مع ترقب الدوائر السياسية الغربية والعربية، لهدنة تبدأ اليوم الخميس، بين قوات الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية على أطراف دمشق، لمدة 15 يوما، و”كفترة اختبار” يمكن تمديدها إذا تم التوصل إلى اتفاق آخر، حسب بيان المرصد السوري، كشفت مصادر سورية بالقاهرة، للغد العربي، أن التحرك الروسي النشط خلال المداولات الدولية على هامش قمة العشرين في تركيا الأحد الماضي، والتي عقدت في ظل قلق دولي بالغ من إرهاب تنظيم داعش، أسفر عن توافق دولي بإسقاط شرط مسبق تمسكت به تركيا والولايات المتحدة و السعودية بـ “رحيل الأسد” ورفض أي دور له في العملية السياسية المرتقبة لحل الأزمة.
ويضيف السياسي السوري المعارض وعضو سابق في حزب البعث الحاكم، عايد السرور، أن “الأسد” أصبح خارج أسوار الشروط المسبقة، وتحول الإهتمام الدولي من استراتيجية “التخلص من نظام الأسد” إلى استراتيجية “التخلص من تنظيم داعش” أولا، وهو ما عبر عنه رئيس وزراء إسبانيا، أمس الأربعاء، بأنه رغم شرور الأسد إلا أنه أقل خطرا من تنظيم داعش الإرهابي، ويمكن التعامل معه، ووجوده مفيد لنا للقضاء على داعش، ثم نترك أمره للشعب السوري، يريده أو يرفضه.
وحول إمكانية نجاح مبادرة وقف إطلاق النار في منطقة الغوطة، المعلن عنها مساء أمس الأربعاء، بين القوات السورية وقوات المعارضة ؟ يرى الساسي السوري المعارض، أن نجاح هذه المبادرة لصالح نظام بشار الأسد، حيث تفك الحصار عن دمشق، ويتم تركيز المواجهات العسكرية على التجمعات الإرهابية وفي مقدمتها داعش، فضلا عن أن استقرار الأوضاع في العاصمة يدعم موقف النظام، ومن المتوقع نجاح أي مبادرة لوقف إطلاق النار بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد، لسببين: أولهما أن بند وقف إطلاق النار مطروح دوليا في مباحثات فيينا وبدعم دولي، وثانيا فإن طرفي الصراع أنهكا على مدى نحو خمس سنوات، وكل منهما مدرك تماما أن الحسم العسكري بعيد المنال، والمستفيد الوحيد من تفكك القوى والقوات السورية هو تنظيم داعش ومعه الجماعات الجهادية المتعددة في سوريا.
ويعتقد “السرور” أن فك الحصار الدولي المتمثل في الشروط المسبقة لرحيل الأسد سواء قبل أو بعد حوار الحل السياسي في سوريا، ربما “يعقد” جولة الحوار مع فصائل المعارضة السورية، وهنا قد يلجأ النظام السوري إلى فرض شروطه على طاولة المفاوضات المرتقبة، كما أن خروج الأسد من دائرة الشروط الخاصة ببقائه، تمنح النظام حرية الحركة على الصعيد الدولي وهو ما سيبحثه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو خلال الساعات المقبلة.
كان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أكد أمس أن القوى الكبرى لم تتوصل إلى اتفاق حول دور الرئيس بشار الأسد في مستقبل سوريا، وأن على القوى العالمية ، بعد اعتداءات باريس ، أن توحد جهودها ضد تنظيم “داعش” بدون فرض أية شروط مسبقة حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، ومن غير المقبول بعد الآن فرض أية شروط مسبقة.
وفي نفس السياق يؤكد تقرير مركز كارينجي للسلام بواشنطن، أن التحالف الدولي الواسع والمحدد بهدف القضاء على تنظيم داعش في أعقاب العمليات الإرهابية “الدموية” في باريس، أزاح التمسك بشروط مسبقة تتعلق ببقاء أو رحيل الرئيس السوري، وجاء التحرك الروسي لتوحيد الجهود حول عدو مشترك “داعش” وبقي الخلاف فقط حول دور الأسد في المستقبل السوري القريب، وهي نقطة خلاف ليست شائكة، ويمكن تجاوزها بالبحث في الآليات المرتقبة للحل السياسي للأزمة السورية.
