قالت فرنسا، اليوم الجمعة، إن اثنين من جنودها قتلا في عملية إنقاذ أربع رهائن في منطقة الساحل بأفريقيا، مضيفة أن الرهائن وبينهم أمريكية ومواطن من كوريا الجنوبية وفرنسيان بخير الآن.
وخطف سائحان فرنسيان أثناء قيامهم برحلة سفاري في بنين الأسبوع الماضي وعثر على مرشدهم المحلي ميتا.
ونُفّذت العملية العسكرية ليلا لتحرير السائحين الفرنسيين باتريك بيك ولوران لاسيمويا، اللذين فقد أثرهما في حديقة بندجاري الوطنية في الأول من مايو/أيار.
في أعقاب الانقلاب العسكري، الذي أطاح بالرئيس النيجري المنتخب، محمد بازوم، في 26 يوليو/ تموز الماضي، هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «إيكواس»، بالتدخل العسكري بهدف إعادة الحكومة الشرعية إلى سدة الحكم، إلا أن الانقلاب اللاحق في الغابون، فرض هدوءًا نسبيًّا على حدود النيجر مع مجموعة إيكواس، بينما بقيت أزمة سحب جنود فرنسا من النيجر، تهدد بمزيد من التوتر، مع تشديد فرنسا على موقفها برفض سحب جنودها رغم الانتفاضة الشعبية في النيجر ضدها.
كانت وزيرة خارجية فرنسا، كاترين كولونا، وفي لقاء مع صحيفة لوموند، جددت الحديث عن بقاء السفير في النيجر، لأنه ممثل فرنسا لدى سلطات النيجر الشرعية، وليس على باريس أن تنصاع لتعليمات وزير من الانقلابيين لا يتمتع بأي شرعية، حسب تعبيرها!
ورغم رفض فرنسا التي تظهر عدم مرونتها أمام قرارات الانقلابيين بحق سفيرها وجنودها.. يبقى هناك شكّ، وفق صحيفة «لاكروا» الفرنسية، بأنه لا بد لفرنسا أن ترضخ في نهاية المطاف للوضع الحالي.
ومؤشرات تراجع فرنسا، كشفت عنها، أمس الثلاثاء، مصادر لصحيفة «لوموند»، مؤكدة أن الجيش الفرنسي يناقش مع العسكريين سحب جزء من جنوده من النيجر، وأن المناقشات تجري فقط بين الجانب الفرنسي والجيش في النيجر، وليس مع المجلس العسكري، حيث تصر باريس على الاستمرار في عدم الاعتراف بالحكومة الناتجة عن الانقلاب. كما أنه لم يجر تحديد عدد الجنود الذين سيغادرون في هذه المرحلة ولا طرق المغادرة، ولكن جرى الاتفاق على هذه الصيغة.
حاليا، يجري نشر نحو 1500 جندي فرنسي في النيجر يتوزعون على ثلاث قواعد: في العاصمة نيامي، وفي أولام شمال العاصمة، وفي أيورو بالقرب من الحدود مع مالي. ويمكن إعادة نشر بعض الوحدات في المنطقة، ولا سيما في تشاد المجاورة، أو إعادتها مباشرة إلى فرنسا.
ورصدت الدوائر الفرنسية، تطورات الأوضاع الميدانية وما وصفته بـ «عداء أكثر حدة ضد فرنسا في النيجر»، ونقلت الصحف الفرنسية عن منسق في مجموعة «إم 62» بالعاصمة نيامي ـ عبد الله سيدو ـ بأنهم «سيواصلون التعبئة حتى يغادر آخر جندي فرنسي أرض بلادهم، وصونها من قبل الفرنسيين وفق قوله إهانة للشعب النيجري، كما أن الأمر متروك لهم لتقدير شرعية حكّامهم ، وليس لإيمانويل ماكرون»
ويرى متخصصون في الشؤون الإفريقية، أنه لا يوجد تعارض بين مواقف فرنسا والولايات المتحدة في إفريقيا، وأن واشنطن لا تريد طرد فرنسا من القارة السمراء، ولكنها فقط تتواصل مع الانقلابيين حتى تغلق الأبواب في وجه روسيا. وقال الباحث مايكل شوركين، إن فرنسا والولايات المتحدة لديهما نفس المصالح ونفس الأهداف. لكن من الواضح، أن المواقف الفرنسية لا تحقق نتائج جيدة في مالي أو في جمهورية إفريقيا الوسطى أو غيرها من الدول الإفريقية.
وأضاف لصحيفة لوفيغارو: «رغم أن الأميركيين يعرفون أن محمد بازوم شريك جيد وفعال وعملي، وأنه لا يمكنهم الرهان على المجلس العسكري وقدرته على تحديد السياسات الجيدة، إلا أنه ولسوء الحظ، يجب عليهم مواصلة الحديث مع هذه القوة الموجودة في نيامي. وذلك ليس سعيًا من الولايات المتحدة لاستبدال فرنسا، إنما محاولة ملء الفراغ وإغلاق الباب أمام الروس في إفريقيا والحد من توسع الصين التي حجزت بالفعل مكانا قويا لها في القارة السمراء».
