«أردوغان يحاول تصدير القمع».. هكذا عبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للحكومة الألمانية بمقاضاة الكوميدي الألماني جان بوميرمان، وذلك على خلفية أفعال مماثلة للرئيس التركي داخل بلاده من قمع للصحفيين من خلال إغلاق الصحف واعتقال الصحفيين ومحاكمتهم، وهي المطالب التي أخذتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بجدية، اليوم الجمعة، بعد تصريحات متوالية أكدت فيها عدم تدخلها في الأمر لاعتبارات حرية الرأي والتعبير.
جان بوميرمان، كان قد قرأ في برنامجه الساخر على قناة «إن دي آر» الألمانية الذي أذيع في 31 مارس/آذار الماضي، قصيدة عن أردوغان تضمنت إشارات جنسية صريحة، واتهامات بأن الرئيس التركي يقمع الأقليات ويسيء معاملة الأكراد والمسيحيين.
وأشار بويمرمان قبل أن يقرأ القصيدة إلى أن القصيدة التي أذيعت سخرت من أردوغان بسبب معاملته «المتسلطة» للصحفيين، فيما أعلنت القناة الألمانية أن برنامج الممثل الساخر الأسبوعي لن يبث هذا الأسبوع «بسبب كمية التقارير الكبيرة عنه والتركيز الحاصل على البرنامج ومقدمه».
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد عبرت عن اهتمامها البالغ بشأن مقاضاة الصحفيين الأتراك والتضييق على حريات التظاهر والاحتجاج فيما أكدت في الوقت نفسه على متانة العلاقات بين البلدين.
ويبدو أن ميركل تخلت عن مبادئ حرية الرأي والتعبير من أجل حليفتها في قضية اللاجئين والتي كانت مؤخرا طرفا معها في ما عرف بـ «الاتفاق الأوروبي التركي» لتنظيم عملية استقبال اللاجئين، ما دفعها للإعلان، اليوم، عن قبولها مقاضاة الممثل الكوميدي بدعوى قراءته قصيدة هجومية حول الرئيس أردوغان.
ووفق صحيفة الجارديان البريطانية، قالت ميركل أن قرار حكومتها لا يعني ما إذا كان الممثل الكوميدي مذنبا أو غير ذلك، مؤكدة على استقلالية القضاء وأن «الدستور يؤكد أن الحقوق الشخصية في مقابل حريات الرأي والتعبير ليس من اختصاص الحكومات وإنما من شأن النيابة العامة والمحاكم» في الوقت الذي من المفترض أن تتتخذ فيه الحكومة القرار بما إذا كان المدعي العام سيبدأ التحقيق أم لا.
ووفق فقرة غامضة من القانون الجنائي الألماني، فإن الملاحقات القضائية للاعتداءات على أعضاء أو ممثلي الحكومات الأجنبية يتطلب إخطارا من الطرف المعتدى عليه أو ترخيص من الحكومة، فيما ينص القانون الألماني على عقوبة، قد تكون السجن لفترة تصل إلى ثلاث سنوات، أو الغرامة، لإهانة رؤساء الدول الأجنبية.
وأكدت ميركل التقارير المتداولة بشأن وجود خلافات قائمة حول مقاضاة بوميمان بين كل من وزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير العدالة.
وكانت تركيا قد استدعت السفير الألماني لديها للاحتجاج على الفيديو الساخر الذي نشرته الحكومة الألمانية، فيما أعاد بوميمان إذاعة الفيديو مرة أخرى وقال أن ذلك «ردا على استدعاء السفير الألماني في تركيا».
ووفق صحيففة واشنطن بوست، فإن ميركل قد واجهت أزمتين رئيسيتين أولهما الاتفاق الأوروبي التركي، والأخرى كانت القانون الألماني الذي يتيح للقادة الاجانب مقاضاة المواطنين بشكل مباشر أو من خلال الحكومة.
