هاني حبيب يكتب: دولة فلسطين.. ماذا بعد التوجه للجنائية الدولية؟

تقدمت دولة فلسطين مؤخرًا للجنائية الدولية في العاصمة الهولندية لاهاي بطلب التحقيق اللازم في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وطلب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي من المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فاتوبنسودا بعد تسليمها ملف الجرائم التي ارتكبتها الدولة العبرية بحق الشعب الفلسطيني، أن تحيل الملف إلى التحقيق، باعتبار أنها تمتلك صلاحية هذه الإجراءات، خاصةً فيما يتعلق بالجرائم الإسرائيلية في الماضي والحاضر والمستقبل، التي تتعلق بالنظام الاستيطاني غير الشرعي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

وكانت دولة فلسطين قد باتت عضوًا في مكتب محكمة الجنايات الدولية أواخر العام الماضي، وبعد عامين فقط من التحاقها بميثاق روما الأساسي، الأمر الذي يشكل خطوةً هامّة لتدعيم ركائز دولة فلسطين في المحافل الدولية، ويوفر المساحة الحقوقية والقضائية الدولية لمعاقبة القتلة الإسرائيليين على الجرائم التي ارتكبوها ضد الشعب الفلسطيني، وهي الجرائم الناجمة عن استمرار الاحتلال في سياساته الدموية والعنصرية.

إثر هذه الخطوة التي قامت بها دولة فلسطين بتسليم ملفات جرائم الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية سارعت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى تفنيد هذا التوجه، باعتبار أن إسرائيل ليست عضوًا في محكمة الجنايات الدولية، كما أن دولة فلسطين، ليست دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ويدل هذا الموقف، إما إلى جهل صلاحيات محكمة الجنايات الدولية، أو استغباء متعمد، ذلك أن ولاية المحكمة تمتد إلى تلك الدول التي ليست عضوًا فيها، وعدم عضوية دولة ما في هذه المحكمة، لا يعني الإفلات من المحاكمة في حال ارتكبت جرائم يعتبر النظر فيها من صلاحيات المحكمة، كما أن التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لا يقتصر على الأعضاء، بل إن للمحكمة صلاحيات واسعة خاصة من قبل المدعي، أو المدعية العامة للمحكمة، كما أن هناك صلاحيات التوجه إلى المحكمة من قبل مجلس الأمن الدولي، وبالتالي كان الرد الإسرائيلي ليس له أي اعتبار على الاطلاق.

وطالما المدعية العامة فاتوبنسودا، قد تسلمت ملفات ووثائق بهدف التحقيق فيها على أساس التقدم والإحالة إلى المحاكمة، فإن هذا يعني أن شروط هذا التقدم صحيحة وكاملة، ولو كانت هناك أية موانع قانونية، لما قبلت المدعية العامة، من حيث المبدأ، تسلم هذه الملفات.

من ناحية ثانية، وحتى قبل تسلم بنسودا ملفات التحقيق والإحالة، توعدت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بمحاكمة إسرائيل بموجب اتفاقية روما على خلفية العنف المستمر “ضد المدنيين في قطاع غزة: قائلةً: “كل من يحرض أو ينخرط في أعمال عنف بما فيها إصدار الأمر أو الطلب والتشجيع أو المساهمة في ارتكاب جرائم ضمن الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، قابل للمقاضاة أمامها”، ربما يشكل هذا القول والتوعد بمحاكمة المجرمين اسرائيليين من قبل المدعية العامة للمحكمة، على خلفية  الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد المتظاهرين المدنيين السلميين في قطاع غزة في إطار مسيرة العودة الكبرى، يشكل أكبر دليل على أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنها الافلات من المحاكمة والعقاب، بمجرد أنها ليست عضوًا في محكمة الجنايات الدولية!

مع ذلك، فإنّ تسليم ملفات الجرائم الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية، ما هو إلّا البداية وليس هناك أية ضمانة في أن تحال هذه الملفات إلى التحقيقات، ومن ثم المحاكمات، خاصة وأن محيط وأروقة المحكمة الجنائية الدولية تشهد العديد من المساعي من قبل الدول المؤيدة لدولة الاحتلال لمنع المدعية العامة من مواصلة آليات التحقيق والإحالة، عبر التلاعب بمعطيات التحقيقات الأولية، أو من خلال عقد محاكمات صورية، أو من خلال تركيز إسرائيل خلال الفحص الأولي في قضية إطلاق المقاومة الفلسطينية الصواريخ أو اصابات مدنية إسرائيلية، إضافة إلى ما هو بالغ الأهمية، من خلال منع وصول المحققين التابعين للمحكمة إلى مسرح الجريمة ومقابلة الشهود والضحايا، وعدم تسلم المستندات المطلوبة (تقرير صلاح عبد العاطي – المركز الفلسطيني للسياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات).

وبالتوازي مع التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، هناك إمكانيات مستقلة لدعم هذا التوجه من خلال تطوير التدخلات غير الرسمية والأهلية، الفلسطينية والعربية والدولية، للوصول إلى مناخ يلعب فيه الرأي العام دورًا هامًا في الوصول إلى هدف محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وذلك في إطار الدبلوماسية الشعبية، إلّا أنّ ذلك المسعى والهدف سيظل أكثر صعوبة في ضوء استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، الأمر الذي يتطلب أكثر من أي وقتٍ مضى، استعادة الوحدة الفلسطينية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]