قال الكاتب الإسرائيلي “تسفي برئيل” إنه من المشكوك فيه إذا كان لا يزال هنا الكثير من الناس المستعدين لإعطاء بنيامين نتنياهو حتى افتراض البراءة -وبالتأكيد ليست البراءة العامة. السؤال لم يعد ما إذا كان قد تلقى رشوة، وإنما كم كان حجمها، ويجري حاليا، وفي حالة تأهب، انتظار الإعلان عن موعد محاكمته، في وقت أصبح حكم الجمهور عليه محسوما.
وأضاف في مقال له في الصحيفة الإسرائيلية “هآرتس” لقد جعل نتنياهو من نفسه السياسي الأقل موثوقا، شخص يمكن مسبقا، توقع صياغاته الكاذبة، شخص تنثر ردوده على وسائل الإعلام – أي على الجمهور – الطين والوحل، وشخص يعتبر الرأي العام مجرد حكم لمجموعة من البلهاء، الذين لا يستحقون التعامل الجدي معهم، غوغاء لا يدينون بالشكر لحقيقة أن زعيم بقامة بيبي على استعداد لمواصلة قيادتهم، لقد فاضت حقيبة الأكاذيب، إلى حد أنه أصبح من المشكوك فيه ما إذا كان سيقدم شخص ما على شراء أثاث جديد من نتنياهو.
وتابع، لكن، في الوقت نفسه، نجد أن هذا الجمهور الذي يدعو إلى صلبه على عمود في ساحة المدينة، يظهر استعداده، ومن دون أي تردد، لتبني التهديد الأمني الذي ينشره نتنياهو تحت كل شجرة يانعة وغير يانعة، إنه يقصف قطاع غزة، ويهاجم سوريا، ويهدد إيران بحرب مباشرة، كيف يمكن أن نكون مستعدين لرجمه بالحجارة على أكاذيبه في قضايا الفساد الواسعة، وفي الوقت نفسه نصدقه في الادعاء بأننا نتعرض لخطر وجودي، يتطلب حتى خوض الحرب؟ من أين هذه الفجوة بين عدم الثقة العميق في كل ما يتعلق بسلوكه الشخصي والطاعة العمياء التي نرغب في إظهارها عندما يتعلق الأمر بالأمن؟
وأوضح أنه من المؤكد أن علماء النفس الاجتماعي وعلماء الاجتماع سيكونون قادرين على تفسير هذه الفجوة بشكل صحيح، ولكن ليس بتفسيرات تتعلق بالنقاش أعلاه، وإنما في الخطر الكامن في حقيقة أن من يقف على رأس الدولة هو زعيم مشكوك فيه، ينتظر ما سيقرره المستشار القانوني، الذي يتم إملاء قدرته على الحكم من قبل المحامين ومستشاري العلاقات العامة لدى الزعيم، والذي يعتبر التهديد الوجودي بالنسبة له هو ذلك الذي يصف رحلته إلى السجن.
وتابع، لقد اعتاد الإسرائيليون تقبل وجود تهديد لأمنهم وربما لوجودهم، من دون أي تشكيك، وإذا لم يكن مصدر هذا التهديد هي عشرات آلاف الصواريخ التي يملكها حزب الله، فسيكون الصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة، وإذا لم تكن الصواريخ هي مصدر التهديد، فهناك دائما إيران التي طورت صواريخ باليستية ويتربص برنامجها النووي وراء الزاوية.
وقال إن المشكلة لا تكمن في انعدام الثقة بوجود التهديدات، وإنما برئيس الوزراء، الذي ينظر إليه الآن على أن كل قراراته بشأن القضايا الأساسية، مثل الأمن والاقتصاد، مشبوهة بدوافع غريبة- ليست غريبة عنه هو بالطبع، ولكن غريبة بالنسبة لقضية الأمن.
وتابع، الخطر هو أن من عين نفسه مسؤولا عن حماية “الحياة نفسها” سيخضع هذا الاعتبار لوجوده السياسي، والنتيجة هي أن كل هجوم على سوريا، وكل تفجير في غزة، والأخطر من ذلك، أي قرار بشن حرب ضد إيران في سوريا، سيتم فورا الاشتباه بأنه تم اتخاذه بالتشاور مع المحامين ومن المتوقع أن يخضع للاختبار السياسي قبل أن يحظى بالمبرر الموضوعي.
وشدد أنه لا يمكن تحمل التصور بأن رئيس وزراء من هذا القبيل، بطة عرجاء في عيون الجمهور والعالم، سيتحمل المسؤولية عن القرارات المصيرية التي يمكن أن تقود إسرائيل إلى الحرب، أو الصراع مع دول الجوار والقوى العالمية.
وأوضح أنه إذا كان هناك تهديدا وجوديا لإسرائيل، فينبغي اتخاذ قرار التعامل معه من قبل رئيس وزراء يتمتع بدعم غير مشروط، وغير مشبوه بخلط المصالح، رئيس حكومة لن تضطر العائلات الثكلى بوجوده إلى سؤال أنفسها عما إذا قتل أولادها بسبب تهديد خطير، أو بسبب ملفات 1000، 2000 و4000.
وأختتم مقاله بقوله:” من يوافقون على مواصلة نتنياهو لشن حرب ضد هذه التهديدات لن يملكون الحق في المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق لفحص عملية صنع القرارات التي أدت إليها”.
