم أفضل مسار للعمل، وفي أول يوليو/ تموز أطلع أعضاء الإدارة، بايدن على عملية مقترحة في غرفة العمليات بالبيت الأبيض.

وقال المسؤول: “لقد تمكنا من تحديد نمط حياة (الظواهري) من خلال مصادر معلومات مستقلة متعددة لتوجيه العملية، وبمجرد وصول الظواهري إلى المنزل الآمن في كابول، لم يصل إلى علم المسؤولين أنه غادره ورصدوه في شرفته – حيث استُهدف في نهاية المطاف.

ونفذت طائرة مسيرة الضربة في النهاية الساعة 9:48 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (01:48 بتوقيت جرينتش) باستخدام صواريخ “هيلفاير”، حيث تم إطلاق صاروخين قتل على إثرهما في الشرفة.

الظواهري وطالبان

أثار مقتل زعيم القاعدة تساؤلات بشأن ما إذا كانت طالبان توفر له الملاذ الآمن بعد وصولها للحكم في أغسطس/آب 2021 .

حيث ذكر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن حركة طالبان انتهكت “على نحو صارخ” اتفاق الدوحة 2020 من خلال استضافة أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة وإيوائه، بعدما تعهدت بعدم السماح بأن تصبح أفغانستان ملاذا للجهاد الدولي، لكن خبراء يقولون إن الجماعة لم تقطع يوما علاقاتها مع القاعدة.

 

 

وفي أول رد فعل لحكومة طالبان استنكر ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة ما فعلته أمريكا وقال إن هذا انتهاكا صارخا للمبادئ الدولية.

ونفت حركة طالبان علمها بوجود زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أفغانستان، لكن وفقا لهانس-جاكوب شندلر فإن مكان قتله “يؤكد مرة جديدة وأخيرة أن طالبان مستعدة، كما كانت في التسعينيات، لإيواء وحماية القاعدة.

تأثير مقتل الظواهري على التنظيم

شكّل مقتل الظواهري أكبر ضربة لتنظيم القاعدة منذ اغتيال القوات الأمريكية الخاصة أسامة بن لادن العام 2021، وبمقتل الظواهري يدخل التنظيم فترة حرجة لاختيار خليفة لزعيمه.

ويرى مراقبون أن فقدان زعيم التنظيم الإرهابي لن يغير شيئا من خططه، كما أنه لن يؤثر على قدرات الجماعات التابعة للتنظيم والناشطة من منطقة الساحل إلى المحيط الهادي.

فالظواهري الذي خلف عام 2011 أسامة بن لادن الذي قُتل بضربة أمريكية في باكستان، دور محوري في آلية جعل التنظيم لامركزيا ما سمح للقاعدة بتجاوز المحن، وفق ما شرح هانس-جاكوب شندلر وهو خبير أممي سابق في شؤون الإرهاب.

وأضاف شندلر أن الظواهري أدخل إلى الشبكة جهات فاعلة جديدة مهمة مثل حركة الشباب التي تسيطر حاليا على 30% من مساحة الصومال وأشرفت عام 2017 على تدريب جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التحالف الجديد التابع للقاعدة في غرب إفريقيا.

ويوضح شندلر أن الظواهري “لم يكن منخرطا في القرارات اليومية لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وحركة الشباب وجماعة أبو سياف في الفلبين” وبالتالي فإن موته لن يغير شيئا في خططها، لكنه يضيف أن زعامة التنظيم تحتاج إلى “شخصية تتمتع بتفوق معين لأنه ينبغي على زعيم كل جماعة أن يعلن ولاءه لها”.

ويرى مركز الإمارات للدراسات أن مقتل الظواهري مثل ضربة معنوية للتنظيم سوف تنعكس بالتبعية على الأفراد بسبب ما يمثله الظواهري من مكانة قيادية ورمزية تاريخية في ما يسمى “الحركة الجهادية”. وبسبب ما يحمله هذا الحدث من دلالات عملية؛ فهو مؤشر على التآكل المستمر للقاعدة، وعلى أن الحرب على الإرهاب تكتسب فعالية متزايدة، وهذه الفعالية تظهر أيضاً في كون مقتل الظواهري حدث بعد مقتل مُنافسِهِ، زعيم تنظيم داعش إبراهيم الهاشمي القرشي، في إدلب بسوريا، وكل هذا يثير مخاوف مُنتسبي التنظيم وقياداته الذين ما برحوا عرضة للاستهداف بصورة متوالية. وكما حصل مع تنظيم القاعدة الأم، فقد سبق وأن خسر الفرع اليمني زعيميه المؤسسين، ناصر الوحيشي وقاسم الريمي، نتيجة هذه الحرب.

خلفاء محتملون للظواهري

من بين الخلفاء المحتملين، يعدد الخبراء بشكل أساسي مصريَين اثنين هما سيف العدل الذي كان ضابطا في القوات الخاصة المصرية وهو شخصية من الحرس القديم في القاعدة ويُقال إنه موجود في إيران، وأبو عبد الكريم المصري وهو قائد في تنظيم حراس الدين في سوريا.

ويوضح مركز صوفان وهو مركز أبحاث أمريكي مستقل متخصص، أن اختيار الزعيم الجديد سيكشف الكثير عن الخطط المستقبلية للقاعدة” مشيرا إلى أن “القضاء أو إلقاء القبض في السنوات الأخيرة على مجموعة كبيرة من القادة في الحرس القديم يترك هامشا ضيقا أكثر فأكثر للخلفاء المحتملين”.

غير أن المركز يشير إلى أن التواطؤ المفترض لسيف العدل مع إيران حيث يُقال إنه أمضى الفترة الأكبر من السنوات العشرين الماضية، قد يفقده دعم الجيل الجديد في القاعدة والأعضاء الأكثر عداء حيال الشيعة في التنظيم، لصالح قادة موجودين في سوريا على غرار أبي عبد الكريم المصري.

من المرشحين أيضا لتولي زعامة التنظيم يزيد مبارك الملقب بأبي عبيدة يوسف العنابي والذي بويع أميرا للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عام 2020 بعدما قتلت غارة فرنسية سلفه وذلك بعد إدارته لأحد المجالس القيادية للجماعة وترأسه لآخر.

وأدار مبارك، وهو مواطن جزائري، الأنشطة الإعلامية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وظهر في مقطع فيديو عام 2013 يدعو فيه إلى شن هجمات ضد المصالح الفرنسية في أنحاء العالم بعد أن أرسلت باريس قوات للمساعدة في قمع التمرد المسلح في مالي، بينما تشير تقارير إلى أن مبارك يعاني من إصابات قديمة ويفتقر إلى الجاذبية التي تمتع بها سلفه.

 

 

من المرشحين أيضا عبد الرحمن المغربي، وقال مكتب التحقيقات الاتحادي إن المغربي درس البرمجة في ألمانيا قبل أن يغادر إلى أفغانستان حيث تم اختياره لإدارة الجناح الإعلامي الرئيسي للقاعدة، والمغربي هو صهر الظواهري وقيادي بارز في القاعدة.
وأشارت وثائق عُثر عليها في أثناء عملية قتل بن لادن إلى أن المغربي كان نجما صاعدا في الجماعة لسنوات عديدة. وشغل منصب القائد العام للقاعدة في أفغانستان وباكستان.

كما شملت الترشيحات كلا من خالد باطرفي، وهو زعيم فرع «القاعدة» في شبه جزيرة العرب، وانتقلت الزعامة إليه عقب مقتل قاسم الريمي في غارة أمريكية في فبراير/شباط عام 2020، وأحمد عمر (ديري) أو أبو عبيد، وهو زعيم حركة الشباب الصومالية.

وتبقى هوية الزعيم الجديد للتنظيم ما سوف يحدد مستقبل التنظيم، فبحسب ما ذكره مركز الإمارات للدراسات حال اختيار سيف العدل، على سبيل المثال، وهو رجلٌ تقول التقارير إنه أكثر كاريزما وسيطرة من الظواهري، فإن ثمة احتمالاً، ولو بعيداً، بأن ينعكس توليه في خلق أو زيادة التعاون والصلات المفترض وجودها بين التنظيم وميليشيا الحوثي، وذلك بحكم علاقة العدل المُفترَضَة بإيران.

وفي حال اختيار اليمني، خالد باطرفي، لقيادة التنظيم العالمي خلفاً للظواهري، كونه يقود الفرع الإقليمي الأهم، وكونه من قدامى المحاربين، ومتحدثاً جيداً، هذا على الرغم من كونه يفتقر إلى دراية كافية بالشريعة والمسائل الدينية، فإن ذلك بقدر ما يضفي أهمية على مكانة التنظيم بين فروع القاعدة، إلا أنه قد يتسبب له ببعض التعقيدات الداخلية، إذ إن التنظيم قد يواجه صعوبة في إيجاد بديل لباطرفي يحظى بالإجماع؛ فهو بدوره يعاني من أزمة قيادات، وضعفت قدرته على تدريب وتصعيد جيل جديد.

 

 

وفي حال تم تصعيد شخصية مثيرة للجدل ولا تحظى بالإجماع أو ضعيفة، فإن ذلك سيخلق إرباكاً لعلاقة التنظيم بالقاعدة الأم، وكلما اتسع الخلاف حول شخصية الزعيم الجديد والاختلاف معها، دفع ذلك التنظيم إلى تبني سياسات أكثر راديكالية ومواقف أكثر استقلالاً، وقد يدفع الأمر بعض قياداته ومنتسبيه، على الأقل، إلى إعادة النظر في ولائهم للقيادة الجديدة، وهو ما يُهدد بحدوث انشقاقات داخل التنظيم.

في ذات الوقت قد يمثل رحيل الظواهراي تعزيزا لموقف تنظيم داعش واستقطابه لعدد من أنصار القاعدة.

ختام

المستغرب أن التنظيم لم يعلق على اغتيال زعيمه حتى اللحظة، غير أنه خرج بتسجيل صوتي منسوب لزعيمه دون تحديد تاريخ التسجيل وإن كان قبل أو بعد الإعلان عن اغتيال الظواهري.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]