منذ أحبط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولة الانقلاب الفاشلة التي اجتاحت تركيا في منتصف يوليو/ تموز في 2016، ويعاني الرجل من 4 ألغام على وشك الانفجار في وجهه (الملفات الاقتصادية والتطرف والحريات وليس أخيرا معركة الباب السورية)، فعقب محاولة الانقلاب، تم اعتقال آلاف الأتراك، ما فتح باب الانتقاد على مصراعيه في وجه الرئيس التركي، وتزايدت الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة العشرات، ما انعكس سلبا على الاقتصاد والليرة التركية التي تواجه انخفاضا حادا أمام الدولار، بالإضافة إلى انخفاض عدد السياح إلى تركيا في 2016 إلى 21.35 بالمائة، في وقت كان يضيف قطاع السياحة نحو 30 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي سنويا.
ويري بعض المراقبين للشأن التركي أن أنقرة تتبنى إجراءات أكثر صرامة مع خصوم الحكومة التركية، أو من تشك أنهم يضمرون العداء لها على الساحة الداخلية فضجت السجون بعشرات الآلاف من المناوئين الذي منحتهم الحكومة صفة الإرهابيين، والذين لم تخل الطبقة السياسية منهم حسب وجهة نظر الحكومة.
وخارجيا توترت علاقات تركيا مع من تعتقد أنه قد وفر دعما للانقلابيين أو حتى لم يقم بإدانة محاولة الانقلاب بالوقت والشكل الذي يلائم رؤية أنقرة، في وقت انخفض عدد السياح إلى تركيا في 2016 إلى 21.35 بالمائة، في وقت كان يضيف نحو 30 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي سنويا.
الاقتصاد يقصم ظهر الأتراك
تعاني تركيا من أزمة اقتصادية هي الأقوى منذ سنوات يمكن فهمها من انخفاض الليرة إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار الامريكي وتضرر قطاع السياحة الذي كان يعتبر عنصرا مهما في الاقتصاد بشكل كبير.
وأظهرت بيانات أن مؤشر الثقة الاقتصادية في تركيا انخفض أكثر من 18% إلى مستوى قياسي في ديسمبر/ كانون الأول بما يشير إلى توقعات أكثر تشاؤما بعد انكماش الاقتصاد بنسبة 1.8% في الربع الثالث.
وقال معهد الإحصاء التركي إن المؤشر، وهو مقياس واسع للثقة في الاقتصاد، نزل إلى 70.52 نقطة في الشهر الأخير من العام مقارنة مع 86.55 في الشهر السابق.
وهذا هو أدنى مستوى للمؤشر منذ أن بدأ معهد الإحصاء في جمع البيانات في يناير كانون الثاني 2012. ويعكس المؤشر توقعات اقتصادية متفائلة حين يتجاوز المائة بينما يشير إلى توقعات متشائمة حين يقل عن هذا المستوى.
وقالت وزارة السياحة اليوم الخميس إن عدد الأجانب الذين زاروا تركيا انخفض 21.35 بالمائة إلى 1.35 مليون في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وتضرر قطاع السياحة، الذي يضيف نحو 30 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي كل عام، جراء سلسلة من التفجيرات أُلقيت مسؤوليتها على تنظيم داعش والمسلحين الأكراد وبسبب أزمة دبلوماسية مع روسيا اندلعت قبل أكثر من عام. واتفقت موسكو وأنقرة في أغسطس/ آب على تطبيع العلاقات بينهما.
الليرة تنخفض أمام الدولار
من جانبه اتهم أردوغان اليوم الأربعاء المضاربين على العملة باستهداف الاقتصاد التركي، وقال إنه لا يرى أي مبرر اقتصادي ملموس لارتفاع الدولار مقابل الليرة التركية في الآونة الأخيرة.
وكانت الليرة التركية شهدت في نوفمبر/ تشرين الثاني أسوأ أداء شهري لها منذ الأزمة المالية في عام 2008 حيث سجلت انخفاضا حادا أمام الدولار بلغ 19%.
وتضررت العملة التركية بفعل صعود الدولار ومخاوف متعلقة باتساع نطاق حملة الحكومة التي أعقبت محاولة الإنقلاب في يوليو تموز، ما استدعى أردوغان لمطالبة الأتراك لبيع النقد الأجنبي وشراء الليرة.
وقال أردوغان، في حديث للصحفيين،إنه يتوقع من الحكومة والبنك المركزي إبداء مزيد من الحساسية إزاء أسعار الفائدة في الفترة القادمة، وطلب من المواطنين عدم إسباغ المصداقية على “جماعة ضغط سعر الفائدة”.
وسبق أن استخدم الرئيس التركي مصطلح “جماعة ضغط سعر الفائدة” للإشارة إلى المضاربين الأجانب الذين يحققون بحسب قوله مكاسب سريعة من أسعار الفائدة المرتفعة على حساب سلامة الاقتصاد التركي.
وطالب أردوغان البنوك وبخاصة الحكومية، اليوم الأربعاء، لخفض أسعار الفائدة وقال إن البنك المركزي يجب أن يعمل على هذه القضية لخفض أسعار الفائدة.
وفي خطاب ألقاه من القصر الرئاسي كرر إردوغان دعوته للأتراك لبيع النقد الأجنبي، وقال إن سعر صرف الليرة التي هبطت إلى مستوى قياسي جديد الثلاثاء لا يعكس الحقائق الاقتصادية.
تركيا تدفع ضريبة إيواء المتطرفين
تفجير ملهى ليلي في إسطنبول، أسفر عن مقتل 39 قتيلا، بينهم أجانب وإصابة أكثر ما يزيد على 65، سبقه تحريض من الأوساط الدينية المحافظة في تركيا ضد الاحتفال بأعياد نهاية السنة، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته أمس عن الاعتداء.
وبينما لا تزال السلطات التركية تلاحق منفذه معلنة اعتقال ثمانية أشخاص، عدت صحيفة “لوموند” أن الهجوم على الملهى الليلي في إسطنبول يستهدف ضرب نمط الحياة الغربية.
وتقول الصحيفة إن تركيا وإن كانت هدفا منذ فترة للهجمات الإرهابية بحكم موقعها الجغرافي وقربها من سوريا ودورها في الحرب في هذا البلد، وكذلك بحكم حربها ضد الأكراد في الداخل المطالبين بالاستقلال، فإن الهجوم الإرهابي الأخير في إسطنبول الذي جاء مع الاحتفال بأعياد نهاية السنة الميلادية سبقته موجة من التحريض وحملة إعلامية كبيرة من أوساط الإسلام السياسي في تركيا ضد الاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة حيث تم توزيع منشورات في عدد من المدن التركية تحذر من الاحتفال بهذين العيدين.
هذه الدعوات، تتابع اليومية الفرنسية، روجت لها وسائل إعلام موالية للحكومة التركية، حيث كتبت صحيفة ميلي غازيت اليومية المقربة من الإسلاميين المحافظين في السلطة، في افتتاحيتها في عدد 31 من ديسمبر قائلة: “هذا هو التحذير الأخير، لا تحتفلوا بعيد الميلاد ونهاية السنة”، ووصفت هذه الاحتفالات بمناسبات للشرب والقمار والفجور.
وأضافت الصحيفة التركية في افتتاحيتها لماذا نرى شجرة الميلاد وبابا نويل في كل مكان في المحال التجارية، في الشوارع وفي البيوت، متسائلة: ألسنا هنا في دولة إسلامية؟
وتوقفت صحيفة “لوموند” في مقالها عند مظاهر أخرى من التشدد تقف وراءها الأوساط الدينية المحافظة في تركيا والمقربة من السلطة.
تركيا سجن الصحافة الكبير
سجل عدد الصحفيين المعتقلين والمحتجزين في العالم لعام 2016 ارتفاعا ملحوظا مقارنة بعام 2015، فيما حلت تركيا في المرتبة الأولى في لائحة الدول، حسب منظمة “مراسلون بلاحدود”.
وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول، “هناك 348 صحفيا (بمن فيهم مراسلون يعلمون بالقطعة ومدونون) مسجونون في العالم ما يمثل زيادة نسبتها 6 بالمائة على 2015، أما عدد الصحفيين المحترفين فقد ارتفع بنسبة 22 بالمائة، كما ارتفع عدد الصحفيين المسجونين في تركيا بمقدار أربعة أضعاف بعد الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو”.
وقال كريستوف ديلوار الأمين العام للمنظمة “على أبواب أوروبا، ألقت حملة مطاردة حقيقية عشرات الصحفيين في السجون وجعلت تركيا أكبر سجن لهذه المهنة، فخلال سنة واحدة قضى نظام أردوغان على كل تعددية إعلامية أمام اتحاد أوروبي يلتزم الصمت”.
معركة الباب السورية
أردوغان قال في تصريح اليوم الأربعاء إن الهجوم الذي يشنه مقاتلون سوريون بدعم من أنقرة لانتزاع السيطرة على بلدة الباب السورية من قبضة داعش سينتهي قريبا، رغم نفي الخارجية التركية وجود عمليات تركية في المدينة.
وأضاف في كلمة بثها التليفزيون التركي إنه عازم على تطهير مناطق أخرى في سوريا من بينها بلدة منبج خلال العملية التي تساندها تركيا.
وتقع منبج على بعد 30 كيلومترا شرقي الباب.
وفي وقت سابق نفى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أنه ليست هناك عملية مشتركة بين تركيا وروسيا ضد تنظيم داعش في مدينة الباب السورية.
بينما قال بيتر كوك المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفذ طلعات جوية دعما للقوات التركية بطلب من تركيا قرب مدينة الباب السورية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الأسبوع الماضي.