كشفت الدوائر السياسية والحزبية، في العاصمة الأردنية «عمّان» عن حلقة جديدة من المناورات الإخوانية، لحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان الأردني، بدءا من تطبيق المبدأ الإخواني القائم على المغالبة وليس المشاركة، وأن الضرورات تبيح المحظورات، من حيث ترشيح مسيحيين على قوائمهم الانتخابية، فضلا عن شخصيات عامة ذات توجه غير إسلامي، وبعضهم من اليساريين أو العلمانيين، وهو ما يتناقض تماما مع الفكر الإخواني.
وأكدت مصادر مطلعة لصحيفة الرأي الأردنية، شبه الرسمية، أن عددا من المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة ضمن قوائم جماعة الأخوان المسلمين غير المرخصة، بدأوا يلمسون نوايا غير طيبة من قبل قيادات الجماعة تجاه صدقية ترشيحهم.
وتبين لهم بوضوح، بحسب معلومات من المقربين من دائرة الجماعة، أن «القيادات الإخوانية» أصدرت تعليمات سرية لأعضاء الجماعة، بمنح الأولوية في التصويت لمن هم أعضاء رسميون فيها، الأمر الذي يعني للمترشحين الآخرين أنهم مجرد «حشوة» في القائمة ولجمع الاصوات فقط، على حد وصف تلك المصادر.
وأوضح أحد أقرباء مرشح ضمن قوائم جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة قانونا، لصحيفة الرأي، أنه لم يقتنع يوما بجدية الترشح ضمن قوائم الجماعة، ولا جدية هذا التحالف معهم، لأن جماعة الاخوان المسلمين لن تسمح بفوز غير أعضائها، فالأولوية المطلقة لهم وهي تعمل على ذلك، وقال: إن قريبه المرشح بات مقتنعا بهذا الأمر الآن، بعدما لمس بنفسه وسمع معلومات مؤكدة على نوايا قيادة الجماعة وقرارها المخفي بالتصويت فقط لأعضائها، وترك حلفائها المترشحين ضمن قوائمها لمصيرهم.
ويرى المحلل السياسي سفيان الشيخ، أن مناورات الإخوان في الانتخابات كانت متوقعة، ولدينا تجارب سابقة معهم، وهناك أيضا تجارب معروفة في مصر، خاصة وانهم يجيدون لعبة الانتخابات و«دهاليزها».
وقال سفيان للغد: إن من ترشح على قوائم الإخوان، ربما غلبتهم النوايا الحسنة، تجاه جماعة لا تعترف سوى بمصالحها فقط، وتسعى دائما لـ«المغالبة» بحثا عن السلطة والنفوذ، وهو ما «حرق أوراقهم» في مصر، وعلينا أن نستفيد من هذه التجارب.
وأضاف موضحا المناخ العام للعملية الانتخابية المرتقبة في الأردن، في العشرين من الشهر المقبل، هناك ترقب من داخل الأردن وخارجها، للانتخابات المقبلة، والتي تمثل منعطفا هاما في مسيرة الإصلاح وتشكيل أول حكومة برلمانية، وترقب الشارع الأردني لبرلمان مؤهل للمرحلة الجديدة.
وقال الشيخ، في تصريحاته للغد، إن هذا المناخ أصبح بالفعل كاشفا للمناورات سواء من جانب جماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة، والتيار الإسلامي «من أبناء عمومتهم» بصفة عامة، فهم يريدون الغلبة للتيار الإسلامي داخل البرلمان، صاحب سلطة التشريع والرقابة في الوطن.
أما الجانب الآخر، من لعبة المناورات ، فهو مكشوف لأنه قديم وأصبح كأنه عادة “مذمومة” ترتبط بالانتخابات، لشراء الأصوات، ومن الصعب متابعة دوران “المال السياسي” في العملية الانتخابية، وربما يكون للتوعية الانتخابية، وتحرك منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، دورا في الحد من هذه الظاهرة، وهي لا تقتصر على شراء “صوت الناخب الفرد” بل ريما يتسع ليشمل “أحزابا” تحتاج لدعم من يسعى للوصول إلى المجلس النيابي، ومن المتوقع ان يحد التمويل الرسمي للأحزاب من حركة “المال السياسي”.
وأشار إلى نتائج دراسة حول أنظمة تمويل الأحزاب السياسية ، أجريت على 30 حزبا أردنيا، من بين إجمالي 42 حزبا في الأردن، أكدت عدم تأثرها إيجابيا بالتمويل الرسمي، وأكد 97 % منها أن الدعم الحكومي “غير كاف” للأنشطة الحزبية.. وكشفت الدراسة عن اعتقاد 25 من الأحزاب، أي 83 % منها، بأن ربط تمويلها الرسمي بالانتخابات البرلمانية، سيعزز من دورها في العمل البرلماني، كما أظهرت إقرار 53 % منها، بتلقي هبات وتبرعات من أعضائها، بينما لم تحبذ 50 % منها فرض رقابة جهات أخرى على تمويلها ومواردها المالية، غير وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية.
وأوصت الدراسة بفرض رقابة صارمة على موارد الاحزاب وتبرعاتها، وتعديل قانونها، والزامها بإشهار موازناتها المالية للرأي العام وديوان المحاسبة.
ويؤكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، المهندس موسى المعايطة، على أهمية الدعم المالي للأحزاب، للتوسع في المشاركة السياسية عبر الانتخابات وتعزيز المشاركة في صنع القرار، مبينا أن تمويل الأحزاب، يجب أن يكون مرتبطا بمدى مشاركتها بالانتخابات النيابية، وبما يحصل عليه الحزب من مقاعد في مجلس النواب، وان النظام المالي للأحزاب وتمويلها يجب أن يرتبط بمعايير واضحة.
ومن جانبه، يرى الكاتب والبرلماني السابق، حمادة فراعنة، أن نظام التمويل للأحزاب ليس بدعة أردنية، بل نتاج الديمقراطية في العالم ، فالمال يلعب دورا أساسيا في العمل الحزبي، على أن يكون مشروطا ودون أن يكون مفتوحا أو غير معلن.
وقال فراعنة، أعتقد أن الأردن في هذا الاتجاه، تقدم خطوة شجاعة لإقرار الدعم المالي للأحزاب منذ 2007.
