نهاية الغطرسة.. والعصر الجديد من ضبط النفس الأمريكي

ستيفن م. والت* – فورين أفيرز

ترجمة خاصة لـ”الغد”.. أعدها –  نادر الغول

يطرح العالم اليوم تحديات لا منتهية منها صين أكثر قوة  وأشد حزماً، وتهديدات جديدة من الفضاء الإلكتروني، موجة متصاعدة من اللاجئين، وكراهية الأجانب المتزايدة، وخيوط التطرف العنيفة المستمرة، بالإضافة إلى تغير المناخ، وغيرها الكثير.

ولكن مع كل التعقيدات التي تحيط بالعالم، فإن واشنطن بحاجة أكثر إلى أفكار واضحة حول مصالحها الحيوية الأساسية وأولويات السياسة الخارجية، كما أنها بحاجة إلى استراتيجية ناجحة تحدد لها أين يمكن للولايات المتحدة خوض حرب ولأي غرض.

رغم كل الحديث عن كيف أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومكانة البلاد في العالم لن تكون هي نفسها بعد رئاسة دونالد ترامب، فإن أفضل خريطة طريق للولايات المتحدة واحدة لا غير. الواقعية، النهج الثابت في السياسة الخارجية التي قادت البلاد طوال معظم القرن العشرين ودفعت صعودها إلى أن تكون  قوة عظمى، لا تزال الخيار الأفضل.

منذ ربع قرن، بعد انتهاء الحرب الباردة، تخلت نخب السياسة الخارجية عن الواقعية لصالح استراتيجية كبرى غير واقعية، الهيمنة الليبرالية، التي أضعفت البلاد وألحقت أضرارًا كبيرة في الداخل والخارج، وللعودة إلى المسار الصحيح، ينبغي على واشنطن أن ترجع إلى الواقعية وضبط النفس التي خدمتها جيدًا في الماضي.

إذا أعادت واشنطن اكتشاف الواقعية، فستسعى الولايات المتحدة للحفاظ على أمن ورفاهية الشعب الأمريكي وحماية القيمة الأساسية للحرية في الولايات المتحدة، وسوف يدرك صانعو السياسة أهمية القوة العسكرية، لكنهم سيأخذون أيضًا في الاعتبار الموقع الجغرافي للبلاد، والوصول إلى استنتاج وهو ضبط النفس في استخدام القوة.

ستتبنى الولايات المتحدة استراتيجية “التوازن الخارجي” والامتناع عن الحملات الصليبية لإعادة تشكيل العالم كما تراه هي، مع التركيز بدلاً من ذلك في الحفاظ على توازن القوى ببعض المناطق الرئيسية.

حيثما أمكن، ستشجع واشنطن القوى الأجنبية على تحمل العبء الأساسي للدفاع عن نفسها، وستلتزم بالدفاع فقط عن هذه المناطق التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بمصالح حيوية وحيث لا تزال سلطتها ووجودها ضروريا. ستعود الدبلوماسية إلى مكانها الصحيح، وسيعمل الأمريكيون على تعزيز قيمهم في الخارج من خلال إظهار فضائل الديمقراطية في الداخل.

إذا لم تكن مكسورة

في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عندما كانت الولايات المتحدة ضعيفة، تجنب زعماء مثل جورج واشنطن إلى ويليام ماكينلي المواجهة مع الأجنبي وركزوا على بناء القوة محلياً، من خلال توسيع نطاق  التواصل عبر أمريكا الشمالية، وفي نهاية المطاف طرد القوى العظمى الأوروبية من نصف الكرة الغربي.

في النصف الأول من القرن العشرين، استخدم الرؤساء الأمريكيون مثل وودرو ويلسون وفرانكلين روزفلت القوة الجديدة التي اكتسبتها البلاد لاستعادة توازن القوى في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة خارج نصف الكرة الغربي، لكنهم تركوا القوى العظمى الأخرى تقوم بمعظم الأعباء الثقيلة، وبالتالي خرجت الولايات المتحدة سالمة نسبياً، وأقوى من أي وقت مضى، من الحربين العالميتين اللتين دمرتا آسيا وأوروبا.

ولكن هذه لم يكن ممكنا خلال مرحلة الحرب الباردة، لذلك تقدمت الولايات المتحدة وقادت التحالفات التي حاولت تحجيم الاتحاد السوفييتي، ودفع القادة الأمريكيون بخدمة الترويج للديمقراطية وحقوق الإنسان ومبادئ مثالية الأخرى، ولكن السياسة الأمريكية في جوهرها كانت واقعية.

من خلال نظام بريتون وودز(اتفاقية بريتون وودز. تم إنشاء اتفاقية بريتون وودز في مؤتمر عقد عام ١٩٤٤ لجميع دول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. وقعت في بريتون وودز، بولاية نيو هامبشاير. وبموجب الاتفاقية، وعدت الدول بأن تحافظ بنوكها المركزية على أسعار صرف ثابتة بين عملاتها بالدولار، إضافة شخصية)، ساعدت الولايات المتحدة أيضًا في تعزيز اقتصاد عالمي أكثر انفتاحًا، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحاجة إلى الاستقرار المالي، والاستقلال الوطني، والشرعية المحلية. ببساطة، بالنسبة لمعظم تاريخ الولايات المتحدة، كان القادة الأمريكيون حساسين بشدة لميزان القوة، قدموا الدعم المادي، وقاموا بمهام صعبة عند الضرورة.

ولكن عندما انهار الاتحاد السوفييتي ووجدت الولايات المتحدة نفسها، على حد تعبير مستشار الأمن القومي السابق برنت سكوكروفت في عام ١٩٩٨ “تقف وحيدة في ذروة السلطة والقوة.. مع أندر فرصة لتشكيل العالم،” رفض القادة الأمريكيون الواقعية التي عملت بشكل جيد لعقود وحاولوا إعادة تشكيل السياسة العالمية وفقًا للقيم الأمريكية.

سعت الولايات المتحدة إلى استراتيجية جديدة، الهيمنة الليبرالية، لنشر الديمقراطية وفتح الأسواق في جميع أنحاء العالم. هذا الهدف هو العامل المشترك الذي يربط سياسة الرئيس بيل كلينتون بـ”المشاركة والتوسيع”، و”أجندة الحرية” للرئيس جورج دبليو بوش الابن، واحتضان الرئيس باراك أوباما الثورات العربية في ٢٠١٠-٢٠١١وإعلانه “ليس هناك حق أكثر أهمية من القدرة على اختيار قادتك وتحديد مصيرك”. حظي هذا التوجه على دعم واسع من كلا الحزبين، والبيروقراطيات الفيدرالية التي تتعامل مع الشؤون الدولية، ومعظم مؤسسات الفكر وجماعات الضغط والشخصيات الإعلامية التي تشكل مؤسسة السياسة الخارجية.

الهيمنة الليبرالية هي استراتيجية شائعة. بدلا من العمل على الحفاظ على توازنات مقبولة للقوة في مناطق للولايات المتحدة مصالح مهمة، بدلا من ذلك سعت الولايات المتحدة إلى تحويل أنظمة الحكم حول العالم وضمها لمؤسساتها الاقتصادية والأمنية. والنتائج كانت محبطة، حروب فاشلة، أزمات اقتصادية، ازدياد عدم المساواة، وتحالفات متوترة وخصوم أكثر جرأة.

الغطرسة المهيمنة

عندما تولى بيل كلينتون الحكم في العام ١٩٩٣، كانت الولايات المتحدة في علاقات إيجابية مع القوى العالمية الأخرى، بما فيها الصين وروسيا. الديمقراطية كانت تنتشر، تم نزع سلاح العراق، وإيران لم يكن لديها أي قدرات نووية. بدا أن اتفاق أوسلو سيعلن انتهاء الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وكانت واشنطن في موقع مركزي لقيادة هذه العملية. الاتحاد الأوروبي كان يضيف المزيد من الأعضاء إلى مؤسساته وباتجاه إعلان عملتهم المشتركة، اقتصاد الولايات المتحدة كان ممتازا. وكان الأمريكيون يرون الإرهاب مشكلة ثانوية، والقوة العسكرية للولايات المتحدة لا يمكن إيقافها. كانت كل الظروف معنا. الحياة كانت جيدة.

ولكن هذه الظروف عززت شعورا بالثقة الزائدة بين النخبة الأمريكية. مقتنعين أن الولايات المتحدة “الأمة التي لا غنى عنها” كما وصفتها وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت عام ١٩٩٨، كانوا مقتنعين أن لديهم الحق، المسؤولية، الحكمة لإعادة تشكيل الحسابات السياسية في كل زاوية من زوايا العالم.

هذه الرؤية تبين أنها نابعة من غطرسة متخيلة. المحاولات المتكررة لإيجاد حل بين الإسرائيليين والفلسطينيين فشلت، وحل الدولتين الذي تبناه ثلاثة رؤساء للولايات المتحدة لم يعد حلا قابلا للتطبيق. القاعدة هاجمت الولايات المتحدة في ٩/١١، وعليه شنت الولايات المتحدة حربًا عالمية ضد الإرهاب، تضمنت اجتياح أفغانستان والعراق.

هذه الحملات العسكرية كانت إخفاقات مكلفة وحطمت هالة الجيش الأمريكي الذي لا يقهر. غالبية مناطق الشرق الأوسط غارقة في الصراعات، المتطرفون فاعلون من أفريقيا إلى وسط آسيا وحتى أبعد من ذلك، في حين، أن الهند، وباكستان وكوريا الشمالية اختبروا ونشروا الأسلحة النووية، وإيران أصبحت دولة نووية كامنة.

إن انهيار سوق العقارات في العام ٢٠٠٨ كشف الفساد المستشري في المؤسسات المالية وقاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية بعد الكساد الكبير، كارثة ما زال الاقتصاد العالمي يحاول التعافي منها.

في 2014 ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، وتدخلت في عدد آخر من الدول من وقتها، وعلاقاتها من الغرب أسوأ من علاقاتها خلال الحرب الباردة. قوة الصين وطموحها يتمددان، والتعاون بين بكين وموسكو في اطراد. أزمة الاتحاد الأوروبي، بعد قرار المملكة المتحدة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والحركات الشعبوية النشطة زادت من الشكوك حول مستقبل هذه الاتحاد.

الديمقراطية في تراجع عالمي، وحسب مؤسسة “بيت الحرية”، عام 2018 كان العام الثالث عشر على التوالي الذي انخفضت فيه الحريات العامة عالميا. القادة غير الليبراليين هم الذين يحكمون في بلاد مثل هنغاريا وبولندا، أضف إلى ذلك خفض مؤشر الديمقراطية السنوي لوحدة الإيكونوميست الاستخباراتية الولايات المتحدة من ديمقراطية “كاملة” إلى “معيبة.”

لم تكن الولايات المتحدة المسبب الرئيس لكل هذه التطورات السلبية، ولكنها لعبت دورا رئيسيا في أغلبها. ولكن أصل ومسببات هذه الاخفاقات كان تبني واشنطن للهيمنة الليبرالية. بداية، وسعت هذه الاستراتيجية من التزامات الولايات المتحدة الأمنية دون توفير موارد جديدة للوفاء بها. أجبرت سياسة “الاحتواء المزدوج” في إيران والعراق، وإبقاء أعداد كبيرة من الجنود في شبه الجزيرة العربية، عبء إضافي ساهم في إقناع أسامة بن لادن بالهجوم على الأرض الأمريكية.

كما أجبر توسع حلف الناتو الولايات المتحدة للدفاع عن الدول الضعيفة والمستهدفة، حتى فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة سمحوا لقواتهم العسكرية بالضمور. وبنفس الأهمية، فإن جهود الولايات المتحدة في نشر الديمقراطية، التوسع اللا محدود لحلف الناتو، والسماح للتحالفات الموجودة بالتمدد أبعد ما وجدت من أجله، سمم العلاقات مع روسيا. إضافة إلى سعي الولايات المتحدة لتغيير الأنظمة في عدة دول شجع دولا عدة لامتلاك الأسلحة النووية، كحالة كوريا الشمالية والتي حصلت فيها على السلاح النووي.

وحتى عندما نجحت الولايات المتحدة في التخلص من عدو خارجي، كما حصل في أفغانستان، العراق وليبيا، النتائج لم تكن ديمقراطيات ناشئة ولكن احتلال مكلف، ودول منهارة، ومئات الآلاف من القتلى المدنيين. لقد كان القادة الأمريكيون واهمين لو تخيلوا غير هذا السيناريو. إن خلق ديمقراطية فاعلة هي عملية معقدة بطبيعتها، ولكن محاولة تبني هذه السيناريو في مجتمعات مفتتة يصعب فهمها، هو خيار غبي.

وأخيرًا، فان العولمة لم تقدم ما كان مطلوبا منها. فالأسواق المفتوحة والاستثمار جلب منافع كبيرة للطبقة الدنيا والوسطى الصينية والهندية وأجزاء أخرى من دول العالم النامية. أضف إلى ذلك أن هذا السياسة ساعدت على زيادة ثروات وأرباح الواحد في المائة من الناس الذين يملكون كل ثروات العالم. في المقابل فإن العائد المادي للطبقة الدنيا والوسطى في أمريكا وأوروبا لم يتغير، بعض الأعمال والصناعات في هذا البلدان هربت إلى الخارج وأصبح النظام المالي العالمي أكثر هشاشة.

هذا السجل الحزين هو ما دفع ترامب في العام 2016 للقول إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة “كارثة مكتملة” ملقيا اللوم على النخبة البعيدة عن الواقع، وهو ما دفع الكثير من الأمريكيين للموافقة على هذا الطرح. لم يكن هؤلاء الأمريكيون انعزاليين، ولكن ببساطة أرادوا من حكومتهم التوقف عن إدارة شؤون العالم والاهتمام أكثر بالمشاكل في الداخل الأمريكي.

يبدو أن أسلاف ترامب سمعوا تلك الرسالة قبله، على الأقل عندما كانوا يخوضون الانتخابات. في عام 1992، كانت شعار كلينتون “إنه الاقتصاد، يا غبي”. في عام 2000، سخر بوش من جهود كلينتون في “بناء الأمة” ودعا إلى سياسة خارجية “قوية ولكن متواضعة”. تعهد أوباما بإنهاء الحروب الخارجية والتركيز على ” بناء الأمة في المنزل.” كانت هذه الشعارات مفهومة، كما توضحها استبيانات الرأي التي أظهرت مرارا أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن البلاد كانت تلعب دور الشرطي العالمي أكثر من مجرد المساعدة.

وحسب استطلاع مركز بيو للأبحاث، في عام 2013، 80% من الأميركيين وافقوا على “يجب علينا ألا نعمل وفقا لشروط النظام العالمي ولكن أن نركز أكثر على مشاكلنا الوطنية وبناء قوتنا وازدهارنا هنا في الوطن.” في حين أن 83% من المستطلعة آراؤهم أرادوا من الرؤساء التركيز على الشؤون المحلية قبل السياسة الخارجية. كلينتون، بوش الابن، وأوباما فهموا ماذا يريد الأمريكيون ولكنهم فشلوا في تبني هكذا سياسات.

وهكذا فعل ترامب، ورغم كثافة تغريداته وتعليقاته العامة التي عادة ما تطرح مثل هكذا تساؤلات، فإن الولايات المتحدة ما زالت تدافع عن حلفائها في حلف الناتو، ما زالت تحارب في أفغانستان، وما زالت تطارد الإرهابيين في افريقيا، وبقيت تمنح دعما لا مشروط لحلفائها وزبائنها في الشرق الأوسط، وما زالت تطمح للإطاحة بعدة أنظمة خارجية.  أسلوب ترامب يختلف تماما عن أسلوب من خلفهم، ولكن مضمون سياساته لا يختلف عنهم. والنتيجة أسوأ، واشنطن ما زالت تسعى وراء استراتيجية مضللة، ولكن الآن مع رجل سوقي وغير كفء في البيت الأبيض.

الواقعية بالممارسة

أربعة رؤساء للآن تبنوا وسعوا إلى استراتيجية بنيت حول الهيمنة الأمريكية، والأربعة رؤساء قادوا هذا الاستراتيجية من دون كفاءة. كما وصفها عالم السياسة جون ميرشايمر وأنا في مادة سابقة على صفحات فورين أفيرز سابقا، أنه حان الوقت للولايات المتحدة للعودة إلى توجهه التقليدي بالموازنة بين الداخل والخارج. هذا الاستراتيجية تبدأ من خلال الاعتراف أن الولايات المتحدة ما زالت أكثر قوة محصنة في التاريخ الحديث. قوة لديها الآلاف من الرؤوس النووية والقوة التقليدية، ولا تواجه أي تهديد حقيقي في النصف الغربي من العالم. ما زال المحيطان الهادئ والأطلسي يعزلان البلاد من تهديدات متعددة، مانحين القادة الأمريكان مجالا واسعا للمناورة باختيار أين ومتى يحاربون.

إضافة إلى أنها تعمل للحفاظ على هيمنتها في النصف الغربي من العالم، صناع السياسة الأمريكية سعوا دائما إلى منع القوة العظمى الأخرى من خلق حالة من الهيمنة الأمريكية من خلال سيطرة الولايات المتحدة على مناطقهم.

إن المنافس الذي لا يوجد لديه منافسون جدد في الجوار سيكون حراً في إظهار القوة في جميع أنحاء العالم، كما فعلت واشنطن لعقود. من المنظور الأمريكي، من الجيد أن تكون القوة الرئيسية في أوراسيا قلقة من بعضها البعض، ما يصعب عليهم التدخل على الشواطئ الأمريكية.

إن تدخل الولايات المتحدة في الحروب حول العالم كان من أجل منع ألمانيا الفيلهلمينية، وألمانيا النازية، واليابان الأمبريالية من السيطرة على أوروبا وآسيا، المبدأ نفسه ألهم استراتيجية الحرب الباردة من الاحتواء، رغم أنه في هذه الحالة، الولايات المتحدة لم تستطع أن تتجاوز الالتزامات المالية وبالتالي كان عليها تحمل تكاليف هذه الحرب.

اليوم، لا توجد قوة مهيمنة محتملة في أوروبا، والتي على دولها أن تتحمل عبء ومسؤولية الدفاع عن نفسها بشكل تدريجي. إن بلدان الاتحاد الأوروبي هي موطن 500 مليون نسمة ولديها اقتصاد دخله القومي السنوي يتجاوز سقف 17 تريليون دولار. بينما روسيا، العدو الخارجي الرئيسي لدول الاتحاد الأوروبي، عدد سكانها 144 مليونًا والناتج القومي السنوي 1.6 تريليون دولار.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول أعضاء حلف الناتو الأوروبيين مجتمعين ميزانيتهم الدفاعية ثلاث مرات أكثر من ميزانية الدفاع الروسية. الفكرة أن أعضاء الاتحاد الأوروبي (والتي تتضمن قوتين نوويتين) يفتقدون القدرة عن حماية نفسها ضد جارة لهم ناتجها القومي أقل من الناتج القومي الإيطالي.

لا يزال حلف الناتو يحظى بمدافعين متحمسين على جانبي الأطلسي، ولكنهم يعيشون في الماضي. لعب الحلف دورا رئيسيا ومفصليا في احتواء الاتحاد السوفييتي ومنع عودة ألمانيا عدوانية توسعية. ولكن الاتحاد السوفييتي انهار من زمن بعيد، وألمانيا الآن ديمقراطية ليبرالية ملتزمة بإبقاء الأمور على حالها. لقد عمل قادة حلف الناتو ساعات إضافية من أجل إيجاد مهمات جديدة منذ سقوط حائط برلين، ولكن هذه المحاولات في بناء الدول في البلقان، أفغانستان وليبيا لم تسر على ما يرام.

إلا في حال قرر أعضاء حلف الناتو الأوروبيين دعم الجهود الأمريكية لخلق توازن مع الصين (من غير الواضح أنهم سيقومون أو يفعلون ذلك)، فإن الوقت قد حان للولايات المتحدة للانسحاب بشكل تدريجي من حلف الناتو، وإعادة قضايا الأمن والدفاع إلى الأوروبيين، من البدء بسحب القوات الأمريكية من أوروبا، مانحة الضباط الأوربيين قيادة الناتو، وإيصال رسالة واضحة أن الولايات لن تكون بعد الآن خط الدفاع الأول للأوروبيين.

يجب على الولايات المتحدة اتخاذ هذا الخطوات بدون ضغينة أو استياء، ولكن إحساس بالإنجاز والالتزام بالتعاون في القضايا والمصالح الأمريكية والأوروبية حيث تتقاطع، مثل التغير المناخي، مكافحة الإرهاب، وإدارة الاقتصاد العالمي.

وعلى الولايات المتحدة العودة إلى سياستها التقليدية في الشرق الأوسط. ولضمان استمرار خطوط الطاقة التي يعتمد عليها العالم، فإن الولايات المتحدة سعت دائمًا إلى منع أي دولة من السيطرة على مصادر النفط في الخليج الفارسي. ولكن حتى عام 1960، كانت تعتمد في ذلك على المملكة المتحدة. وبعد انسحاب البريطانيين، اعتمدت واشنطن على زبائن إقليمية مثل إيران، إسرائيل والسعودية العربية.

الولايات المتحدة بقيت خارج شواطئ هذه البلدان حتى يناير/كانون الثاني مع عام 1991،  أشهر بعد احتلال صدام حسين  للكويت. وردا على هذا الاحتلال يشكل جورج بوش الأب تحالفا من الدول من أجل تحرير الكويت، هازما الجيش العراقي، معيدا التوازن لتلك المنطقة.

اليوم، يبقى الهدف الأساسي لواشنطن في الشرق الأوسط هو منع أي دولة تحاول إيقاف إمدادات النفط للأسواق العالمية. المنطقة الآن غارقة في الفرقة والانقسام على أكثر من جبهة، دون وجود دولة لديها القدرة على الهيمنة. علاوة على ذلك، تعتمد الدول المنتجة للنفط على عائدات صادرات الطاقة، ما يجعلها جميعها حريصة على البيع.

الإبقاء على توازن القوى الإقليمية يجب أن يكون مهمة سهلة، في حال أنهت  الولايات المتحدة جهودها ذات النتائج العكسية من أجل صياغة السياسات المحلية للمنطقة، وعلى الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق وسوريا، مع احتمالية إبقاء مراكز أو منشآت لجمع المعلومات في هذه الدول، إعادة انتشار المعدات العسكرية والقواعد في المنطقة، كخطوة احترازية في حال الحاجة للعودة إلى تلك المنطقة في المستقبل. وكما فعلت خلال الفترة من ١٩٤٥-١٩٩١، على واشنطن الاعتماد على القوى المحلية للحفاظ على توازنات القوة في المنطقة بناء على مصالحهم.

الولايات المتحدة كعامل توازن خارجي، عليها بناء علاقات طبيعية مع كل دول المنطقة، عوضا عن وجود “علاقات خاصة” مع بعض الدول، وعلاقات معادية مع دول أخرى. لا يوجد دولة واحدة في منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية حيوية وتستحق الدعم الأمريكي اللا مشروط، كما أنه لا يوجد دولة قبيحة يجب التعامل معها بأنها منبوذة.

يجب على الولايات المتحدة أن تتصرف كما الصين، الهند، اليابان، روسيا والاتحاد الأوروبي، الإبقاء على علاقات عمل طبيعية مع كل الدول في المنطقة بما فيها إيران.

ومن بين أشياء أخرى، فإن هذا الاستراتيجية سوف تشجع دول الإقليم المتصارعة للتنافس من أجل الدعم الأمريكي، بدلاً من اعتبارها أمرًا مفروغًا منه. الولايات المتحدة عليها الآن ترسل إشارات واضحة بأنها سوف تقلص دعمها للشركاء المحليين في حال أنهم حاولوا تحجيم المصالح الأمريكية أو أنها تسير بعكس القيم الأمريكية، وفي حال حاولت إحدى الدول للسيطرة على الإقليم من الداخل أو خارجه، على الولايات المتحدة مساعدة باقي دول الإقليم من أجل إعادة التوازن، بجهود محسوبة وبتقديرات محلية لمدى الخطر الكامن.

مع علاقات عقلانية ومحسوبة مع أوروبا ودول الشرق الأوسط، والتوازن الخارجي للولايات المتحدة يمكن التركيز بشكل أساسي على الدولة الوحيدة التي تشكل منافسا لها، والقوة الدولية الوحيدة التي يمكن أن تشكل قوة مهيمنة، الصين. إذا استمرت قوة الصين بالنمو، سوف تفرض على جيرانها الابتعاد عن واشنطن والقبول بالصين بالقوة المسيطرة في منطقة آسيا-باسيفيك (المحيط الهادئ) وعليه إن أصبحت الصين قوة مهيمنة في آسيا، فستكون في وضع أفضل لاكتساب المزيد من القوة حول العالم والتمدد إلى نصف الكرة الغربي. ولمواجهة مثل هكذا احتمالية، على الولايات المتحدة تعزيز تعاونها الأمني مع أستراليا، اليابان، الفلبين وكوريا الجنوبية والاستمرار بتطوير علاقاتها الاستراتيجية مع الهند، سنغافورة وفيتنام.

وبمجرد أن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم حلفائها الأوروبيين الأثرياء وتبديد تريليونات الدولارات على المستنقعات المكلفة في الشرق الأوسط الكبير، يمكنها بسهولة تحمل القدرات العسكرية اللازمة لتحقيق التوازن مع الصين.

الحفاظ على تحالف آسيوي لكن يكون مهمة سهلة، وعلى أي حال، فإن حلفاء واشنطن الآسيويين تفصلهم مسافات كبيرة من الماء بينهم، وليس لديهم الاستعداد للمخاطرة بعلاقاتهم الاقتصادية مع الصين.

العلاقات اليابانية والكورية الجنوبية لطالما كانت متوترة جاعلة أي تعاون بينهما صعبا. القوى المحلية تسعى دائما لجعل واشنطن تقوم بمجمل الأعمال، والقيادة الأمريكية المتميزة ستكون ضرورية لإبقاء هذا التحالف متماسكا وجعل كل دولة تساهم مساهمة عادلة فيه.

إن إجراءات ترامب الخاطئة في الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وبدء النزاعات التجارية مع اليابان وكوريا الجنوبية، والانغماس في مغازلات سطحية مع كوريا الشمالية، خطوات أضرت بهذا التعاون.

مغامرة الخارج

المدافعون عن استمرار الأمور على حالها، مخطئون في فهم مسار العمل هذه على أساس إنه عودة للانعزالية. هذا هراء، كعامل توازن خارجي، فإن الولايات المتحدة ستكون منغمسة دبلوماسيا، اقتصاديا وفي بعض الحالات عسكريا.  ستبقى الولايات المتحدة القوة العسكرية الأعظم، حتى لو صرفت ميزانيات أقل عسكريا. ستبقى الولايات المتحدة تعمل مع باقي دول العالم لمتابعة القضايا العالمية المهمة مثل التغير المناخي، الإرهاب والتهديدات السيبرانية. ولكن الولايات المتحدة لن تعود الطرف الذي يتحمل الدفاع عن حلفائها الأثرياء، ولن تعود لدعم الدول الزبائنية التي تهدد المصالح الأمريكية، ولن تعود إلى محاولة نشر الديمقراطية من خلال تغيير الأنظمة، الأعمال السرية، أو من خلال الضغط الاقتصادي.

مقابل ذلك، ستستخدم واشنطن قوتها بشكل أساسي للإبقاء على التوازن في آسيا، في الأماكن التي ما زال الوجود الأمريكي مطلوبا، وتخصص وقتا أطول واهتماما وموارد أكثر من أجل إعادة أسس القوة الأميركية في الداخل الأمريكي. عبر تقديم قدوة أو مثال مرغوبا ويسعون لتطبيقه.

هذه التوجه سيشمل استخدام أقل للقوة والإكراه والتركيز على الدبلوماسية. لن تبقى القوة العسكرية مركز اهتمام الأمن القومي الأمريكي، وسيكون استخدامها هو الملاذ الأخير بدلا من الملاذ الأول. يبقى مهما أن نتذكر أن أهم إنجازات واشنطن الدبلوماسية كانت خطة مارشال، نظام بريتون وودز الاقتصادي، اتفاق السلام المصري-الإسرائيلي، إعادة توحيد الألمانيتين، كلها كانت انتصارات دبلوماسية وليست حربية. في السنوات الأخيرة  على أي حال، كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كان يتجنب الدبلوماسية الحقيقية واعتمد بدلا من ذلك على الضغط المكثف، مقتنعين بأنهم يملكون جميع مفاصل الأمور، أصبح المسؤولون الأمريكيون يرون أي تنازل بسيط من الخصم بأنه استسلام.

وعليه فإنهم حاولوا فرض شروطهم على الآخرين ووصلوا إلى حد فرض العقوبات إذا ما رفض أحدهم الشروط الأمريكية. متناسيين أنه حتى الدول الضعيفة تحجم عن الخضوع للابتزاز السياسي، أو فرض اتفاقات من جانب واحد يجعلها هشة وغير مستدامة. لكي تنجح الدبلوماسية، يجب أن يحدث الجانبان على بعض ما يريدونه.

من جهة ثانية، فإن التوازن الخارجي يتطلب فهما جيدا للسياسات الإقليمية، التي يستطيع توفيرها دبلوماسيون متخصصون ومطلعون. خاصة فيما يخص خلق تحالف فعال للتأكد من الطموح الصيني في آسيا، مهمة دبلوماسية وعسكرية في آن واحد. والنجاح يعتمد على مجموعة من الدبلوماسيين العارفين بتاريخ، ولغة، وثقافة وحساسيات المنطقة.

العودة إلى سياسة التوازنات الخارجية يجب أن تشمل جهدا من أجل بناء فرق من الدبلوماسيين المهنيين والمتخصصين. وتعيين السفراء يجب أن يكون محصورا  في دبلوماسيين ذوي كفاءة بدلا من الأشخاص المهمين ومتبرعي الحملات الانتخابية، على وزارة الخارجية تطوير وتحديث وصياغة عقيدتها الدبلوماسية، بحيث تكون الولايات المتحدة قادرة على استخدام الوسائل غير القسرية، بقدر ما تقوم القوات المسلحة بتحديث عقيدتها العسكرية خلال الحروب.

يجب زيادة عدد موظفي السلك الدبلوماسي بشكل كبير، ومع تقدم حياتهم العملية، أعضاء السلك الدبلوماسي عليهم تلقي الفرص نفسها للحصول على دورات مهنية كالتي يتلقاها العسكريون من أجل تطوير أنفسهم.

كفى للماضي

رغم الإحباطات خلال ربع القرن الماضي، ما زال نخبة السياسة الأمريكية الخارجية مقتنعين أن قيادة العالم حول حقهم الاصيل، وأن واشنطن يجب عليها الاستمرار بالضغط على الآخرين الخضوع للولايات المتحدة. هذا التوجه يعتبر بمثابة بند من بنود الإيمان لدى كل مؤسسات الأبحاث داخل نطاق العاصمة ودائما ما تتم الاشارة إليه في تقارير هذه المؤسسات وفي مقالات الرأي. ينتشر فكر جماعي مماثل في الإعلام الأمريكي، حيث يحتكر المحافظون الجدد غير التائبين، والليبراليون العالميون صفوف النقاد المتفرغين للدفاع عن هذا التوجه. بينما أنصار الواقعية، ضبط النفس، وعدم التدخل يظهرون بشكل متقطع على وسائل الإعلام.

والنتيجة أن كل النقاش الدائر حول السياسة الخارجية يتمحور بالتدخل اللا نهائي. العودة إلى أرضية أكثر واقعية يتطلب توسيع نطاق النقاش وتحدي المصالح المتشابكة التي دعمت سياسة خارجية فاشلة.

وأدى صخب الحرس القديم للسياسة الخارجية إلى افتقار مقلق للمساءلة حول هذا السياسات. وذلك رغم أن مجتمع السياسة الخارجية يضم في صفوفه الكثير من الأشخاص الملتزمين، أصحاب رؤى، ومحترمين، إلا أن هذه المجال مازال مسيطر عليه من قبل طبقة شديدة التشبيك الذين يترددون في انتقاد بعضهم البعض حتى لا ينتقدوا.  وبالنتيجة، المسؤولون الذين يكررون أخطاءهم بشكل روتيني، يحصلون على فرص أخرى لتكرار أخطاء الماضي.

لناخذ مثلا المسؤولين المعنيين بعملية السلام في الشرق الأوسط (الذين يتم مدحهم من قبل المعلقين)، التوسع اللا مدروس لحلف الناتو، الحروب الفاشلة في أفغانستان والعراق، تعذيب وكالة الاستخبارات الأمريكية لمعتقلي الحرب ضد الارهاب، المراقبة اللا مشروعة لأجهزة الأمن الوطني على الأمريكيين، التدخل الكارثي لحلف الناتو في ليبيا، المكائد الأمريكية في أوكرانيا والتي أعطت روسيا مبررا للاستيلاء على شبه جزيرة القرم. لم يتعرض أي من هؤلاء المسؤولين إلى أي نوع من العقوبات لاتخاذه قرارات خاطئة. بل على العكس، أغلبهم ما زال يتمتع بمواقع مهمة في الحكومة، مراكز الأبحاث، وسائل الإعلام وفي الحقل الأكاديمي.

لا أحد معصوما بطبيعة الحال، والرغبة في محاسبة الناس يمكن أن نذهب بها بعيدا.  صناع السياسة عادة ما يتعلمون من أخطائهم ويوظفونها من أجل الاستفادة منها مستقبلا. ولكن مع وجود نفس الأشخاص يرتكبون نفس الأخطاء دون إظهار الندم، حان الوقت للبحث عن أناس وأفكار جديدة.

رغم الجمود في السياسة الخارجية من قبل الحرس القديم، آفاق تبني سياسة خارجية واقعية وأكثر انضباطا ممكنة اليوم أكثر من سنوات خلت.

رغم كل عيوبه، رئاسة ترامب جعلت الأمور أسهل من ناحية اقتراح بديل للهيمنة الليبرالية من خلال ازدرائه لتوافق النخبة السياسية. الشباب الأمريكي متشكك من ادعاءات بلادهم الإمبريالية أكثر من شيوخهم، ويبدو أن بعض أعضاء الكونجرس عازمون على استعادة بعض السيطرة على السياسة الخارجية التي انحصرت بالرؤساء خلال السبعين سنة الماضية.

علاوة على ذلك، تعمل القوى الهيكلية ضد الهيمنة الليبرالية وتؤيد سياسة التوازن الخارجية. صعود الصين والصحوة الجزئية للقوة الروسية تجبر الولايات المتحدة للاهتمام أكثر لسياسة توازن القوة، وخاصة في آسيا. المشاكل المستعصية في الشرق الأوسط سوف تجعل الرؤساء المستقبليين أكثر ترددا في إهدار المزيد من الدماء والثروات هناك، خاصة السعي وراء شعار نشر وتعزيز الديمقراطية. من غير المرجح أن يتقلص الضغط على ميزانية الدفاع، خاصة عندما تبدأ تكاليف التغير المناخي في الظهور، ولأن الاحتياجات المحلية التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات تستدعي الاهتمام.

لهذه الأسباب، ستعيد النخبة السياسية الخارجية في النهاية اكتشاف الاستراتيجية الكبرى التي ساعدت في بناء القوة الأمريكية والحفاظ عليها على مدار تاريخ البلاد. لا يزال المسار ضبابيا، وقد يستغرق الوصول إلى هناك وقتا أطول مما يجب. لكن الوجهة واضحة.

*ستيفن م. والت:  هو أستاذ الشؤون الدولية في كلية هارفارد مدرسة كينيدي للحوكمة ومؤلف كتاب “جحيم النوايا الحسنة: النخبة في السياسة الخارجية الأمريكية وتراجع أولوية الولايات المتحدة”.

لقراءة أصل المقال اضغط هنا

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]