انتقلت الخلافات السياسية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزعيم جماعة الخدمة فتح الله جولن، إلى ألمانيا التي يعيش فيها 3 ملايين تركي، نصفهم فقط لا يزال يحمل الجنسية التركية.
وتخشى السلطات الألمانية من تجدد المشاجرات بين كل من أنصار أردوغان وجولن، ما حدا بالحكومة والمحكمة الدستورية الألمانية إلى حظر استخدام أحد تطبيقات البث المباشر عبر الإنترنت، وسط مخاوف من توجيه أردوغان خطاب ﻷنصاره من خلاله.
ويأتي التخوف الألماني من انتقال الاضرابات بين الجالية التركية الضخمة التي تعيش في مختلف المقاطعات الألمانية، والتي تتوزع ما بين مؤيد لحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وأنصار جماعة جولن.
ونجد أن عملية تقاسيم الولاءات بين الأتراك في ألمانيا، تظهر مع وجود أنشطة خدمية وتعليمية ومراكز نفوذ وأتباع ومريدين لكل فريق، وذلك كالآتي:
مراكز نفوذ وتحركات جولن
تنشط جماعة جولن في ألمانيا عن طريق المدارس والجمعيات التي تتبع مباشرة «الخدمة»، أو الجهات المقربة من المنظمة والتي تنشط في تقديم الخدمة للأتراك في ألمانيا.
ووفقا لتقرير خاص لدائرة صيانة الدستور في ولاية بادن – فورتمبيرج، أعدَّه خبراء عام 2014. توجود 24 مدرسة و300 جمعية، ودورات تقوية للمناهج المدرسية، مقربة من منظمة جولن، فضلاً عن عدد كبير من الشقق السكنية المخصصة لطلاب الجامعات والتي تعرف عند الأتراك بـ «بيوت النور».
ولا تعتمد منظمة جولن على الانتشار في مجال التعليم فقط المنظمة في اتخاذ التعليم أرضية لها، تمتد أذرعها في مجالات الإعلام، والأعمال، والمال.
ويوضح التقرير أنَّ منظمة جولن، بدأت نشاطها في ألمانيا عام 1991، واستهلت ذلك بدروس التقوية للطلاب، وافتتاح رياض الأطفال، ثم المدارس، من ساعدها على التواجد بين الطبقات الناشئة في المجتمع.
وتحاول مؤسسات جولن، ترسيخ وجودها في المجتمع الألماني، عبر مساهمتها في عمليات دمج اللاجئين في المجتمع، وهو ما يلاقي ترحيباً من السياسيين الألمان لذلك تحصل المنظمة على دعم دعم مادي حكومي.
وأسست منظمة جولن عام 2012 في العاصمة برلين، «وقف التعليم والحوار» وافتتح عام 2014، بمساهمة 74 شخصاً، ويقع الوقف قرب وزارة الخارجية الألمانية، ومهمة هذه المؤسسة هي إدارة العلاقات مع المجتمع، ويرأسها، إرجان قره قويون، وافتتحت المنظمة عدة مؤسسات للعلاقات العامة مع المجتمع، في عدة مدن ألمانية.
وتقيم مؤسسة هذه المؤسسات، والمهرجانات والاحتفاليات، ما يدعم أنشطتها جماهيريا ليس بين الأتراك فقط، بل بين مختلف الجاليات المسلمة في ألمانيا.
أما المؤسسات الإعلامية التابعة للمنظمة في ألمانيا فتعمل تحت اسم، World Media Group، وعلى الرغم من إغلاق صحيفة «زمان» التابعة للمنظمة في تركيا، إلا أنَّ نسختها الأوروبية، «زمان أوروبا» ما زالت تصدر 6 أعداد أسبوعياً، أما القنوات التلفزيونية، مثل قناة «صمان يولو أوروبا» و«إبرو تي في»، فقد أغلقت بعد فترة وجيزة من انطلاقها لأسباب مادية.
وفي مجال الأعمال، تشرف «الرابطة الاتحادية لجمعية رجال الأعمال»، على أمور الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في ألمانيا، كما تشرف على الحرفيين وصغار الموظفين، وينتسب إليها 3 آلاف عضو، ولها فروع في كافة الولايات الألمانية، وتهدف لإقامة شبكة للتواصل بين رجال الأعمال.
«ملي جراش» وديعة أربكان لأردوغان في ألمانيا
وفي مقابل منظمة جولن يستمد حزب العدالة والتنمية على نفوذه ومؤيديه في ألمانيا من منظمة رؤيا الملة «ميلي جراش»، وهي منظمة ذات نشاط ديني وترعى المسلمين الأتراك في ألمانيا. وتأسس في مدينة كولونيا الألمانية في عام 1986، ويعد رئيس حزب الرفاة التركي الراحل نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركي الأسبق والأب الروحي لهذه المنظمة ذات الميول الدينية، وتقلد ابن أربكان «محمد صبري أربكان» رئاسة التجمع في 2001 .
ولكن تعتير منظمة رؤيا الملة، أكبر تنظيم تركي داخل ألمانيا لكثرة عدد الأعضاء فيه والذي وصل إلى 40 ألفًا، ويمتلك 30 جمعية نشطة، وعلى 511 جامع ومركز «زاوية» صلاة. وعلى 1091 حلقة دينية. وعلى 2137 جمعية شبابية ونسائية جامعية.
وبعد صعود حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 2002، عمد على السيطرة التامة على منطمة «ميل جراش» الذي حظيت بدعم من رئيسه أردوغان.
ويصدر التجمع مجلة دعويّة باسم ميلي جازيت Mili Gazete، وتصل ميزانية التجمع السنوية إلى ربع مليار يورو، ويدير محطة تلفزيونية Kanal 7 حيث يطرح من خلالها آرائه وافكاره.
ومن أبرز الجمعيات التي يديرها التجمع الإسلامي «ميلي جراش»، اتحاد الجمعيات الإسلامية في برلين، اتحاد الجمعيات الإسلامية في مقاطعة نيدرساكسن، واتحاد الجمعيات الإسلامية في بريمن، اتحاد الجمعيات الإسلامية في مقاطعة نوردهاين فستفاليا، اتحاد الجمعيات الإسلامية في منطقة روه، واتحاد الجمعيات الإسلامية في مقاطعة هيسن.
وبالإضافة لمنظمة رؤيا الملة، يوجد الاتحاد الإسلامي التركي، وهو اتحاد يتبع الحكومة التركية في أنقرة ويدار مباشرة عن طريق وزارة الشؤون الدينية التركية، ويضم عدة جمعيات تدير مساجدًا ومراكزاً دينية في ألمانيا ومهمة هذا الاتحاد هي رعاية الشؤون الدينية للمسلمين الأتراك في ألمانيا.
ونجد أن وسط الأصطفاف بين الفريقين أردوغان/ جولن، هناك تخوفات ألمانية من تصاعد الخلاف بينهم داخل أراضيها. ويذكر أن مقاطعة كولونيا الألمانية، شهدت اشتباكات عنيفة بين بين المعارضين والمؤيدين الأتراك فى 22 يوليو/تموز عقب إعلان أردوغان الطوارئ وإطلاق يد الحكومة لبدء ما أطلق عليه «عملية التطهير من جماعة جولن الموازية».
وأعرب نائب رئيس اتحاد العاملين في دائرة الشرطة الألمانية عن قلقه من تفاقم الأوضاع. فيما أبدى وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير، حزمًا أمام تبادل الأتراك الاتهامات والتهديدات، قائلاً نرفض أن تتحول مثل هذه النزاعات في تركيا إلى أعمال عنف في الشارع في ألمانيا.
