موسم عيد الأضحى.. «خيال مآتة» الأفضل فنيا وفشل فني لاحق أفلام الأجزاء الثانية

كتب: رياض أبو عواد

بعد أن انتهت فوضى الموسم السينمائي الخاص بعيد الأضحى، والتفكير بهدوء في مشاهدات الأفلام التي عرضت خلال الموسم بشكل موضوعي وبعيدا عن الانطباعات الأولية التي تحكم الكتابة، يتربع فيلم “خيال مآتة” لخالد مرعي وتأليف عبد الرحيم كمال على قمة النجاح الفني رغم أنه جاء ثالثا بتحقيق 31 مليون جنيه من حيث الإيرادات بعد “الفيل الأزرق الجزء الثاني” 92 مليون جنيه والجزء الثاني من “أولاد رزق” 83 مليون جنيه حتى 31 آب /أغسطس.

ورغم أهمية الإيرادات في صناعة السينما فإن القيمة الفنية للفيلم تعتبر مساوية في الأهمية إذ لم تتجاوز ذلك خصوصا لأهمية دور السينما في تطور الإنسان وتبادل القيم الثقافية والإنسانية من خلالها فالسينما ليست صناعة فقط لكن نجاحها أيضا في قدرتها على التأثير على الإنسان نحو الأفضل والإنساني والمستقبل.

وأهم الأفلام تلك التي ارتبطت إيراداتها بجماليتها الفنية وقيمتها الإنسانية وتأثيرها في الوجدان الشعبي مثل أفلام “الكيت كات” لداود عبد السيد و”وهي فوضى” ليوسف شاهين و”عمارة يعقوبيان” لمروان حامد وغيرها.

وهنا أميل لرؤية النجاح الفني في هذا الموسم الذي أرى فيه أن فيلم “خيال مآتة” لخالد مرعي وتأليف عبد الرحيم كمال، هو الأهم فنيا والأكثر انسجاما وتعبيرا عن رابط وسيناريو متكامل منسجم مع نفسه، إلى جانب تقديمه رؤية تقدمية مهمة على صعيد الوضع الحالي الذي تعيشه منطقتنا العربية بالدعوة للمقاومة بدون صوت عال وبدون دق طبول لكن عبر الفن بهدؤ ورمزية معقولة يمكن أن يستشف الإنسان هذه الدعوة من وراءها.

فعندما يتحول بروش أم كلثوم لدعوة للمقاومة لأنه جزء من تراث مقاوم عبرت عنه أم كلثوم في العشرات من حفلاتها التي كانت تحول إيراداتها لدعم المجهود الحربي في فترة حرب الاستنزاف عام 1968، من خلال رفض بيعه للأمير العربي ولرجل الأعمال المهووس الذي يشكل الرأسمالية الكومبردورية أكثر منه رأسمالية منتجة.

ليعود البروش إلى مكانه الطبيعي في متحف أم كلثوم، بمعنى الإصرار على استمرار المقاومة والحفاظ عليها لأنها جزء من التراث الوطني والإنساني والفني في مصر.

وهذا ما لم تحققه أفلام الجزء الثاني، التي عرضت خلال الموسم وهو الموسم الوحيد من نوعه الذي تحتل فيه الأجزاء الثانية للأفلام النسبة الأكبر في العروض في موسم يعتبر من أهم المواسم السينمائية ورغم نجاحها في تحقيق الإيرادات العالية الآن إنها فنيا لم تصل إلى مستوى إيراداتها.

وحتى هذه الإيرادات المرتفعة لا تعني حضورا جماهيريا كبيرا حسب الدكتورة شروق الشناوي المتخصصة في التسويق السينمائي من خلال دراسات تقدمت فيها حول التضخم وزيادة أسعار التذاكر ومقارنتها بسنوات الأساس لعام 2005 حيث تراجع مبيع التذاكر وحضور الجمهور من ما يقارب 30 مليون تذكرة في عام 2005 إلى 13 مليون تذكرة العام الماضي مع مؤشرات تشير إلى نفس الرقم أو بزيادة قليلة لهذا العام عن العام الماضي.

وتميزت أفلام الأجزاء الثانية في موسم العيد “الفيل الأزرق 2″ لمروان حامد وتأليف أحمد مراد، و”ولاد رزق – عودة أسود الأرض” لطارق العريان وتأليف صلاح الجهيني، و”الكنز 2″ إخراج وقصة شريف عرفة، وسيناريو وحوار عبد الرحيم كمال، بأنها جاءت أضعف من أجزاءها الأولى ولم تضف جديدا على الأحداث الدرامية او تلقي بظلال تشير إلى خطوط درامية جديدة.

فيلم “الفيل الأزرق 2” واضح تماما أنه لا سيناريو حقيقي كتب لهذا الجزء من الفيلم وأنه تجميعات أكثر منها خطوط درامية متطورة، تقود إلى حبكات درامية مهمة رغم محاولات خلق مشاهد مرعبة جاءت مضحكة بدون معنى فالسيناريو مفكك ولم يقدم جديدا والجديد هو موهبة مروان حامد التي تتجاوز السيناريو بكثير، ويبدو أن حامد يجب أن يدقق في خياراته مستقبلا وطبيعة السيناريوهات التي يعمل عليها بما يتجاوب مع موهبته الكبيرة مقارنة في أبناء جيله.

أما “ولاد رزق – عودة أسود الأرض” فالسيناريو بالمعنى المصري الدارج “قلب الشراب”، فلا جديد سوى اختراع أحداث يقودها نفس الخط الدرامي السابق في الجزء الاول فقدم تنويعات لم تقدم جديدا سوى دخول الضابط الفاسد في الجزء الأول ليصبح جزءا من مخططات ولاد رزق بل وقائدا لبعض خطواتهم، مع إداخال شخصيات جديدة لتقديم أحداث جديدة لم تغير من خطوط السيناريو مثل إدخال إياد نصار وغادة عادل وباسم سمرة، ووجودهم لم يضف جديدا لهذا العمل الدرامي.

إلى جانب أن الفيلم لا يقدم أي رؤية أو أي فكرة جديدة يمكن أن تقدم موضوعا حقيقيا وهو من المواضيع المستهلكة سينمائيا أو دراميا وهذا يعتبر تراجعا في تجربة طارق العريان التي تميزت في الكثير من الأفلام مثل “السلم والثعبان”.

وأكثر ما حيرني فيلم “الكنز “2 لمجموعة عناصر مهمة فيه تم تسطيحها في الزمن المعاصر فكيف يستند في الأحداث التاريخية على شخصيات متمردة مثل الملكة حتشبسوت التي أنجزت ما لم تنجزه امرأة في التاريخ الفرعوني المصري كله، أن تكون فرعون مصر، وأن يكون إلى جانبها مهندس وحبيب من عامة الشعب كان غاية في الإبداع وأن تحجم ثقافة ذكورية بالكاملة مدعومة بمؤسسات الدين والدولة وأن تستطيع بذكائها وقوتها أن تكون الفرعون.

وأن يستحضر الفيلم كذلك رمز التمرد للعياريين والشطار في المدن في نهاية الحكم المملوكي وبدايات الحكم العثماني كشخصيات متمردة ومعطاءة للمجتمع، وأن تتولى هذه المجموعة حماية كنز حتشبسوت وهو فعلا كنز يحتاج مثل هذه الحماية كقيمة ثقافية وتمرد يتسحق الاحترام.

وأن يتحول فجأة من يكون مدير الأمن السياسي أيام الملكية وبالتعاون مع أنور السادات الذي أطلق سراحه بعد اعتقاله، إثر ثورة 1952، التي سخر منها ولكنه فتح المجال لوجود السادات بما يحمله من سياسة انفتاح وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد التي دمرت الاقتصاد المصري ودمرت الكثير في الروح المصرية والتي رفضها الشعب تحت شعار رفض التطبيع.

لم افهم هذا التحول نهائيا فإذا كان السادات قد حمل القضية الفلسطينية والحروب المصرية من أجل فلسطين هي أساس تدمير مصر فإن الواقع يقول أن مصر كانت أفضل اقتصاديا وروحا وأخلاقا أكثر بكثير منها الآن بعد ما يقارب النصف قرن من توقيع اتفاقية كامب ديفيد، حيث للمرة الأولى شهدت مصر بيع منجزات ثورة 1952 في الصناعات النسيجية والثقيلة السيارات والزراعة غير الأراضي والفنادق والعشرات من الثروات التي تباع بأرخص الأثمان وشهدت أكثر فترة في نهب الثروات المصرية وتصديرها للخارج فوائد ديون وفوائد استثمارات.

هذا الموقف لم أفهمه خصوصا وأن كاتب السيناريو هو نفسه كاتب سيناريو “خيال مآتة” فكيف يستطيع أن يكون ملكيا ساداتيا إلى هذا الحد وكيف يكون مقاوما في رمز بروش أم كلثوم، إلى هذا الحد فعلا لا أعرف وأنا لا أعرف الكاتب شخصيا لكني عندما اقرأ الأبعاد التي يحملها كلا من الفيلميين المتناقضيين تماما، لا أعرف كيف استطاع التوفيق بين الموقفين.

الى جانب ذلك فإن افلام الجزئين عملت على تراجع الإنتاج السينمائي الجديد والمفيد إلى جانب عدم استغلال كفاءات لم تجد لها عملا خلال هذا الموسم من كتاب سيناريو وفنانين ومخرجين وأفلام جديدة تستحق مشاهدتها بدلا من أجزاء تستهلك نفسها دون مبرر.

واشتركت الأجزاء الثانية للأفلام في تغييب الوعي وتزييف الواقع بدء من توهان الطبقة المتوسطة في الفيل الأزرق 2 وهروبها من المواجهة عبر الغيبيات والجن الخ، وتخليها عن دورها في التغير الثقافي والإنساني والاقتصادي.

مرورا بالحل الفردي القائم على رابطة الدم “ومين مالوش كبير يشتري كبير” كما في ولاد رزق والذي يخرج عن التقاليد الاجتماعية البالية الخاضعة لفكرة الحلال والحرام، لا حق المواطن وحق الإنسان كأساس واقعي للحياة وليس فكرة الغيبيات التي لا تحكمها سوى أخلاق اللحظة لا قانون الإنسان الحقيقي.

لتصل الكارثة إلى مستواها في فيلم الكنز عندما يتم العودة للملكية التي أنعم عليها أنور السادات بطل اتفاقيات كامب ديفيد التي أودت بمصر إلى الهاوية والإيجابية الوحيدة في الفيلم أنه منح فرصة للفنان محمد سعد أن يعود إلى حقيقته كفنان كبير وليس الشخصية الكاركاتورية التي أفقدته الكثير من ألقه الفني رغم أنها قدمت له الكثير من الأموال.

إلى جانب ذلك تغيب العديد من المنتجين عن هذا الموسم ممن كانوا يشكلون أحد علامات المشاركة بأفلامهم في هذا الموسم مثل شركات السبكي والعدل ودولار فيلم وغيرها فكيف يتجاهل منتجين بهذا الحجم المشاركة في هذا الموسم الاقتصادي الذي ينتظر من كل عام.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]