لا يزال الانقسام السياسي يلقي بتداعياته على المشهد السياسي الليبي، فالتنافس بين حكومتين بات يهدد استقرار البلاد وما يسفر عن ذلك من اشتباكات مسلحة بين الميليشيات.
فيما تلعب عملية “إيريني” العسكرية البحرية الأوروبية دورًا مركزيًا في مراقبة الأوضاع في ليبيا منذ انطلاقها قبل عامين وسط توقعات بأن تلعب العملية الأوروبية دورا في حل الانقسام السياسي الحالي.
في المقابل يؤكد محللون أن عملية “إيريني” لم تستطع معاقبة الدول التي خرقت قرار منع وصول السلاح والمسلحين إلى ليبيا؛ لغياب الضامن القانوني للعملية، مشيرين إلى أنها غير قادرة اليوم على لعب أي دور قوي في حل مشكلة الانقسام المؤسسي بليبيا.
وانطلقت العملية إيريني الأوروبية في مارس عام 2020، وباتت تسمح للاتحاد الأوروبي بأن يكون على دراية بما يحدث في ليبيا، في ظل تخوفات من تصاعد أزمة تعنت رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة.
وهو ما أشار إليه موقع “ديكود 39” الإيطالي، الذي قال إنه رغم أن ليبيا قد تكون من بين الأكثر تأثرا بالعملية العسكرية الروسية على الأوكرانية، إلا أن المأزق السياسي الخطير الذي تعيشه، قد يسفر عن اشتباكات مسلحة، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد.
الموقع الإيطالي أكد أن الخطر يتمثل في أن التوترات الداخلية قد تؤدي إلى عودة انتشار الأسلحة، وأن ذلك يعد انحرافا لا يمكن استبعاده في الأزمة الليبية، رغم تخلي رئيس الحكومة، فتحي باشاغا، في الأسابيع الأخيرة مرتين عن دخول العاصمة طرابلس، خوفا من اندلاع أي اشتباكات مع المليشيات التي دافعت عن الدبيبة.
من جانبه، قال رئيس بعثة إيريني، الأدميرال ستيفانو توركيتو، إن هذه العملية تسعى لتحقيق سلام دائم في ليبيا، مشيرًا إلى أن هذين العامين يضافا إلى 5 سنوات أخرى من النشاط الأوروبي في ليبيا، عبر عملية “صوفيا”، والتي أطلقت في الفترة بين 2015 – 2020.
ورغم التصريحات الإيطالية بشان عملية إيريني، إلا أن مراقبين أعتبروا أن عملية إيريني الأوربية لم تنجح في وقت سابق في منع دخول السلاح إلى ليبيا إضافة إلى “ضعفها” من الناحية القانونية وقوة الردع.
وفي هذا السياق، قال الكاتب الصحفي الإيطالي، ماسيميليانو بوكوليني، إن أوروبا والغرب يهتمون حاليا بما يحدث في أوكرانيا والأزمة مع روسيا، ولم يعد الملف الليبي أولوية حالية لدول مثل إيطاليا بقدر ملف التحرر من النفط الروسي ودعم أوكرانيا.
وأضاف أن العملية إيريني، التي تعد العملية العسكرية الأوروبية الوحيدة على البحر المتوسط، خلال عامين استطاعت توقيف العديد من السفن التي كانت تنقل السلاح إلى ليبيا
فيما قال الباحث السياسي والقانوني الليبي، فرج زيدان، إن الأطراف الدولية لا تتعامل بشكل متساوي مع أطراف الصراع في ليبيا، وكما أن هناك تنازع أوروبي ، خاصة بين فرنسا وإيطاليا، أثر على دور عملية إيريني، لافتا إلى أن إيطاليا لم ترحب بعملية الجيش الوطني الليبي تجاه طرابلس وتحالفت مع تركيا وتعاملت بمرونة مع توريد الأسلحة لطرابلس عبر البحر.
وأضاف زيدان، أنه مع وجود حكومة باشاغا، التي تعمل بشكل متوازن مع جميع الأطراف وما له من علاقات مع العديد من الدول، فإن هناك مخاوف لدى إيطاليا – التي ترغب في تفعيل المهمة إيريني التي تقودها، من وصول أسلحة لطرابلس خاصة في ظل الانسداد السياسي ورفض الدبيبة تسليم السلطة في الغرب الليبي، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوب صراع مسلح.
