«مورين» فيلم لبناني يصور مسار حياة أول قديسة مسيحية لبنانية

كتب: رياض أبو عواد

يعود الفيلم اللبناني “مورين” لطوني فرج الله إلى ما يتجاوز 1400 عام في تاريخ بلاد الشام في جزئها اللبناني، يسرد ويبني عالم أول قديسة مسيحية عرفها لبنان القديسة مورين ومن خلال المسار يوجه نقدا للمؤسسة الكنسية لا يدركه المتفرج إلا من كان عارفا في العلوم الكنسية.

والفيلم الذي عرض ضمن فعاليات الدورة الـ35 لمهرجان الإسكندرية لسينما حوض المتوسط وفاز بجائزتي أفضل عمل أول وأفضل إنجاز فني أول، وهو أول فيلم عربي بالنسبة لي يتطرق لمثل هذه القضية، وقد يكون هناك أفلاما أخرى لا أعرف عنها شيئا لكنه بالنسبة لي الأول.

يسرد الفيلم من خلال مساره حياة القديسة مورين التي جاءت الدنيا مع مغادرة والدتها الحياة فقام على رعايتها سيدة من سيدات القرية التي يقوم فيها جدها بموقع أب الكنيسة التي تحتضنها القرية.

وهي نفس الليلة التي يعتقل الجنود الرومان والدها الذي لم يستطع العودة إلى منزله بعد أن فقد الزوجة التي أحب فيلجاء إلى الدير في حين يقوم الجد بتربية الطفلة التي تجاوزت مرحلة الرضاعة.

ومن خلال الحوارات بينها وبين جدها طفلة وصبية توجه انتقادات إلى الموقف الكنسي ضد المرأة حيث يحرم على المرأة في المشاركة في الكثير من الطقوس الدينية إلا أن الفيلم يفعلها بطريقة سلسة تحمل انتقادها للمؤسسة.

وخط درامي آخر هو علاقة الحب بين مورين وصديق الصبا والذي خانها مع امرأة أخرى فتقدم من خلال القداس أيضا فكرة الحكم الفردي على الآخر، فجدها المصاب بذاكرته وبقدرته على التحكم في أعصابه لم يعد قادرا على القيام بمنح البركات لرعيته فتقوم بمساعدته بما يتناقض مع تعاليم الكنيسة وفي نفس الوقت ترفض منح بركته لحبيبها والفتاة التي خانها معها بما تحمله من إدانة مباشرة لهما أمام مجتمع القرية فهي من يمسك يد الجد لمباركة جموع المصلين.

يؤدي موت الجد وظهور الأب إلى متغير في حياة القديسة مورين فتعمل على دخول الدير الذي يعيش فيه والدها كراهب مستجد رجل وسرعان ما تتهم بانها اغتصبت فتاة محدودة القدرات العقلية من صديقات طفولتها على أرضية أنها رجل في الوقت الذي كان واضحا فيه أن أحد أهالي البلدة قام بالنوم معها واغتصابها، وهو رجل أخرس يخدم أب الكنيسة ورجال الدير.

يعاقب أب الدير الراهب (مورين بسجنها وجلدها في زريبة الحيوانات) فهي مصرة على ألا تكشف هويتها خصوصا أنه يمنع منعا باتا دخول النساء إلى الدير وهذا وجه آخر من وجوه النقد للمؤسسة الكنسية وتريد أن تستكمل مسارها الديني ضمن رؤيتها.

وتنتقم منها الفتاة التي منعت عنها البركة منها وهي قريبة المعتدى ليها بأن تحضر الوليد تلقي به على الجليد أمامها لتجبرها على الاعتراف أمام الكهنة بأنها امرأة وليست رجلا، إلا أنها تصمد في المواجهة وتعيد الوليد إلى أمه لترضعه بعد معاناة في أكثر من خط.

كل هذه الاحداث تمت ضمن ديكورات ملائمة للمرحلة التاريخية وتصوير جميل في أكثر من مكان في لبنان بما يتلائم مع الفصول والخط الدرامي للفيلم، إلى جانب ذلك ينهي الفيلم مساره بمجموعة من العبارات إشارت إلى أن مورين بعد وفاتها أصبحت قديسة وقام الصليبيون بنقل عظامها إلى البندقية (فنيسيا)، إلا ان هذه العظام أعيدت إلى لبنان لمدة أسبوع لتزور المغارة المقبرة، التي ضمت جثمانها مع جثامين 17 بطريركا بعد 800 عاما من نقل جثمانها إلى فينيسيا.