يواجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ ليلة أمس الثلاثاء، إحدى أعنف الأزمات السياسية التي مر بها منذ توليه قيادة الولايات المتحدة قبل 3 سنوات، بعد أن بدأ أعضاء في الحزب الديمقراطي إجراءات عزله من منصبه.
بدأ تصاعد الأحداث حين أطلق نواب ديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي أولى خطوات عزل الرئيس، بحجة أن ترامب قد مارس ضغوطا على نظيره الأوكراني لفتح تحقيق حول أعمال نجل جو بايدن خصمه الديمقراطي في أوكرانيا.
الرئيس على الهاتف
وحسب الادعاءات في هذا الشأن، فإن ترامب قد هدد نظيره الأوكراني فولوديمير زيلنسكي بتجميد مساعدات أمريكية، وذلك لدفع الجانب الأوكراني إلى التحقيق حول شبهات فساد بحق بايدن ونجله هانتر وأعمالهما في هذا البلد.
وقد فجّر عميل سري في المخابرات الأمريكية سر المكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلنسكي، ما دفع الرئيس الأمريكي للإفصاح عن فحوى المكالمة، قائلا في تغريدة، “سترون أنه كان اتصالا وديا جدا ولائقا تماما، ما من ضغط، وخلافاً لجو بايدن وابنه، لا مقايضة!”.
ثم أضاف بشأن مسألة تجميد المساعدات قائلا، إن هذا الأمر كان بغرض إجبار الأوروبيين على زيادة دعمهم لحكومة زيلنسكي.
ورغم أن الأزمة قد اشتعلت أمس الثلاثاء، إلا أن شكوى العميل السري حول مكالمة ترامب وزيلنسكي تعود إلى 25 يوليو/تموز.
مجلس النواب
التقطت رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، طرف الخيط، وأعلنت فتح تحقيق رسمي في هذه القضية، وادعت أن الرئيس الأمريكي قد نكث بقسم اليمين بسعيه للحصول على مساعدة دولة أجنبية لإضعاف خصمه بايدن.
وتشتعل أزمة عزل ترامب، قبل 14 شهرا على انتخابات الرئاسة والكونجرس، ما يفتح تساؤلات حول جدوى هذا الإجراء، وهل سيحقق غرض الديمقراطيين قبل بدء الانتخابات المقبلة؟ كما يضع هذا الإجراء أسئلة أخرى حول موقف مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الجمهورية الداعمة للرئيس.
وقالت بيلوسي، في مؤتمر صحفي في واشنطن، إن “تصرّفات رئاسة ترامب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه وخيانته لأمننا القومي وخيانته لنزاهة انتخاباتنا”.
ويسعى النواب الديمقراطيون إلى الحصول على مزيد من الوثائق والشهادات لفتح ملفات أخرى كانت تهدد بخطوات سابقة لعزل الرئيس، وهي بخصوص شبهات حول عرقلة ترامب للعدالة والكسب غير المشروع من منصبه كرئيس والتواطؤ مع روسيا وغيرها.
على حافة الصدام
توحي هذه الأزمة بأن الانتخابات المقبلة، التي يتصدرها الحزبان الكبيران، الديمقراطي والجمهوري، ستكون مشتعلة، ومدفوعة بمرارة الصدام الحالي، إذ يبدو أن الأزمة لن تقف عند هذا الحد، إذ أعلن رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الديمقراطي، آدم شيف، أن العميل السري، الذي كشف تفاصيل المحادثة بين الرئيس الأمريكي والأوكراني سيدلي بشهادته أمام اللجنة.
أما جو بايدن خصم دونالد ترامب، فقد اعتبر هذا الموقف بمثابة كارثة من صنع ترامب.
ولم يعزل رئيس أمريكي من قبل سوى مرتين، وتواجه هذه العملية تحديا آخر إذا مر الأمر من مجلس النواب وتم توجيه الاتهام للرئيس تمهيدا لعزله، إذ يظل القرار بيد مجلس الشيوخ الذي “يحاكم” رئيس البلاد في الخطوة التالية، ولا بدّ أن يتم ذلك بأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
