مكاسب متبادلة.. أردوغان على طريق روسيا
يبدو أن رهان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في اللعب مع موسكو، قد حقق مكاسب كبيرة لتركيا وهي «على طريق روسيا»، بحسب تقديرات الدوائر السياسية الغربية، التي رصدت نتائج القمة الروسية التركية التي اختتمت أعمالها مؤخرا في منتجع سوتشي والتي وصفتها بالمشجعة، حيث تم الاتفاق على جميع القضايا الأساسية تقريبا، وفي المقدمة:
- التعاون الاقتصادي.. وبناء محطة الطاقة النووية، الذي تقوم به الشركة الروسية «روس آتوم» في تركيا.. والاستمرار في ضخ الهيدروكربونات عبر «السيل التركي» في ظروف العقوبات الغربية، حيث تتجه تركيا لتحل محل ألمانيا كمركز للطاقة يزود عشرات الدول الأوروبية بالنفط والغاز الروسيين.
ومن الواضح أنه تحقق خلال القمة الروسية ـ التركية، تقارب في المواقف حيال الوضع في سوريا، حيث كان يتعذر الاتفاق بين أنقرة وموسكو من قبل، وقد أطلق الرئيس فلاديمير بوتين، على مقاربة الرئيس التركي للوضع في سوريا بـ «العادلة».
ويرى الباحث الروسي، أندريه بارانوف، في صحيفة «كومسومولسكايا برافد»، أن الخبراء والمحللين يؤمنون بحقيقة أن أردوغان يدافع بالدرجة الأولى عن مصالح تركيا الوطنية؛ وفي الوقت نفسه، من نواح كثيرة، يسير في ملاقاة روسيا، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يزعج الغرب.. فهل بات لدى روسيا ـ حقا ـ حليف جديد، ومن أين جاء هذا التحالف فجأة؟
وفي الإجابة عن هذا السؤال، قالت الباحثة السياسية في الشؤون التركية، كارين غيفورغيان، للصحيفة الروسية، : إن أردوغان سياسي موهوب للغاية، يلعب بمهارة حتى بأوراق لعب ليست هي الأفضل، ومشكلته الرئيسية الآن هي الانتخابات الرئاسية في العام 2023؛ والوضع الذي يعانيه اقتصاد البلاد، وهو أمر بالغ الأهمية. لقد ارتفع التضخم في شهر يوليو/ تموز إلى حدود 78.6٪. ومع هذه الغلاء الكبير، يتدهور مستوى معيشة الملايين من الأتراك، وينمو التوتر الاجتماعي، ويمكن أن يولّد الضغط انفجارا.
- وهكذا، فإن تعزيز التعاون مع روسيا، يحل للزعيم التركي العديد من المهام التكتيكية في وقت واحد، ما يمنحه وزنا سياسيا إضافيا في الانتخابات القادمة”.
ويشير المحلل السياسي، أونور أنت، في وكالة «بلومبرغ» الأمريكية، إلى دعم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لنظيره التركي، رجب طيب أردوغان، فجاء في لحظة حرجة بالنسبة له، حيث تحتاج أنقرة إلى استقرار الاقتصاد قبل أقل من عام على الانتخابات العامة..وقال «أونور أنت»، إن الاجتماع ما بين الرئيسين بوتين وأردوغان، والذي استمر أربع ساعات في سوتشي الأسبوع الماضي، أسفر عن تفاهمات تسمح لتركيا بالتخلي عن الدفع بالدولار مقابل بعض واردات الغاز الروسي.
- ويذكر أن أنقرة تمتنع عن الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد موسكو، حيث يريد أردوغان تعميق العلاقات الاقتصادية مع روسيا، دون إثارة قطيعة كاملة مع حلفاء «الناتو» التقليديين.
وبحسب المحل السياسي، فإن ذلك الانتقال الجزئي لتركيا في دفع ثمن الغاز الروسي، ستؤدي إلى استقرار الليرة التركية، وتمنع موجات جديدة من الزيادات في الأسعار. ويأتي ذلك بعد وقت قصير من زيادة احتياطيات تركيا من الذهب والعملات الأجنبية فعليا بسبب تحويل الأموال من شركة الطاقة النووية الروسية الحكومية «روس آتوم» إلى فرعها التركي «أكويو نيوكلير» لبناء محطة الطاقة النووية التركية على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وكانت الليرة التركية قد انهارت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي بنسبة 18%، وهو أقصى انخفاض خلال العشرين عاما الماضية، وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول تم تسجيل رقم قياسي هو 18.4 ليرة للدولار، ثم تسارع التضخم السنوي على خلفية التقلبات في العملة الوطنية، ليصل إلى 36%. وهو ما أدى إلى رفع تكلفة كل شيء في تركيا، من الغذاء إلى الطاقة والخدمات، ودفع بتضخم الأسعاء على المستهلكين إلى نحو 80%، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم.
