قبل أسبوع، اختتمت إسرائيل احتفالاتها بالعام اليهودي الجديد، سنة 5778 حسب التقويم الديني اليهودي. وتباهت تل أبيب العالم بعقد مؤتمر سنوي يحمل عنوان “تصميم الحياة الرقمية (DLD)”.
وحضر أصحاب شركات من شتى أنحاء العالم ليطلعوا على أحدث ما أبدعته التقنيات الإسرائيلية، وانتشروا عبر شاطئ ومقاهي المدينة. كما عقدت جلسات المؤتمر داخل محطة قطار قديمة جرى تجديدها.
ويرى مارك شولمان، كاتب عمود لدى مجلة “نيوزويك”، ومحرر موقع هيستوري سنترال، أن انعقاد مؤتمر DLD يرمز لازدواجية يعيشها المجتمع الإسرائيلي، الذي ينعم أفراده بمعدل دخل مرتفع وبنمو اقتصادي مستدام، وحيث أظهرت دراسة حديثة أن قرابة 7,6 ملايين من أصل 8,9 مليون إسرائيلي سافروا في رحلات سياحية في العام الماضي. لكن معظم هؤلاء لا يشعرون بالأمان خشية وقوع حرب وشيكة بين إسرائيل وحماس في غزة.
وفي مفارقة عجيبة، أكد جيش الاحتلال في الأسبوع نفسه الذي احتفل فيه آلاف الإسرائيليين بتقنياتهم المتطورة، أن قواته هاجمت 200 هدف في سوريا، خلال الأشهر الثماني عشر الأخيرة.
ويلفت كاتب المقال إلى قرب حلول الذكرى الـ 25 لتوقيع اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وأكدت الاتفاقات على اعتراف متبادل بين إسرائيل والفلسطينيين، وسمحت لمنظمة التحرير بالتواجد في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي حينه، تفاءل معظم الإسرائيليين باحتمال التوصل إلى سلام، واعتقد معظمهم أن الحل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني يكمن في حل الدولتين.
ولكن تظهر استطلاعات حديثة للرأي، بأن 89% من الإسرائيليين عبروا عن تشاؤمهم حيال فرص التوصل للسلام في العام المقبل. كما تراجع تأييد حل الدولتين بين اليهود الإسرائيليين إلى أدنى مستوى، منذ التوقيع على اتفاقات أوسلو، فظهر أن 47% يؤيدون الحل فيما يعارضه 46% منهم. وبعد 25 عاماً من شن هجمات إرهابية، وحروب في لبنان وغزة، بات عامة الإسرائيليين يائسين حيال فرص تحقيق سلام.
وباعتقاد كاتب المقال، ليست الحرب وحدها ما يقلق الإسرائيليين. فقد عبر 78% منهم عن سخطهم حيال الحالة الراهنة بشأن دور الدين في الدولة. ويرى من يعتبرون أنفسهم “التقدميين في تل أبيب”، أن العام الحالي يشهد معركة لا نهاية لها، بالنسبة لأسس إسرائيل الليبرالية، والتي تجلت في معارضتهم لتمرير الحكومة عدداً من القوانين غير الليبرالية.
ويرى الكاتب أن عام 5778 اليهودي يعد في ظاهره عام إنجازات كبرى تحققت لإسرائيل. فقد نقلت السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في ظل دعم لا محدود من قبل إدارة الرئيس الأمريكي، ترامب، لإسرائيل. ولكن رغم حقيقة أن الفرد الإسرائيلي العادي راضٍ عن حياته، يدرك معظم الأشخاص هناك أن الأيام الهانئة قد لا تستمر، وأن تحولات جذرية عدة سوف تشهدها إسرائيل عاجلاً لا آجلاً.
