نقد| «هيبتا».. الخطايا السبع

مازلت أؤمن بأن قصص الحب موجودة، رغم أن كثر يعتقدون أنها تعيش فقط على الورق، أما في رواية هيبتا، فيضعنا صاحبها محمد صادق، في أكثر القوالب المستهلكة، ويأتينا هادي الباجوري بفيلم غير مقنع، لا يقبل بكونه خيالا يعطل إحساس الذهن، ومفرط في الإصرار على تدوين مواعظ وجدانية، ويصور الحقيقة على هواه، وذريعته الابتكار بعقلية تجارية.

تمية قلب رجل معلق بين امرأتين، أو شكلها الآخر إمراة بين رجلين، باتت مملة كصناعة -أقله في الدراما المصرية- وجنحت بسذاجة لمثالية لم تعد بالمجتمعات، فالتصق الفيلم بالقعر بسفينة الحب لجنوحه إلى ماء ضحل.

يظل العقل ينازع القلب، في معظم الرواية والفيلم، لدرجة أنه لم يعرف هل ما يراه حدث فعلا أم لا، بالغ العمل في توظيف قصص حب لا تختلف عما يعرض، لرسم 4 قصص متوازية، لسرد حكاية واحدة مترابطة، تجسد مراحل الحب السبع، ليخرج فيلم عادي بشكل مخيب للآمال، من مخرج تعودت أعماله أن تكون رائعة، بابتكاراته الغرائبية.

كله في هيبتا رهن المصادفة: مشاهد لقاءات الشخوص الساذجة، الأماكن، الأحداث.. الافتعال سيد هذا العمل، فبعيدًا من الميثولوجيا التي حيكت في شأنه، فلم تعد تيمة العشق تلك جاذبة، واستهلكت منذ زمن، وأمست أكذوبة مكشوفة، وغرق هيبتا في التقليد المستهلك والنص الفارغ، ففي اللحظة التي تشعر فيها بفيلم متزنا نسبيا يحكي قصة حياة واقعية تحدث لمعظمنا، يظهر شخص ما وهي فتاة السطح «علا»، وظن هنا المؤلف أنه عندما يخترع مشهد خيالي لا وجود له، قد يتوصل إلى شئ أروع، ويصل هذا النهج إلى ذروته في مشهد (الحضن).

ويمكن اعتبار لقطات الباجوري السينمائية، ذات تأثير مباشر وفوري، تترك للمتفرج انطباعا بأنه جزء منها، فيما وقع وائل حمدي في تخبط سيناريستي، إلا أنه جعل بلاهة العلاقات مبررة إلى حد ما، وكذلك الروح التي مررها الممثلون تجعل هيبتا مهيبًا في معظم وقت مشاهدته، وجديرا بالمشاهدة أيضا، رغم كون فكرته مستهلكة.

ياسمين رئيس الأجمل في اختيار الدور وأدائها، باستثناء (الحضن) ضمت يوسف إليها بطريقة خرقاء، كأنها لا تتعود على إظهار الحب، عمرو يوسف يكثف مأساته بنظراته، أحمد داوود يحتاج إلى المزيد ليتجلى أداءه الذي جمعه بدينا الشربيني، التي لا تمسك الشخصية وتفاصيلها، وكلما تكلما فإن الحديث المتبادل بينهما يظهران من خلاله، كأنهما مثيران للغثيان، الشربيني ومنذ أول أعمالها مسلسل (عرض خاص) عام 2010 وهو يعتبر أيضا أول مسلسل من إخراج هادى الباجوري، ولم تتقدم أو تغير أدواتها.

أحمد مالك استطاع في مشهد واحد تشخيص إصابته بمرض عضال، وأجاد الدور، جميلة عوض تتقدم وتتعلم وتسعى إلى الإتقان، وتنجح في توصيل أن الشفقة أو ورد الجميل ليس ما جذبها إلى كريم بل الحب، أما الممثلين الآخرين فكانوا أقل حضورا.

وأهمل الفيلم، قاعدة «بيّن ولا تقل»: ماجد الكدواني يشكل البوصلة والمحور (شخصية المحاضر الحكاء) لا يدع موضوعا أومرحلة أو موقف يمر دون توضيحه بالكلام.

هيبتا، اسم يأتي من الرقم الإغريقي سبعة، وتعبر الرواية في المراحل السبع للعلاقات العاطفية، وهي: البداية، اللقاء، العلاقة، الإدراك والحقيقة ثم القرار، كل مرحلة أكثر جنونا وسخفا مما قبلها.. وصولا إلى الهيبتا.  ولكن مهلا.. (أي حد قالك إنه مر بمراحل عشان يحب كدب عليك.. أو محبش أساسًا)، مجرد هراء يصدر ممن لم يعرف الحب في حياته، فالحب لا يرتبط بمراحل فينزلق لفلسفة لا يحتملها، المراحل تعني مكننة الحب، تجعله مفرغًا من عفويته، بلاستيكيا، وكأنه لا يسمح بوقوع الحب ما لم يكن مخططا له مسبقا، ويتصرف العشاق كما لوكانوا آليين، يختزلون أحاسيس شتى، فربما يقصد هنا مراحل الزواج ولاسيما زواج الصالونات، حيث التقاليد المتبعة والقداسة.

الخطايا السبع، العجائب السبع، السبع العجاف، البحار السبعة، ألوان الطيف السبعة، سبع سموات، سبع أراضين، سبع قارات، الطواف حول الكعبة 7، السعي بين الصفا والمروة 7، ورمي الجمرات 7، درجات السلم الموسيقي 7، أيام الأسبوع 7، مراحل تكوين الجنين 7.. بما إن 7 رقم يرمز للكمال، فلم يكن غريبا أن مراحل الحب المكتمل تكون 7 أيضا.. (اشمعنى الحب يعني هي جت عليه).

البؤس الاجتماعي يتيح للجمهور ينقض على أي ملمحا ذا مسحة عاطفية، أمزجة الجمهور المقهور في بلدان التعاسات الحاملة لغصة قلوب، تنهك ويخشون البدايات الجديدة، وقلوب لم تذق الحرقة وأخرى تواقة لخوض مغامرة مماثلة، والثورة والتمرد والاستعداد لكل شيء لمجرد تجريب العيش خارج “السيستم”، هي سبب الهراء أولعلها ذريعته، هراء مؤلف استفز الوعي الهش لديهم، ولعب على عاطفة قلوب تنتظر متعة لاحرقة والتنهد.

العمل لن يقدر على ابتكار نهاية مغايرة، فأتت بالفعل النهاية وفق السذاجات الدرامية، سادتها الخيبة والكليشيه المستهلك، أي نعم الموت في السينما ليس تابو بل حقيقة يحب التصالح معها، ولكن كل موت ممكن إلا طريقة موت (يوسف) فلا يمكن تقبلها، فبأي منطق أو حتى خيال علمي يموت، هل الموت شرط الحب؟ أم أن الحب يمهد لموت مؤجل لا فكاك منه، يوسف كان على وشك أن ينتحر، فاعتلى سور الشرفة، وذريعته اليأس، لكي يجد الموت قبل أن يجده، ولكنه فجأة يصادف فتاة أخرى على سطح المنزل المقابل له، فينجرف في علاقة سريعة معها، فيتراجع عن الانتحار، ولكن بعدما أحبها اعتلى السور بصفته محب فانزلق، وكأن تنهيدة القلب أفقدته توازنه فخر صريعًاـ ولكن لا، فالحب ليس سلوى تمهد للموت، إنما الموت هنا من التذاذ المؤلف بصفته الكاتب الرافض منطق الواقع، ليقدم رسالة متشائمة لتصبح سوداوية أكثر فأكثر، تتضاد مع مقوله الكدواني في الفيلم (في أمل)، وكأن المؤلف يقول الموت من اختصاص الحب.

12936566_524059244449086_3133330877851894995_n

يحاكي العمل أقنعة المجتمع المصري المتناقضة، لكل شخصية اختزالات تطول فئات تشبهها، فثمة شخصية البائس «يوسف» (عمرو يوسف) المرتبط بفتاة لا تعرف آخرا لتلك العلاقة، وهو يشعر أن لا جدوى منها، وفجأة يصادف فتاة أخرى على سطح المنزل المقابل له، فينجذب لها دون مقدمات ويترك المرتبط بها لمصير مجهول بلا أسباب، فتأخذه إلى عالم جديد ويطلب منها الزواج دون أن يعرف أي شيء عنها ولا عن ماضيها وأظهرت هي موافقتها على الفور، وبعد الزواج يبدأ في التعرف عليها فتذكره بمأساته فيزيد حبه لها ويتعاطف معها.

وكريم (أحمد مالك) شاب بعمر 17، يرقد داخل مشفى للعلاج، يشعر أنه وحيدًا، إلى أن يعترف بحبه لصديقته «دنيا» (جميلة عوض)، التي بادلته مشاعر الحب وشعر أنه قد يستطيع مواجهة الحياة من جديد.

ويحيى (أحمد داوود) والذي يلتقي بفتاة «علا» (دينا الشربيني) في المقهى مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء، يبدأ برسمها وهو مغمض العينين حتى تتفاجأ بصورتها كأنه يعرفها منذ زمن، ولكنه رسمها مقيدة وكأنه يعرف نفسيتها الكامنة خلف الوجه الضاحك، تجاذبا أطراف الحديث عبر البريد الإليكتروني وأبدت علا خوفا منه في البداية، لأنه يعلم أنها على علاقة برجل آخر، ولكنه أصابها بصدمة عندما يسرد لها تفاصيل دقيقة عن حياتها، والتي لا يعرف عنها أحد، تتخلص علا من من أحمد الذي كانت على علاقة به، وتنطلق مع يحيى التي أعجبهتها طريقته.

«شادي» هو الطفل الصغير جار الطفلة «مروة» الذي لا يرى سواها ومعلق قلبه باللعب معها يوميا، أعترف لمروة بحبه الطفولي وأبدت هي خجلا وفرحا.

الإطار العام لا يجعل العمل مرفوضا، أما التفاصيل فبعضها ركيك مفتعل، ولكن رغم كل ما سبق، ينجح كفيلم في تحقيق غرضه الأساسي كفيلم رومانسي.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]