بعد إنفاق قرابة تريليون دولار، سحبت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها العسكرية من أفغانستان، لتترك البلاد فريسة سهلة لمقاتلي حركة طالبان، الأمر الذي قد يثير تساؤلات حول احتمالية تكرار ما حدث في أفغانستان لحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.
وشرعت الولايات المتحدة في تقليل قواتها العسكرية بالشرق الأوسط بعدما عملت على تعزيزها في الفترة ما بين 2019 و2020 على خلفية التوترات مع إيران، حيث أمر وزير الدفاع الأمريكي في يونيو/ حزيران الماضي بسحب قوات عسكرية و منظومات دفاع جوي وحاملة طائرات من المنطقة، مع انتهاء صيف 2021.
ويتنشر في الشرق الأوسط ما بين 60-70 ألف عسكري أمريكي موزعين على عدة دول، ويرى مراقبون أن النموذج الأقرب في الشرق الأوسط للتجربة الأمريكية في أفغانستان هو وجودها العسكري في العراق.
ومنذ ثلاث سنوات تعمل الإدارة الأمريكية على تقليص الحضور العسكري في العراق، والذي وصل إلى 2500 جندي فقط، ولكن في يوليو/ تموز الماضي أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستنهي مهمتها القتالية في العراق بنهاية العام الجاري، بينما سيتم الإبقاء على عدد من القوات لتقديم المساعدة لقوات الأمن العراقية، وهو الأمر الذي يثير مخاوف من تكرار ما حدث في أفغانستان في ظل الظروف الأمنية الحرجة التي يعيشها العراق، وانفلات السلاح بأيدي الميليشيات، وتعاظم النفوذ الإيراني داخل العراق، فضلا عن التدخل التركي في شمال البلاد.
رسائل طمأنة
وقال السفير ريتشارد شمايرر، وهو مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بإرسال رسائل طمأنة للحلفاء في أوروبا والشرق الأوسط.
وأضاف السفير ريتشارد شمايرر، خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد”، أن الولايات المتحدة ستستمر في الحفاظ على شراكاتها مع الحلفاء، مؤكدا أن أفغانستان أمر مختلف وليست قضية مصالح استراتيجية.
وأوضح السفير ريتشارد شمايرر، أن طريقة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أضرت بسمعتنا وقدرتنا، لافتا إلى أن القضية ستحتاج إلى مزيد من الوقت لكي نشعر بالاستقرار والأمن.
دروس مستفادة
من جانبه، قال اللواء دكتور محمد بن صالح الحربي، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، إن هناك دروسا مستفادة من الحرب في أفغانستان، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية عودتنا على أن تدخل الحروب ولا تنهيها.
وأضاف الحربي، أن جميع المسؤولين في منطقة الخليج العربي يعرفون جيدا أن الأهداف الاستراتيجية القومية للولايات المتحدة الأمريكية قد تغيرت، وانتقلت من أولويات الشرق الأوسط إلى أولويات الأمن القومي الأمريكي وهي التنافس مع الصين.
وأكد الحربي، أن “الموقف الجيوسياسي الأمريكي تغير تماما، ولا يهمها الآن سوى نقل العالقين في أفغانستان، سواء كانوا مجنسين أو غير مجنسين”.
لا تراجع عن سحب القوات
وتمنى آدم إيرلي، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، عبر سكايب، أن لا تتراجع واشنطن عن قرارها بسحب قواتها من العراق، وذلك على وقع الذي حدث في أفغانستان.
وأضاف آدم إيرلي أن هناك فارقا كبيرا بين الأوضاع في العراق والأوضاع في أفغانستان، موضحا أن إيران تمثل تهديدا لاستقرار العراق ودول الجوار في منطقة الشرق الأوسط.
كما أوضح آدم إيرلي “لقد تعلمنا الدرس في أفغانستان ولن نكرر الخطأ في العراق”، موضحا أن الحكومة العراقية ترغب في بقاء الولايات المتحدة لتقديم الدعم اللازم للقوات العراقية.
الحالة العراقية
ومن العراق، أكد حسين علاوي مستشار رئيس الوزراء العراقي، أن القوات العراقية تقاتل تنظيم داعش منذ عام 2014، وانتصرنا وبدأنا بعملية بناء السلام لمواجهة فلول داعش.
وتابع علاوي: “الظروف الآن تتشكل نحو بناء الدولة، وماضون على انتخابات في الـ10 من أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ولذلك هناك اختلاف بين الحالة الأفغانية والحالة العراقية”.
كما أكد علاوي، أن الأجهزة الأمنية تراقب الأوضاع عن كثب، وعدم إعطاء فرصة لفلول داعش لاستغلال مهاجمة المدن، وذلك كله للقضاء على المولدات المالية للتنظيم الإرهابي.
