ممرات الملاحة العالمية الجديدة تهدد قناة السويس والاقتصاد المصري

لم تأخذ عملية ذوبان الجليد بالقطب الشمالي، سوى سنوات قليلة، فقط من عام 1981 وحتى 2007، وانعكس تأثير هذا الذوبان بشكل مباشر على إرتفاع مستوى مياه البحر، كما يستتبعه العديد من التداعيات على الاقتصاد العالمي لاسيما الاقتصاد المصري.

وبالإضافة إلى خطر تأثير إرتفاع مستوى مياه البحر المحتمل، على منطقة الدلتا، بغمرها بمياه البحر، فإن ذوبان هذا الجليد سيعني أيضا فتح ممرات بحرية جديدة لتربط بين آسيا من جهة وبين شمال أوروبا وشمال أفريقيا من جهة أخرى، والتي من المتوقع أن تكون أكثر جذبا للسفن مقارنة بقناة السويس.

ويرجع ذلك إلى قصر المسافة، ومن ثم فزمن الرحلة سيكون أقصر ومصاريف الوقود ستكون بالتأكيد أقل، كما سيتجنب أصحاب تلك السفن دفع الجمارك ورسوم العبور من قناة السويس.

ويمكن حصر الممرات البديلة لقناة السويس فيما يلي:

أولا: ممرات القطب الشمالي:

ويطلق عليها اسم «طريق بحر الشمال»، وهذا الطريق يربط بين المحيطين الهادي والأطلسي على طول ساحل القطب الشمالي الروسي من بحر بارنتس، بمحاذاة سيبيريا، إلى الشرق الأقصى ولذلك فهو لا يصل للمحيط الأطلنطي، ويمكن تقسيم هذا الطريق إلى:

الممر الأول: يمر شرق القطب الشمالي، وتبلغ المسافة عبره من ميناء روتردام في هولندا إلى ميناء طوكيو 14،100 كم.

الممر الثاني: يمر غرب القطب الشمالي، وتبلغ المسافة عبره من ميناء روتردام في هولندا إلى ميناء طوكيو 15،900 كم.

وقد بدأت فكرة الربط بين المحيطين الأطلسي والهادي عام 1525، فيما كان التجار والمستوطنين على ساحل البحر الأبيض، أول من اكتشف أجزاء من ذلك الطريق في وقت مبكر من القرن الحادي عشر.

2007_Arctic_Sea_Ice

كما اكتشفت دول شمال أوروبا كإنجلترا وهولندا والدنمارك الأجزاء الغربية من ذلك الطريق، وقتما كانوا في حاجة إلى بديل بحري للوصول للصين والهند، وعلى الرغم من أن حملاتهم الاستكشافية فشلت في البداية، إلا أنهم وصلوا من خلالها إلى اكتشاف سواحل وجزر جديدة.

وأكدت مصادر تاريخية عديدة، أن البحار البرتغالي ديفيد سالجيرو، أبحر عبر الممرات في الفترة بين أعوام 1660 و1662، مسافرًا من اليابان للبرتغال، معتمدا على حقيقة علمية أثبتت مسبقًا، أن عام 1660 هو أكثر عام في درجات الحرارة بتلك المنطقة، خلال قرنين، ليكون بذلك هو أول من تمكت من تحقيق عبورًا كاملًا عبر ذلك الممر.

ثانيا: ممر رأس الرجاء الصالح:

وهو ممر قديم كانت تسير فيه السفن بشكل تقليدي، قبل إنشاء قناة السويس، حيث تم حفر القناة كممر ملاحي في القرن التاسع عشر، كبديل تنافسي لطريق رأس الرجاء الصالح، الذي يدور حول إفريقيا، لكن يبدو أن الممر الجديد سيصبح منافسًا جديدًا للقناة، التي أنهت سيطرة رأس الرجاء الصالح على طرق التجارة إلى الهند.

ومؤخرا دفع تراجع أسعار النفط، بعض شركات الملاحة البحرية، إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلا من المرور عبر قناة السويس لتجنب دفع رسوم العبور المرتفعة، التي تدفعها خلال مرورها بقناتي السويس.

وذكر تقرير صادر عن مؤسسة «سي انتل» العالمية المتخصصة في دراسات النقل البحري، أن استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس يوفر 235 ألف دولار لكل رحلة بحرية وهو ما يعد حافزا قويا لشركات الشحن العالمية التي تعاني من ضغوط مالية في السنوات الأخيرة.

 

الصين تدعو السفن إلى استخدام الممرات الجديدة:

تلعب الصين في الوقت الحالي، دورًا خطيرًا في التأثير على الاقتصاد العالمي، كما بدأت مؤخرًا في حث شركات الملاحة على استخدام «الممر الشمالي الغربي»، عبر القطب الشمالي-الذي فتح بفضل التغير المناخي-لتقليل الزمن الذي تستغرقه الرحلات البحرية بين المحيطين الأطلسي والهادئ.

فقد كان ذلك الطريق مغلقا منذ سنوات بسبب الجليد الذي كساه بشكل كامل، ولكن في أغسطس 2013، وبفعل التغيرات المناخية، مرت أول سفينة شحن صينية عبر ذلك الطريق إلى أوروبا.

وعلى الرغم من الفارق الكبير في معايير الأمن والسلامة، بين ذلك الممر وبين قناة السويس، إلا أن الصين لم تتراجع عن دعوة سفن الشحن للمرور عبره، متجاهلة ما يمكن أن تواجهه من مشكلات، بسبب غياب البنى التحتية، والأضرار التي قد يحدثها الجليد للسفن والطقس المتقلب.

ولتلافي تلك الأضرار التي قد تحدث للسفن، أصدرت إدارة سلامة الملاحة الصينية في وقت سابق من الشهر الحالي، دليلا يقع في 356 صفحة باللغة الصينية، يحتوي على تعليمات مفصلة للإبحار من الساحل الشمالي لأمريكا الشمالية إلى المحيط الهادئ الشمالي.

وصرح ليو بينجفي، الناطق باسم وزارة الملاحة البحرية الصينية، «عندما تعتاد السفن على استخدام هذا الطريق، سيغير ذلك وجه الملاحة التجارية العالمية، مما سيكون له أثر كبير على التجارة العالمية والاقتصاد العالمي، وتدفق رؤوس الأموال واستغلال الموارد الطبيعية».

القطب-الشمالى

كذلك واجهت الصين العديد من الحملات المعارضة لاستخدام القطب الشمالي، كممر بحري للسفن، نظرًا لتأثير ذلك على المحميات الطبيعية والحيوانات النادرة، التي تنفرد بها تلك المنطقة.

أما فيما يتعلق بإيجابيات السير في هذا الطريق فيمكن حصرها في كونه يوفر الكثير من التكاليف على السفن التجارية، حيث أن الرحلة بين الصين وهولندا تستغرق 33 يومًا عبر الطريق الجديد، وتستغرق 48 يومًا عبر قناة السويس، مع فارق المخاطر التي تفوق ذلك التوفير، والتي ربما تواجهها السفن عند المرور من طريق القطب الشمالي.

وأشارت شبكة «بي بي سي» البريطانية، إلى أن استخدام الممر القطبي، من شأنه توفير الوقت والمال لشركات النقل البحري الصينية، فعلى سبيل المثال تكون الرحلة البحرية من شنغهاي إلى ميناء هامبورج الألماني، عبر الممر الشمالي الغربي أقصر بـ2800 ميل بحري عن الطريق المار عبر قناة السويس.

تداعيات استخدام الممرات البحرية البديلة على قناة السويس:

بدأت الكثير من الدول في حث سفنها على السير عبر الممرات البحرية البديلة لقناة السويس، لتجنب دفع رسوم المرور بالقناة، مما ألقى بظلاله على إيرادات القناة، التي تعد من أهم موارد الاقتصاد القومي المصري.

فقد أعلنت هيئة قناة السويس في شهر يناير الماضي، أن إيرادات مصر من القناة انخفضت في عام 2015 إلى 5.175 مليار دولارًا، مقابل 5.465 مليار دولارًا في عام 2014، أي أن الإيرادات السنوية انخفضت بنحو 290 مليون دولارًا.

كما تراجعت إيرادات قناة السويس، في أول شهرين من عام 2016 إلى 411.8 مليون دولارًا و401.4 مليون دولار على التوالي، مقابل 429 مليون دولارًا في ديسمبر 2015.

ويجدر بالذكر، أن الناقلة العملاقة، تدفع رسوم تقدر بنحو  465 ألف دولارًا للعبور عبر قناة السويس، فضلا عن رسوم الجمارك على البضائع.

وبحسب التقارير الصادرة عن هيئة قناة السويس في يناير 2016، فإن إجمالي عدد السفن التي مرت عبر القناة في عام 2015 ارتفع بنسبة 2% فقط مقارنة بالعام السابق له، فيما انخفض عدد ناقلات البضائع السائبة بنسبة 5.7% وسفن الحاويات بنسبة 3.1%.

ومن ثم تشكل هذه التغيرات الملاحية الجديدة تهديدا خطيرا للغاية لقناة السويس، إذ تعد الصين ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، حتى أنها تلقب باسم «مصنع العالم»، وإذا خسرت مصر السفن الصينية فإن إيرادات قناة السويس ستنخفض بشكل كبير.

2013-635132287370614756-61

فضلا عن ذلك، ليست الصين فقط من دعت سفنها إلى السير عبر تلك الممرات، فقد اقتنعت العديد من دول العالم بالمنافع المادية والاستراتيجية للممر القطبي، وقررت أن تحذو حذو الصين بعدما رأت الاستفادة المادية التي جنتها.

وكانت مصر قد افتتحت في أغسطس من عام 2015 تفريعة جديدة لقناة السويس تتيح للسفن المرور في القناة في الاتجاهين وتقليل زمن العبور بها، وتكلف هذا المشروع 8.5 مليارات دولار، إلا أن المشروع لم يؤدي إلى زيادة إيرادات القناة، كما كان يتمنى عبد الفتاح السيسي، بل زادت بشكل طفيف لا يقارن بالتكاليف الباهظة، التي تكبدتها البلاد في وقت تعاني فيه من أزمة اقتصادية طاحنة.

الصين تهدد مصر:

لم تكتف الصين بمطالبة الحكومة المصرية، بخفض رسوم عبور السفن التجارية، من قناة السويس بنسبة 50%، بل أخذت تهددها بأنها ستلجأ لاستخدام الممر القطبي الجديد في حال رفض مصر لطلبها.

حيث صدر تصريح عن أحد مسؤلي بكين بإنه «إذا أرادت قناتا السويس وبنما، الحفاظ على أهميتها الاقتصادية وتجنب تغيير المسارات، فيجب على قناة بنما تقليل الرسوم العبور بها بنسبة 30% وتخفيض رسوم قناة السويس بنسبة 50%».

أراء الاقتصاديين والمسؤولين في مصر:

يرى أشرف دويدار، الخبير الاقتصادي وعضو حزب التجمع المصري، في تصريحات خاصة لموقع الغد، أن «هناك العديد من الممرات التي تمثل تحدي قوي لقناة السويس، من أهمها الممر البحري القطبي الشمالي، وممر قناة بنما الذي يتم افتتاحه عقب إجراء التحسينات والإصلاحات له في صيف العام الجاري، فضلا عن الممر الإسرائيلي البحري الذي وافقت على إنشاؤه مؤخرا إسرائيل والذي سيربط بين قطاع غزة وجزيرة قبرص في البحر المتوسط، إلى جانب ممر رأس الرجاء الصالح والذي بدأت السفن في اللجوء إليه نظرا لإنخفاض أسعار النفط مؤخرا».

وأضاف دويدار، أن «أهم تلك الممرات على الإطلاق هو ممر القطب الشمالي، والذي كان يتم فتحه للعبور لفترات زمنية قصيرة ثم يتم إغلاقه مرة أخرى، نظرا لتكون الجليد، إلا أن التغيرات المناخية التي شهدتها منطقة القطب الشمالي ساعدت على إتاحته وإمكانية فتحه لفترات زمنية أطول، ومن ثم أصبح متاح بشكل أفضل للمزيد من السفن لفترات زمنية طويلة».

وأرجع دويدار أهمية هذا الممر البحري إلى «كونه يوفر الوقت والمال لشركات النقل البحري، حيث ستكون الرحلة من ميناء شنغهاي إلى هامبورج في ألمانيا أقصر بنحو 2800 ميلاً بحرياً، عن الطريق القديم الذي يمر عبر قناة السويس، مما يعني توفير 30% من المسافة».

وحول كيفية مواجهة الحكومة المصرية ممثلة في هيئة قناة السويس لهذا التحدي الكبير، يرى دويدار أن « يجب على الحكومة المصرية تطوير قناة السويس وتحويل مشروع محور قناة السويس إلى مركز تجميع وتصنيع للسفن التي تسير عبر قناة السويس، لاسيما السفن الصينية لما تنفرد به الصين من أهمية إقتصادية كبيرة».

كذلك أضاف دويدار، أن «يمكن مواجهة هذا التحدي من خلال تدعيم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الهند، والتي ستمثل القوة الاقتصادية رقم 2 في العالم بحلول عام 2020، حيث ستسهم تلك العلاقات في دفع الهند، إلى استخدام ممر قناة السويس لعبور سفنها وناقلاتها التجارية».

من جانبه، صرح الربان محمد فوزي، رئيس مراقبة الملاحة بهيئة قناة السويس، إن «إعلان بعض الدول باستخدام السفن للعبور من ممر القطب الشمالي، في هذا التوقيت «بروباجندا»، وفرقعة إعلامية هدفها التأثير على قرار هيئة قناة السويس، قبل الإعلان عن الرسوم الجديدة».

وأكد فوزي، في تصريحات صحفية، أنه «قبل عبور أي سفينة من الممر الشمالي، تستخدم جرافة تمر قبلها لإزالة الثلوج، مشيرا إلى أن العام الماضي، شهد عبور 35 سفينة فقط من الممر الشمالي، مما يؤكدا أنه مشروعا فاشلاً».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]