من «بيتا» إلى «أوميكرون».. هل يرفع العالم «الراية البيضاء»؟

شهد العام 2021 الكثير من الأحداث، لكن يظل فيروس كورونا هو الأبرز، بالرغم من ظهوره آخر العام 2019، وأمام الموجات المتتالية من متحورات كورونا، والتي بدأت بمتحور “بيتا”، ووصلت إلى “أوميكرون”، الأسرع انتشاراً حتى الآن، هل يرفع العالم “الراية البيضاء”؟

وبعد أن كان التحدي هو كيفية القضاء على هذا الفيروس القاتل، سواء عن طريق اللقاحات أو العلاجات، أصبح الحديث الآن منصباً على كيفية “التعايش” معه ولسنوات طويلة قادمة.

علماء الأوبئة والفيروسات أكدوا أن المتحورات الجديدة لكورونا بإمكانها الاستمرار بالظهور مع تواصل انتشار الجائحة، لأن احتمال دخول طفرات على الفيروس قائم كلما انتقل من كائن إلى آخر، وبعض هذه الطفرات أدت بالفعل لظهور سلالات جديدة تمتلك خصائص مختلفة عن الشكل الأصلي للفيروس.

كما يراقب الخبراء والمتخصصون باستمرار المتغيرات الجديدة من فيروس كورونا لمعرفة ما إذا كانت تنتشر بسهولة أكبر، أو تسبب مرضا أكثر حدة، أو يمكن أن يكون لها تأثير على فعالية تدابير الصحة العامة أو اللقاحات الموجودة في الأسواق العالمية حالياً.

الطفرات المختلفة لفيروس كورونا، دفعت منظمة الصحة العالمية إلى وضع تصنيفين أساسيين لتحديد نوع المتحورات، بحسب درجة انتشارها وخطورتها.

المتحورات الخطيرة

التصنيف الأول: يشمل “المتحورات الخطيرة والمثيرة للقلق”، وتوضع في خانته المتحورات التي أظهرت أنه بإمكانها زيادة قدرة الفيروس على الانتقال، أو تغيير في الأعراض السريرية للمرض، أو تلك التي تتسبب بانخفاض فعالية تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية ووسائل التشخيص واللقاحات والعلاجات المتاحة.

ويضم هذا التصنيف حتى الآن 5 متحورات:

* المتحور “بيتا”، تم اكتشافه في جنوب إفريقيا في مايو 2020، وانتشر في نحو 20 دولة أخرى.

وهو أكثر عدوى وقد تغلب جزئياً على الأجسام المضادة الناتجة عن الإصابات السابقة أوعن طريق التطعيم.

* المتحور “ألفا”، ظهر في بريطانيا في سبتمبر 2020، وانتشر في أكثر من 50 دولة.

وقد أظهر قدرة على الانتقال أسرع من السلالة الأصلية، وأصبح يحوز، في وقت قصير، على أكبر نسبة من الإصابات في القارة الأوروبية.

* المتحور “جاما”، تم اكتشافه لأول مرة في البرازيل في نوفمبر 2020، ولكنه انتشر في ما يزيد عن 10 دول أخرى.

ويحمل نفس الطفرة مشابهاً لمتحور “بيتا”، مما سمح له من التفلّت من بعض الأجسام المضادة.

واكتشف العلماء، أن متحورا واحدا، يعرف باسم N501Y، تشترك فيه متحورات “ألفا” و”جاما” و”بيتا”، ويجعل من السهل على الفيروس إصابة الخلايا والانتشار بسرعة كبيرة.

كما يحتوي المتحوران “بيتا” و”غاما” على طفرة وراثية رئيسية أو تحور يعرف باسم “E484K”، قد يساعد الفيروس على تجنب بعض دفاعات الجسم المناعية.

*المتحور “دلتا”، تم اكتشافه لأول مرة في الهند في ديسمبر 2020، ويثير قلق السلطات الصحية في عدد كبير من بلدان العالم حاليا، لأنه أظهر قدرة على الانتقال أسرع من المتحور ألفا بنسبة 60%.

وهذا المتحور صُنف على أنه مثير للقلق في 11 مايو 2021 بعد أن كان وضع في خانة المثير للاهتمام في 4 أبريل 2021.

الجدير بالذكر أن العلماء في أستراليا اكتشفوا تحورا جديدا للفيروس المتحور أصلا من نوع “دلتا”، وذلك في ولاية نيو ساوث ويلز جنوب شرقي البلاد.

ورصد الباحثون تغيّرا في التسلسل الجيني لفيروس كورونا من النوع “دلتا” سريع الانتشار، لدى 8 مرضى على الأقل، حسبما أعلنت السلطات الصحية في الولاية.

وقالت كبيرة مسؤولي الصحة في نيو ساوث ويلز، كيري شانت، إن تسلسل الجينوم في 8 مصابين كشف عن متغير جديد من المتحور دلتا شديد العدوى، الذي تسبب في إغلاق سيدني في الأسابيع الـ12 الماضية”.

“أوميكرون».. الأسرع انتشاراً

في 26 نوفمبر 2021، أطلقت منظمة الصحة العالمية على المتحور “B.1.1.529” اسم “أوميكرون” ووصفته بمتحور مثير للقلق،  وذلك بناءً على توصية الفريق الاستشاري التقني للمنظمة المعني بتطور الفيروس.

واستند هذا القرار إلى البيانات، التي حصل عليها الفريق الاستشاري بشأن تعرض متحور أوميكرون لطفرات عديدة قد تؤثر على سلوكه، وسهولة انتشاره وشدة المرض الذي يسببه.

وأكدت دراسة حديثة، أن “أوميكرون” يتكاثر في أنسجة القصبة الهوائية 70 مرة أسرع من المتحور “دلتا”.

وأجريت الدراسة، التي نقلتها صحيفة «الجارديان» البريطانية، بواسطة فريق من العلماء من جامعة هونج كونج، واعتمدت على جمع عينات من أنسجة القصبة الهوائية مأخوذة من عدد من المصابين بأوميكرون وعدد من مرضى “دلتا”.

وبفحص هذه الأنسجة معملياً لمدة 24 ساعة، وجد الباحثون أن «أوميكرون» تكاثر نحو 70 مرة أكثر من “دلتا”.

ورغم أن القصبة الهوائية ليست من أجزاء الجهاز التنفسي العلوي، فإن العلماء قالوا إن تكاثر الفيروس بسرعة شديدة بها قد يؤدي إلى نقل العدوى بسهولة أكبر.

وأكدت منظمة الصحة العالمية، أن “أوميكرون” يتفشى بوتيرة غير مسبوقة في معظم الدول التي دعتها إلى استعمال كافة سبل مكافحة كورونا لتجنب إغراق المستشفيات بالمرضى.

المتحورات المثيرة للاهتمام

أما التصنيف الثاني فهو “المتحورات المثيرة للاهتمام”، وتضع فيه منظمة الصحة العالمية المتحورات التي أظهرت أنها تسبب الانتقال المجتمعي للعدوى أوتم اكتشافها في بلدان متعددة.

ويضم هذا التصنيف حتى الآن 7 متحورات، يحوز اثنان منهما، “إبسيلون” و”لامدا”، على اهتمام أكبر بعد نشر دراسات جديدة ترجح أنهما مثيران للقلق، رغم عدم تصنيفهما رسميا من جانب منظمة الصحة.

ووفقا لدراسة حديثة، أظهر متحور “إبسيلون”، الذي اكتشف في كاليفورنيا الأمريكية، قدرة التغلب على الأجسام المضادة التي تنتجها لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال مثل “فايزر وموديرنا”، فضلا عن مقاومة الأجسام المضادة التي تنتجها إصابة سابقة من فيروس كورونا.

أما المتحور “لامدا”، فقد بدأ بإقلاق المسؤولين في أمريكا اللاتينية، وأثار حيرة العلماء بسبب مجموعة طفرات “غير عادية”، وقد ظهر هذا المتحور في دولة البيرو وأنتقل إلى 27 دولة أخرى.

سلالة جديدة في روسيا

كشفت وسائل إعلام روسية، في 21 أكتوبر الماضي، ظهور سلالة جديدة متحورة من فيروس كورونا في روسيا.

وأكدت وكالة الإعلام الروسية أن روسيا سجلت بعض حالات الإصابة بسلالة متحورة جديدة من فيروس كورونا يُعتقد أنها أكثر عدوى من متحور “دلتا”، التي ظهرت بداية في الهند قبل أن تنتشر في كثير من دول العالم.

ونقلت وكالة الإعلام عن كبير الباحثين في هيئة حماية المستهلك الحكومية، كاميل خافيزوف، قوله إنه من المحتمل أن تنتشر السلالة، التي أطلق عليها اسم “إيه.واي.2.4″، على نطاق واسع، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز.

فعالية اللقاحات

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة حاليا: هل تظل اللقاحات فعّالة للحماية من المتحورات الجديدة؟

في الواقع أن اللقاحات المتوفرة حاليا صُممت للحماية من أنواع سابقة لفيروس كورونا، مما يعني أنها قد لا تكون مثالية تماما مع المتحورات الجديدة، إلا أن الخبراء يقولون إن اللقاحات لاتزال فعّالة في الحد من خطر الإصابة الشديدة.

وأظهرت دراسة لهيئة الصحة العامة في بريطانيا، أن جرعتين من لقاح فايزر أو أسترازينيكا توفر فعالية بنسبة تزيد على 90%، وتجعل الأشخاص لا يلجأون إلى المستشفى نتيجة الإصابة بمتحور “دلتا”.

على الرغم من ذلك، أظهرت الدراسة أن جرعة واحدة أقل فعالية من حيث الوقاية من الإصابة بمتحور “دلتا”، مقارنة بمدى فعاليتها ضد متحور “ألفا”.

ويؤكد الأطباء، أنه من الضروري أن يحصل المرء على جرعتين من اللقاح لتوفير أعلى قدر من الحماية ضد المتحورات الحالية والناشئة.

وبشكل عام، فالخبراء واثقون من إمكانية إعادة تصميم اللقاحات الحالية بغية مواجهة المتحورات الجديدة بشكل أفضل.

وكانت الحكومة البريطانية قد أبرمت اتفاقا مع شركة الأدوية “كيورفاك” لتطوير لقاحات تحمي من المتحورات في المستقبل، وطلبت مقدما 50 مليون جرعة.

واعتمادا على كيفية استمرار تطور متحورات الفيروس، يمكن أن توفر جرعات لقاح معززة على الأرجح حماية لكبار السن أو الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة سريريا في وقت لاحق من العام.

وتحمي اللقاحات معظم الناس من الإصابة بالمرض، ولكن لا يوجد لقاح فعال بنسبة 100%.

وقد يصاب عدد قليل من الأشخاص الذين تم تطعيمهم بعدوى فيروس الكورونا، وهذا ما يسمى “العدوى المخترِقة”، ولكن المرجح أن تكون أعراض، هؤلاء الأشخاص الذين تم تلقيحهم والذين أصيبوا بكوفيد-19، أخف.

كما توفر اللقاحات حماية عالية من الأمراض الشديدة المصاحبة لكورونا، بما في ذلك العدوى التي تسببها المتحورات مثيرة القلق، كما تقلل اللقاحات من خطر الإصابة، بيد أنها لا تقضي تماما على جميع المخاطر.

وتظل النصيحة الأساسية لمنظمة الصحة العالمية لتفادي الإصابة بالعدوى كما هي بالنسبة لجميع المتحورات: “إغسل يديك، وحافظ على مسافة بينك وبين الآخرين، وضع كمامة على وجهك وأحرص على التهوية الجيدة”، وكل ذلك مع ضرورة تلقي اللقاحات.

3 سيناريوهات

منذ أكثر من عامين، يشل انتشار كورونا الحياة العامة حول العالم ولا يلوح في الأفق أي أمل للقضاء عليه نهائيا، بل يجمع كثير من الخبراء على عدم اختفائه نهائيا ويحثون على “التعايش” معه.

ويتوقع العلماء 3 سيناريوهات بخصوص مستقبل الفيروس في العالم.

ويفترض العديد من خبراء الفيروسات أنه لا يمكن القضاء على فيروس كورونا بشكل نهائي في الوقت الحالي، ولذلك يحثون الناس على تقبل هذا الواقع والتعامل معه بشكل أنسب.

لكن كيف يمكن “التعايش” مع هذا الفيروس الذي قلب العام رأسا على عقب؟

فريق من العلماء حاول الإجابة على هذه الأسئلة في مقال نُشر على مجلة “نيتشر” (Nature) العلمية، مبرزين ثلاثة سيناريوهات:

*السيناريو الأول: هو الأكثر تشاؤما، ويتحقق عندما يصعب التحكم في الوباء والسيطرة عليه بسرعة ليواصل تفشيه بين الناس مع تسجيل ارتفاع متواصل في الإصابات، مما يجعل الفيروس يتطور أكثر فأكثر.

*السيناريو الثاني: وهو الأكثر ترجيحاً، ويتوقع انتقال فيروس كورونا إلى مرض موسمي مثل الإنفلونزا، وستساهم العلاجات الفعالة مثل مستحضرات الأجسام المضادة المصنوعة في المختبرات بشكل كبير في تقليل شدة المرض ومعدل دخول المصابين إلى المستشفيات وبالتالي حصول وفيات أقل.

*السيناريو الثالث: هو الأكثر تفاؤلا، حيث يشمل ذلك انتقال فيروس كورونا المستجد إلى مرض له أعراض أقل حدة نسبيًا، على غرار باقي الفيروسات التاجية المعروفة التي تعتبر من بين المسببات الكلاسيكية لنزلات البرد.

التعايش هو الحل

أكدت منظمة الصحة العالمية، أن عدم توفر علاج حتى الآن لفيروس كورونا قد يجعله من جملة الفيروسات المتوطنة التي تحيط بنا، مما يجبرنا على “التعايش” معه بشكل طبيعي.

كما أكد المبعوث الخاص لمنظمة الصحة العالمية لشؤون مواجهة جائحة كورونا، ديفيد نابارو، أنه يتعين على البشرية تعلم كيفية التعايش مع الفيروس ومنعه من الانتشار ومنع ارتفاع حالات الإصابة به أو التسبب في وجود بؤر ساخنة للمرض، محذرا من أن الفيروس لن يختفي في أي وقت قريب، وستظهر له سلالات جديدة.

وأضاف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا»، أن القضاء على الفيروس ليس هدفاً منطقياً بالنسبة للعالم حالياً.

وبدأت دول العالم بالفعل في اتخاذ إجراءات للتعايش والتكيف مع تفشي الوباء، وذلك بالتزامن مع قيام الدول الغنية بتلقيح نسب متزايدة من سكانها، ما أدى إلى انحسار نسبي في أعداد الإصابات والوفيات، وبالتالي تركز اهتمام الحكومات على تعلم كيفية التعايش مع الفيروس، لتفادي عمليات الإغلاق الضارة بالاقتصاد.

كما بدأ علماء الأوبئة أيضا في تحويل تركيزهم إلى اتخاذ إجراءات للتكيف مع المرحلة التالية من تفشي الوباء، وهي المتمثلة في “التعايش” مع الفيروس.

وأكدت وكالة «بلومبرج» للأنباء أنه مع قيام الدول الغنية بإعطاء اللقاحات المضادة لـكورونا لنسب متزايدة من سكانها، أضحت الصلة بين أعداد الإصابات والوفيات تتضاءل، ما يجعل التركيز الآن ينصب على «تعلم كيفية التعايش مع الفيروس»، لتفادي عمليات الإغلاق الضارة بالاقتصادات.

وفي النهاية، لخّص رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الأزمة في تصريح مثير للجدل بقوله: “علينا الاعتياد على فيروس كورونا مثل اعتيادنا على الإنفلونزا”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]