منظمة الصحة العالمية في 7 أشهر.. تصريحات صادمة وانسحاب أمريكي
واجهت منظمة الصحة العالمية عدة انتقادات بعد صدمات متتالية تلقاها الرأي العام العالمي بشأن تصريحاتها حول فيروس كورونا على مدى 7 أشهر منذ بداية ظهوره في الصين وحتى الآن، وكانت الضربة الأخيرة التي تلقتها المنظمة في الانسحاب الأمريكي، في وقت تجاوز فيه عدد المصابين بالفيروس حول العالم 12 مليونا، بينما بلغ وعدد الوفيات أكثر من نصف مليون شخص.
حالة من الهلع أصابت الشعوب، بعد اعتراف المنظمة، المسؤولة عن”صحة العالم”، بظهور “دليل” على احتمال انتشار الفيروس عبر جسيمات صغيرة للغاية في الهواء بعد أن حثت مجموعة من كبار العلماء المنظمة على تحديث إرشاداتها حول كيفية انتشار مرض كوفيد-19 الناجم عن الفيروس.
وجاء اعتراف المنظمة بعد أن طرح 239 عالما في 32 دولة الأدلة، في رسالة مفتوحة إليها، قالوا فيها إنه تبين أن الجسيمات التي تخرج مع الزفير يمكن أن تصيب الأشخاص الذين يستنشقونها، مؤكدين أن الهواء يحمل الفيروس وينقل العدوى للإنسان عند استنشاقه سواء حملته قطرات رذاذ كبيرة تنتقل بسرعة في الهواء بعد العطس أو قطرات أصغر كثيرا تطير حتى آخر نقطة داخل غرفة.
ورأي هؤلاء العلماء يُضعف مقولة المنظمة بأن فيروس كورونا ينتقل في “الأساس” من شخص إلى آخر من خلال الرذاذ المتطاير من أنف أو فم الشخص المصاب عند التحدث أو السعال أو العطس.
والتخبط ظهر واضحا في رد المنظمة في البداية على هؤلاء العلماء، عندما نسبت صحيفة “نيويورك تايمز” للمنظمة قولها إن الدلائل على أنه يمكن للفيروس أن ينتقل عبر الهواء “ليست مقنعة”.
ونقلت الصحيفة عن الدكتورة بينيديتا ألجرانزي الرئيسة التقنية للوقاية من العدوى في المنظمة قولها: “في الشهرين الماضيين على وجه الخصوص أكدنا مرارا أننا نعتبر انتقال العدوى عبر الهواء أمرا ممكنا لكن ذلك غير مدعوم بأدلة ملموسة أو حتى واضحة”.
وقف بعض العلاجات
وظهر ارتباك جديد سببه ظهور مزيد من المعلومات عن فيروس كورونا، إذ أوقفت المنظمة تجاربها لعلاج مرضى كوفيد-19 بعقار الملاريا هيدروكسي كلوروكين وعقار الإيدز لوبينافير/ريتونافير بعد أن فشلت في الحد من الوفيات.
وجاءت هذه الانتكاسة في الوقت الذي كانت سجلت فيه المنظمة أكثر من 200 ألف إصابة جديدة بكوفيد-19 على مستوى العالم في يوم واحد للمرة الأولى.
ووقالت: “تظهر النتائج المبدئية للتجارب أن هيدروكسي كلوروكين ولوبينافير/ريتونافير لا يسهمان بشيء يذكر في الحد من وفيات فيروس كورونا الخاضعين للعلاج في المستشفيات. سيوقف الباحثون التجارب على الفور”.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إن القرار، الذي اتخذ بناء على توصية لجنة دولية، لا يسري على دراسات أخرى ترتبط باستخدامهما مع المرضى خارج المستشفيات أو كوقاية، فيما يبحث جانب آخر من التجارب التي تقودها منظمة الصحة العالمية الأثر المحتمل لعقار ريمديسيفير الذي تنتجه شركة جيلياد ساينسيز في علاج مرضى كوفيد-19.
وبدأت التجارب التي تقودها منظمة الصحة العالمية والتي تسمى تجارب التضامن بخمسة أنواع بحثا عن مكونات علاج محتمل لكوفيد-19، وهي: ستاندارد كير وريمديسيفير وهيدروكسي كلوروكين ولوبينافير/ريتونافير ولوبانيفير/ريتونافير مضافا إليها إنترفيرون،
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم جيبريسوس إن قرابة 5500 مريض في 39 دولة حتى الآن تطوعوا لإجراء التجارب السريرية عليهم وإن النتائج المبدئية متوقعة في غضون أسبوعين.
وهناك نحو 18 لقاحا تجريبيا لكوفيد-19 جار اختبارها على البشر من بين قرابة 150 علاجا يجري تطويرها.
وقال مايك رايان، رئيس برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، إنه ليس من الحكمة التكهن بموعد يصبح فيه لقاح كورونا جاهزا للتوزيع على نطاق جماهيري. وأضاف في مؤتمر صحفي أنه في حين قد تظهر فعالية أحد اللقاحات بحلول نهاية العام، إلا أن السؤال هو متى يمكن إنتاجه بكميات كبيرة.
القادم أسوأ لبعض الدول
صدمة أخري، وجهتها منظمة الصحة العالمية، عندما حذرت من أن الدول التي لم تنجح في استخدام كل الآليات المتاحة لمكافحة فيروس كورونا، الذي ما زال يواصل الانتشار، ستجد صعوبة في التغلب عليه.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في إفادة صحفية افتراضية بمقر المنظمة في جنيف: “بعض الدول… اتبعت نهجا يفتقر للتكامل.. هذه الدول أمامها طريق طويل وصعب”.
انسحاب أمريكا
أعلنت الأمم المتحدة أن أمريكا ستنسحب من منظمة الصحة العالمية يوم السادس من يوليو 2021 ، بعد أن تلقت إخطارا بقرار الرئيس دونالد ترامب، الذي اتهم المنظمة بأنها أصبحت دمية في أيدي الصين أثناء جائحة فيروس كورونا.
وكان يتعين على ترامب الذي أعلن قراره قبل أكثر من شهر أن يرسل للمنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها قبل عام من انسحاب الولايات المتحدة وأن يدفع كل المستحقات المالية على واشنطن بموجب قرار للكونجرس الأمريكي في عام 1948.
وردت المنظمة، عبر موقعها الإلكتروني، بأن الولايات المتحدة مدينة لها في الوقت الحالي بأكثر من 200 مليون دولار من المساهمات المقدرة.
ووصفت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، انسحاب ترامب الرسمي من المنظمة بأنه “فعل من الحماقة الحقة لأن منظمة الصحة العالمية تقوم بتنسيق الحرب العالمية على مرض كوفيد-19”.
وكتبت الزعيمة الديمقراطية على حسابها على تويتر “بينما تتعرض حياة الملايين للخطر، يشل الرئيس المجهود الدولي لهزيمة الفيروس”.
ويمكن التراجع عن قرار ترامب قبل سريانه إذا مني بهزيمة أمام منافسه الديمقراطي ونائب الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، في الانتخابات التي ستجرى في نوفمبر تشرين الثاني.
وفور علمه بالقرار الأمريكي، انسحب تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من ندوة مقامة في لندن في اللحظة الأخيرة أمس بعد أن قال المنظمون إنه يتعين عليه حضور اجتماعات تتعلق بإعلان الولايات المتحدة خروجها من المنظمة.
وكان من المقرر أن يشارك تيدروس في الندوة التي يعقدها مركز دراسات تشاثام هاوس في لندن عن جائحة كوفيد-19 ويديرها ديفيد هايمان المسؤول السابق بالمنظمة وأستاذ الصحة العالمية
زيارة الصين
ويبدو أن الإخفاقات المتواصلة لأسلوب تعامل منظمة الصحة العالمية مع الفيروس دفعها لإرسال فريق من الخبراء إلي الصين، حيث أعلنت أن فريقا من خبرائها سيسافرون إلى الصين للتحضير لدراسة عن أصول فيروس كورونا المستجد والطريقة التي تحور بها للانتقال من الحيوانات إلى البشر.
وقال مايك رايان رئيس برنامج الطوارئ في المنظمة، في إفادة صحفية بجنيف “من الواضح أن أفضل مكان لبدء الدراسة هو مكان ظهور المرض لدى البشر في البداية، حيث إن أول تجمعات للالتهاب الرئوي اللانمطي، حدثت في ووهان”.
وقالت الصين، التي واجهت انتقادا شديدا من الولايات المتحدة ودول أخرى اتهموها بالتكتم والتعامل المتأخر مع الوباء الذي ظهر في مدينة ووهان بوسط الصين أواخر العام الماضي، إنها كانت تتحلى بالشفافية طوال المراحل الأولى من الوباء.