نافذة على الصحافة العالمية: كورونا في مواجهة الديمقراطية.. وحجر صحي فوق الأشجار
نشرت صحيفة «غازيتا رو» الروسية، مقالا تحليليا، حول اختبار وباء كورونا الديمقراطيات الأوروبية، وحقوق الإنسان وآليات العمل الحكومية.. وجاء في المقال: اضطرت الغالبية العظمى من الدول الأوروبية إلى اتخاذ تدابير طارئة، لمكافحة فيروس كورونا.. تقيّد الحكومات حق المواطنين في التنقل وحرية التجمع وتلغي الانتخابات، وكثيرا ما يتم اللجوء إلى إيقاف المناقشات البرلمانية.. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، البرلمان الأوروبي، حيث تم تأجيل جميع المناقشات غير المتعلقة بالأزمة، إلى أجل غير مسمى، وهناك اتجاه آخر مخيف، هو التطبيق واسع النطاق لإجراءات الطوارئ والأحكام العرفية، والتي تكسر عماد الأنظمة القائمة على فصل السلطات، كما يمنح الوباء القادة الاستبداديين الفرصة للسيطرة على البلاد والاستفادة من دعم السكان غير المشروط، ففي حال تهديد العدوى للسياسيين، غالبا ما تصبح البرلمانات أقل فاعلية، هذا واضح في الولايات المتحدة، حيث خسر حزب الرئيس الجمهوري الأغلبية في مجلس الشيوخ بسبب الحجر الصحي لخمسة أعضاء جمهوريين، ونتيجة لذلك، استمرت مناقشة مشروع قانون تدابير الطوارئ للتعامل مع عواقب الوباء عدة أيام إضافية.
لتلافي مثل هذه الحالات، تتخذ البلدان، ذات الظروف الوبائية الصعبة بشكل خاص، تدابير كانت تعد في السابق خطيرة وغير مقبولة لممارسة الأعمال، وتعمل البرلمانات بنشاط على إدخال أنظمة التصويت عن بعد، وفي كندا، أغلق البرلمان بشكل عام لمدة خمسة أسابيع.علاوة على ذلك، فكما تبين الممارسة، تُظهر الأنظمة الشمولية فاعلية أكبر في مكافحة فيروس كورونا. لقد حاربت الصين، حيث بدأ الوباء، بقسوة بالغة المرض وتغلبت بسرعة على الأزمة. وأما الآن، فيتم وضع قيود داخلية صارمة واعتماد قيود جديدة على دخول البلاد، كي لا يدخل إليها الفيروس من الدول الأوروبية، حيث يزداد عدد المصابين يومياً.
أشكال السعادة في اجتياز فترة الغلق
وتحت عنوان «أشكال السعادة في الرياضة الصغيرة يمكن أن تساعدنا جميعا في اجتياز فترة الإغلاق»، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، مقالا تناول تقييد الحركة خارج المنازل، ومن الضروري ممارسة رياضات مثل المشي السريع في منطقة السكن، والاستمتاع بدروس اليوغا على الانترنت، وتمارين الضغط الخفيفة في غرفة النوم..وجاء في المقال: الكثير من الأنشطة التي تندرج تحت لافتة الرياضة الصغيرة هو هذا النوع من الأمور التي لا يكاد الكثير من الناس يصنفونها على أنها رياضة على الإطلاق..وهناك مهام كثيرة مؤجلة ولم تنجز منذ فترة طويلة، منها كتب لم تقرأ، وأفلام لم تشاهد، وأرفف لم يُرتًب ما عليها. ولولا فترة العزل، ما كان لهذه المهام أن تُنجز.
ومن الشائع أن الكاتب الإنجليزي الأشهر ويليام شكسبير، كتب مسرحية الملك لير، أحد أروع أعماله، في وقت الحجر الصحي زمن وباء الطاعون..وينصح المقال بالتعامل الجاد مع السلوكيات التي تبدو صغيرة في هذه الظروف، وربما تؤدي إلى أمور أكبر لاحقا في المشاركة في ماراثون أو حب رياضة بعينها مثلا..ويخلص المقال إلى القول: ربما النصح بشكل ما، وفي عصر الحريات المقيدة وقوة الدولة المخيفة، يمكن للحركات الرياضية الصغيرة المتكررة أن تشعرنا بالراحة.
حجر صحي فوق الأشجار
ونشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تقريرا يشير إلى أن كل طرق الحجر الصحي ليست واحدة.ففي الهند، التي ترتفع فيها معدلات الفقر، استخدم بعض سكان إحدى القرى الأشجار العالية ملجأ للحجر الصحي في معركتهم مع فيروس كورونا..إن العمال أُبلغوا بأن يعزلوا أنفسهم طواعية لمدة 14 يوما بعد رحلة طويلة من مدينة تشاناي إلى مسقط رأسهم بمنطقة نائية في ولاية البنغال الغربية، وتنفيذا للتعليمات وضع القرويون أنفسهم في حجر صحي فوق الأشجار لتجنب نشر فيروس كورونا بين أفراد عائلاتهم..وبحسب التقرير، الذي أُرفق بفيديو قصير، فإن مجموعة من سبعة عمال أنشأوا مقر إقامة مؤقتة فوق شجرتي مانجو وشركة تين بنغالي تستخدم عادة في البحث عن الفيلة.
وقال العمال إنهم لا يريدون دخول قريتهم وتعريض أسرهم للخطر، لأنهم يعيشون في أكواخ طينية بكل منها غرفة واحدة.. وأضافوا: لقد أمرنا الطبيب بالبقاء في المنزل وممارسة التباعد الاجتماعي، ولكن ليس لكل منا غرفة خاصة في منازلنا. وقد اتُخذ قرار في القرية بأنه يجب أن نُعزل. نعيش الآن فوق وتحت الأشجار بإرادتنا الحرة ونحن على مايرام هنا، وليس هناك أي مشاكل.. وكانت الحكومة الهندية قد فرضت على الشعب البالغ عدده نحو 1.3 مليار نسمة أن يلزم المنازل حتى يوم 15 أبريل/نيسان في محاولة للحد من انتشار وباء فيروس كورونا.
تضييق على الحريات في سبيل مكافحة كورونا
ونشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية، ملفا تحت عنوان «الديمقراطيات أمام تحدي الطوارئ الصحية»، وتناولت الصحيفة التدابير الاستثنائية التي اعتمدتها أوروبا لحماية نفسها، بعد أن أصبحت خلال أسابيع قليلة، بؤرة فيروس كورونا : من الحجر المنزلي، الى استعمال داتا نظام التموضع العالمي GPS، عدا عن اللجوء الى الدرونز «الطائرات من غير طيار»، من أجل تعقب مخالفي حظر التجول، وهي تدابير فيها تعد على الحريات بات مقبولا، لا بل إن الجدل يدور حاليا حول سبب التأخر في فرضه.
وتضيف الصحيفة: إن السلطة التنفيذية منحت نفسها حق حد الحريات الشخصية، في حين ان هذا الحق من صلاحية القضاء، في الأيام العادية، وفقا لمبدأ فصل السلطات.. وحذرت الصحيفة، في افتتاحيتها، من مخاطر تحويل الاستثناء إلى قاعدة.. وخلصت إلى القول بأن «كوفيد-19»، الذي يشكل تهديدا على حياتنا، هو أيضا تحد للديمقراطية التي لا يجب أن تخيير الإنسان ما بين الصحة والحرية.
الوباء فرصة لإصلاح حقيقي
وتشير صحيفة «آي» البريطانية، إلى أن كل يوم يتراجع الأمل في بريطانيا في العودة إلى الحياة العادية قريبا، وسط توقعات متشائمة بأن الأسوأ، في أزمة وباء كوفيد-19، لم يأت بعد.. ونشرت الصحيفة مقالا يتساءل: هل يود البريطانيون فعلا العودة إلى حياتهم العادية السابقة؟.. وجاء في المقال: يمكننا استخدام هذا الاضطراب لطرح أسئلة عن أعرافنا في التعامل مع الضرائب والدراسة في المدارس، والجامعات، والكثير من مناحي الحياة الحديثة الأخرى، ومناسبة طرح الفكرة هي رسالة الطبيبة جيني هاريس، نائبة رئيس هيئة الشؤون الطبية في إنجلترا، الصريحة الصادمة التي نصحت فيها البريطانيين بأن يستعدوا للحياة الجديدة الحالية لشهور قد تتجاوز الستة قبل بدء العودة تدريجيا إلى الحياة الطبيعية!! وأيا يكن المدى الزمني المتوقع، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل نحن متأكدون من أن العودة إلى الحياة العادية هي ما نريد أن نذهب إليه؟ إن الجميع يريد العودة إلى حياة لا يهدد فيها هذا المرض الفتاك حياة جيراننا وأحبائنا.
كل شيء الآن مضطرب بالفعل، عمل كل فرد توقف، وكل أوجه الحياة تقريبا مجمد بالضرورة. والتكلفة بالفعل هائلة، وبناء عليه من المؤكد أن هذا بدقة هو الوقت الملائم للسؤال عما إذا كان القادم يجب أن يكون هو عودة الأمور إلى ما كانت عليه ؟! كل شيء يتغير أو يجري تغييره، لذا فإن هؤلاء الذين ينعمون بصحة جيدة والوقت أمامهم يجب أن ينتهزوا اللحظة لاستخدام قدراتهم الكاملة على التخيل، إن كل قطاع، كل مجال من مجالات الحياة، كل جناح من أجنحة السياسة والفلسفة والاقتصاد سيكون لديه أفكار مختلفة (حول العودة إلى حياة طبيعية جديدة).