نوازع قبلية وحركات جهادية .. عقبات أمام اتفاقيات السلام في مالي
يبدو أن تحذير منظمة التعاون الإسلامي ، من فشل إتفاق السلام الجديد في مالي، ليلحق باتفاق الجزائر الذي تم التوقيع عليه قبل أربعة أشهر، لم يجد تجاوبا من شيوخ القبائل والوجهاء وعلماء الدين وقادة الجماعات المسلحة، رغم الحوار الذي رعته الأمم المتحدة والمنظمة الإسلامية، واستمر عدة أسابيع، مع هذه الأطراف مجتمعة ، في محاولة لتفادي انهيار اتفاق السلام.
التساؤلات التي تطرحها منظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الوحدة الأفريقية : إلى متى تعاني مالي من انتكاسات اتفاقيات السلام؟ وإلى متى تظل رهينة لنوازع قبلية ومطامع حركات جهادية؟ مما فرض واقعا مريرا من الحرب والصراعات، شهد فشل اتفاقيات السلم والمصالحة التي تم التوقيع عليها ، وظلت المعارك مستعرة بين قوات ” “الحركات الأزوادية”، التي تقاتل من أجل استقلال الإقليم عن مالي من جهة، وبين المليشيات القبلية التابعة لبعض قبائل الطوارق والعرب الموالية للحكومة في مالي.
برى المراقبون للأحداث في مالي، أن الإتفاق الجديد للسلام معرض لإنتكاسة كبيرة، بعد تجدد المواجهات حاليا بين حركات موالية للحكومة، وتضم قبائل “الإيمجاد” الطارقية وقبائل “الأمهار” العربية، والحركات المناوئة للحكومة، وتضم قبائل “الإفوجاس”، وقبائل “الإيدنان” الطارقية، وقبائل “عرب تلمسي” و”البرابيش” من العرب، وأسفرت المواجهات عن سقوط عدد كبير من القتلى، وتبادل لعمليات الاختطاف والسلب والنّهب بين المتحاربين .
الأزمة تمددت من مطالبات قبلية باستقلال إقليم أزواد، إلى مطالبات الحركات الجهادية والتكفيرية، في شمال مالي، بتطبيق الشريعة الإسلامية، وعدم الإعنراف بشرعية الحكومة.
البيان الصادر عن الأمم المتحدة ، يؤكد أن الاتفاق الجديد ينص على “الوقف الفوري والحازم لإطلاق النار، وحظر كل الأعمال الإستفزازية عبْر كل الوسائل، وتبادل الأسرى والمُختطَفين بين الحركات والمجموعات القبلية المتناحِرة، وإنجاز خريطة طريق بين منسقية الحركات الأزوادية، المناوئة للحكومة، ونظيرتها من الحركات الموالية للحكومة، وتشكيل لِجان متابعة مشترَكة بين الأطراف، تشرف على تطبيق بنود الاتفاق وتثبيت وقف إطلاق النار بين مختلف الفصائل والمجموعات القبلية
حالة من القلق عبر عنها المراقبون، نظرا لاعتبارات عديدة، في مقدِّمتها أن اتفاق المصالحة الجديد الذي تم التوقيع عليه بموجب مسار الجزائر، لا يختلف كثيرا عن اتفاقيات وقعت سابقا في الستينيات والتسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، وانهارت كلّها بعد سنوات من توقيعها، وبقيت “مالي” رهينة نوازع قبلية وتحركات جهادية.