يُبدي تجار قطاع غزة مخاوفهم من استمرار ضعف الحركة الشرائية في الأسواق، إثر قرار حكومة الوفاق اقتطاع نحو 30% من إجمالي قيمة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية عن مارس/ آذار الماضي.
وحذر مختصون ومسؤولون، في تصريحات منفصلة لـ«الغد»، من كارثة اقتصادية في قطاع غزة، جراء قرار اقتطاع الرواتب، وتأثير ذلك على الصناعات الفلسطينية والقطاع الخاص المنهك، جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 10 سنوات.
وبدأت الأسواق في قطاع غزة، التي يحركها نحو بـ50 ألف موظف حكومي تخلو من المشترين.
وقال الدكتور سمير أبو مدللة، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، إن قرار خصم الرواتب “سيقلل قيمة السيولة في الأسواق الفلسطينية”، موضحا أن رواتب موظفي السلطة الفلسطينية تعد المحرك الأساس للسوق الغزي.
وأضاف أبو مدللة، في تصريحات لـ«الغد»، “اقتطاع جزء من رواتب موظفي السلطة إلى جانب ما اقتطعته البنوك الفلسطينية لصالح القروض سيقلل قيمة السيولة، وبالتالي ذلك سيقلل من قيمة الطلب”.
وأشار أبو مدللة إلى أن الأسواق في قطاع غزة بدأت تشهد “حالة ركود”، الأمر الذي سيدفع التجار إلى عدم استيراد كميات كبيرة من السلع.
وزاد “القرار سيضعف الحركة الشرائية للمواطنين، وسيكون له أبعاد تتعلق بموظفي حماس في غزة، الذين تعتمد رواتبهم على ما يتم فرضه من ضرائب على التجارة الداخلية ورسوم ومعاملات وغيرها”.
وقال: “عملية الخصم على الرواتب ستدفع المواطن للتقليل من استهلاكه والمعاملات، التي قد يكون في غنى عنها، وسيقلل ما يدخله على حكومة حماس، الأمر الذي سيكون له أثر سلبي على دفع رواتبهم في الأيام المقبلة”.
ونوه إلى أن حالة “الركود” ستتسع في الأسواق الفلسطينية بفعل قرار الخصم، كما سيؤثر على طلبة الجامعات، مشيرا إلى أن هناك 70% من طلبة الجامعات لم يسددوا رسومهم الجامعي، الأمر الذي سينعكس سلبا على رواتب الأكاديميين العاملين في تلك الجامعات كون رواتبهم مرتبطة بتسديد رسوم الطلاب.
حماس متضررة
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، علي الحايك، إن الخصومات التي طالت موظفي السلطة الفلسطينية بغزة ستؤثر بشكل كبير على الصناعات الفلسطينية، والقطاع الخاص الذي لا يتحمل مزيدا من الإجراءات التي تؤدي إلى ضياعه.
وقال الحايك، “القطاع الخاص هو المتضرر الأول من استقطاع 30% من رواتب الموظفين، سيؤثر على القوة الشرائية للمنتجات المحلية، وسيزيد من حجم البطالة والركود الاقتصادي بالقطاع”.
وأشار الحايك إلى أن انعكاس غياب السيولة سيؤثر بشكل كبير على الصناعات المحلية الفلسطينية، وسيخلق كارثة اقتصادية.
وأوضح أن الخصومات ستنعكس على الواردات الحكومية في غزة، التي تعد العامود الفقري الذي يوفر رواتب موظفي غزة، حيث تراجع القوة الشرائية في الأسواق سيقلل من حركة الاستيراد وسيحرم الحكومة من قدر كبير من ضرائب التعلية، وهي أهم وأعلى ضريبة حكومة تدخل الخزينة الحكومية.
وحذرت المنظمات الأهلية والشعبية من الآثار الكارثية للقرار على اقتصاد قطاع غزة، فيما اعتبرت فصائل فلسطينية في القطاع، بينهم حركة حماس والجبهتان “الشعبية والديمقراطية” لتحرير فلسطين، القرار بأنه تعسفي وغير مسؤول وهدفه تكريس أزمات غزة.
وأعلنت حكومة التوافق الوطني، في بيان أصدرته الثلاثاء الماضي، عن خصم 30% من إجمالي قيمة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، عن شهر (مارس/ آذار) الماضي.
وقال يوسف المحمود، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، أن “الخصومات على رواتب موظفي الحكومة في غزة طالت العلاوات فقط وجزء من علاوة طبيعة العمل دون المساس بالراتب الأساسي”، وأنها بشكل “مؤقت”.
وبرر المحمود الخصومات إلى “أسباب تتعلق بالحصار المالي الخانق، والمفروض على دولة فلسطين، إضافة إلى انعكاسات آثار الانقسام وحصار وإجراءات الاحتلال الرهيبة”، على حد قوله.
يشار إلى أن الموظفين الذين يقدر عددهم بـ50 ألفا توقفوا عن العمل بطلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007.
