من فلسطين إلى صعيد مصر.. دلالات رحلة العائلة المقدسة

يحتفل أقباط مصر،اليوم الاثنين، 1 يونيو/ حزيران، بعيد دخول العائلة المقدسة، أرض مصر، هربًا من بطش  ملك اليهود، هيرودس، في العام 2 ميلادية، حيث كان السيد المسيح ـ عليه السلام ـ ابن عامين حينها، واستمرت الزيارة لمدة ثلاث سنوات وأحد عشر شهرا، ويعتبر هذا العيد من الأعياد السيدية ( الخاصة بالسيد المسيح)، في الكنيسة القبطية.

 

في العام صفر، اضطرب قلب «هيرودس» خوفاً على عرشه من النبوءات القديمة،  بمولد الملك الطفل في بيت لحم،  فأصدر أوامره بذبح كل طفل يبلغ من العمر أقل من عامين؛ فجاء الوحي ليوسف النجار في الحلم وأخبره بأن يأخذ الطفل وامه البتول مريم إلى مصر، قائلا : «خذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس» ، بهذه الكلمات تحدث الإنجيل عن رحلة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء  ـ عليهما السلام ـ إلى مصر.

احتمت العائلة المقدسة في حضن مصر..ونشرت جامعة كولون بألمانيا لأول مرة بردية أثرية ترجع إلى القرن الرابع الميلادي تتحدث عن فترة وجود السيد المسيح والعائلة المقدسة في مصر؛ مؤكدة أن طفولة السيد المسيح استمرت ثلاث سنوات وأحد عشر شهراً. وقد كُتبت البردية باللهجة القبطية الفيومية، وتقول البردية، إن البركة قد حلت بمصر، وأن شهر «بشنس» في التقويم القبطي، هو أكثر شهور السنة بركة؛ لذا نجد الكنيسة القبطية تحتفل في اليوم الرابع والعشرين منه، والذي يوافق 1 يونيو/ حزيران من كل عام بذكري دخول العائلة المقدسة إلى مصر.

 

رحلة العائلة المقدسة، من فلسطين إلى مصر، تحمل الكثير من المعاني والدلالات:  أولها  أن البوابة الشرقية لمصر (فلسطين) تتجه لمصر باعتبارها  واحة الأمان والعمق الاستراتيجي، وهي مقر الحماية من «بطش ومكر ودهاء وعنف اليهود»..وهناك أيضاً بعداً حضارياً يمثل جزءاً من الهوية المصرية، وتلامساً مع البعد التاريخي، فرحلة العائلة المقدسة في أرض مصر هي من المكونات الأساسية للحضارة المصرية القبطية بل زادت أهمية أرض مصر بين دول العالم، لأنها احتضنت العائلة المقدسة منذ وقت مبكر من التاريخ..وتحمل هذه الرحلة   مفاهيم إنسانية راقية؛ إلى جانب  الدلالات والمعان الحضارية، والتاريخية والثقافية.

 

وتتمثل المعاني التاريخية أنها تحمل تراثاً إنسانياً عظيماً ملكاً لكل إنسانية، وقد تمثل المعني الديني والروحي في البعد الكتابي، حيث وردت نصوص عنها في العهد الجديد، ووردت نبوءات عنها في العهد القديم، كما أن هناك بعداً وحقائق أثرية،  تمتد على طول البلاد الواقعة على مسار الرحلة، إلى جانب الأيقونات الأثرية، والمخطوطات والقطع الفنية، والأديرة والكنائس الأثرية القديمة.. كما حملت رحلة العائلة المقدسة، قيماً إنسانية، تتمثل في السلام والتعايش علي أرض مصر.

 

سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق ( الفلوسيات ) غرب العريش بـ ٣٧ كم ودخلت مصر ـ وهي تحت حكم الرومان ـ  عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما الواقعة بنين مدينتى العريش وبور سعيد.ودخلت العائلة المقدسة مدينه تل بسطا ( بسطة ) بالقرب من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى ١٠٠ كم من الشمال الشرقى، وفيها أنبع السيد المسيح عين ماء، وكانت المدينة مليئة بالأوثان، وعند دخول العائلة المقدسة المدينه سقطت الأوثان على الأرض فأساء أهلها معاملة العائلة المقدسة فتركت تلك المدينة وتوجهت نحو الجنوب.

غادرت العائلة المقدسة مدينة تل بسطا ( بسطه ) متجهة نحو الجنوب حتى وصلت بلدة مسطرد (المحمة)، وتبعد عن مدينه القاهرة بحوالى ١٠ كم تقريباً..وكلمة «المحمة» معناها مكان الاستحمام، وسميت كذلك لأن «السيدة العذراء مريم أحمّت هناك السيد المسيح وغسلت ملابسة»، وفى عودة العائلة المقدسة مرت ايضاً على مسطرد..وانتقلت شمالاً الى بلبيس (فيلبس ) بمحافظة الشرقية، وتبعد عن مدينة القاهرة حوالى ٥٥ كم تقريباً.واستظلت العائلة المقدسة عند شجرة عرفت باسم شجرة العذراء مريم ..ومن بلبيس رحلت العائلة إلى منية سمنود، داخـل الدلتا، ثم مدينة سخا..ومن مدينة سخا عبرت نهر النيل (فرع رشيد ) الى غرب الدلتا وتحركت جنوباً الى وادى النطرون، ومن وادى النطرون ارتحلت جنوباً ناحية مدينة القاهرة وعبرت نهر النيل الى الناحية الشرقية متجهة ناحية المطرية وعين شمس. ومن منطقة المطرية وعين شمس سارت العائلة المقدسة متجهه ناحية مصر القديمة.

وتعتبر منطقة مصر القديمة من أهم المناطق والمحطات التى حلت بها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى أرض مصر ، ويوجد بها العديد من الكنائس والأديرة. وقد تباركت هذه المنطقة بوجود العائلة المقدسة ولم تستطع العائلة المقدسة البقاء فيها إلا أياماً قلائل نظراً لتحطم الأوثان فأثار ذلك سخط والى الفسطاط فأراد قتل الصبى يسوع..وارتحلت العائلة المقدسة من منطقة مصر القديمة متجهه ناحية الجنوب حيث وصلت الى منطقة المعادى، احدى ضواحى منف ـ عاصمة مصر القديمة  ـ وقد اقلعت فى مركب شراعى، وعبرت (عدت) العائلة المقدسة الى النيل فى رحلتها الى الصعيد، ومنها جاء اسم المعادى.. وبعد ذلك وصلت العائلة المقدسة قرية دير الجرنوس(ارجانوس) مركز مغاغة، وقرية البهنسا، وبلدة سمالوط، ومنها عبرت النيل ناحية الشرق حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير.

  • وغادرت العائلة المقدسة منطقة جبل الطير وعبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية،  واتجهت جنوباً حوالى ٢٠ كم ناحية ديروط الشريف (فيليس).ثم تغادر من ديروط الشريف الى قرية قسقام ( قوست قوصيا ) حيث سقط الصنم معبودهم وتحطم فطردهم أهلها خارج المدينة وأصبحت هذه المدينة خراباً.

وتهرب  العائلة المقدسة من قرية قسقام واتجهت نحو بلدة مير، وتقع على بعد ٧ كم غرب مركز القوصية، وقد أكرم أهل مير العائلة المقدسة اثناء وجودها بالبلدة، ومن مير ارتحلت الى جبل قسقام حيث يوجد الآن دير المحرق.

وتمثل منطقة الدير المحرق، أهم المحطات التي استقرت فيها العائلة المقدسة حتى سمى المكان  (بيت لحم الثانى). يقع هذا الدير فى سفح الجبل الغربى المعروف بجبل قسقام نسبة الى المدينة التى خربت، ويبعد نحو ١٢ كم غرب بلدة القوصية التابعة لمحافظة أسيوط على بعد ٣٢٧ كم جنوبي القاهرة. ومكثت العائلة المقدسة ستة أشهر وعشرة أيام فى المغارة التى أصبحت فيما بعد هيكلاً لكنيسة السيدة العذراء الأثرية فى الجهة الغربية من الدير.. ومذبح هذه الكنيسة حجر كبير كان يجلس عليه السيد المسيح. وفى هذا الدير ظهر ملاك الرب ليوسف النجار فى حلم قائلا «قم وخذ الصبي وأمه واذهب، فقد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي».

وفى طريق العودة سلكوا طريقا آخر انحرف بهم إلى الجنوب قليلا حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة، جنوب غرب اسيوط. ثم وصلوا الى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمّة ومنها الى سيناء ثم فلسطين حيث سكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل.

وهكذا انتهت رحلة المعاناة التى استمرت أكثر من ثلاث سنوات ذهابا وايابا، قطعوا فيها مسافة أكثر من الفى كيلو متر، ووسيلة مواصلاتهم الوحيدة ركوبة ضعيفة الى جوار السفن أحيانا فى النيل وبذلك قطعوا معظم الطريق مشيا على الأقدام محتملين تعب المشى وحر الصيف وبرد الشتاء والجوع والعطش والمطاردة فى كل مكان، فكانت رحلة شاقة بكل معنى الكملة تحملها السيد المسيح وهو طفل مع أمه العذراء والقديس يوسف.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]