هل تحسم التوجهات الاقتصادية المعركة بين ترامب وكلينتون؟
في وقت يشتد فيه السباق بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وبين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، نحو البيت الأبيض، يحاول كل منهما إيضاح سياسيته العامة والاقتصادية بشكل خاص، لاستمالة الناخب الأمريكي الباحث عن إنعاش لحسابه البنكي، وخفض لمعدل التضخم، خاصة أن متوسط الأجور في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا يعد أحد أبرز نقاط ضعف الاقتصاد الأمريكي.
«الغد» يرصد، في التقرير التالي، أبرز التوجهات الاقتصادية للمتنافسين في الانتخابات الأمريكية، وماذا سيقدم كل منهما للناخب الأمريكي.
دونالد ترامب.. خفض الضرائب وطرد المهاجرين
في وقت يعلن فيه ترامب معاداته للمسلمين والمهاجرين، يصرح باعتزامه رفض استقبال لاجئين سوريين جدد، وسحب التصاريح من السوريين الموجودين حاليا، يعلن أيضا عن عزمه تعديل قانون الضرائب ليكون «أكثر بساطة».
ويريد ترامب ألا يدفع أي شخص يكسب أقل من 250 ألف دولار أي ضريبة على الدخل، وقال لن يقدم مثل هذا الشخص شيئا أكثر من نموذج ضرائب من صفحة واحدة يقول «أنا أحصل على…».
وقال ترامب إنه سيخفض الضرائب على الشركات إلى 15%، كما سيسمح للشركات متعددة الجنسيات، التي تضع أموالا في الخارج، بإعادة أموالها مقابل ضريبة تصل إلى 10%.
ويتفق ترامب مع الديمقراطيين في نقطة واحدة فيما يخص الاقتصاد، حيث أعلن أن مديري صناديق التحوط وفاحشي الثراء لا يدفعون ما يكفي من الضرائب، وأنه سيعمل على تغيير ذلك في حال وصوله للرئاسة.
وقال أيضا أنه ينوي إلغاء مجموعة من القوانين الاتحادية، التي يرى أنها تثقل كاهل أصحاب الشركات الأمريكية أكثر من الضرائب المرتفعة، وصرّح سابقًا للواشنطن بوست قائلا «إننا نجلس على فقاعة اقتصادية، بل فقاعة مالية،» وفي إحدى الحملات طلب ترامب من المستثمرين عدم شراء الأسهم الأمريكية، وقال في تصريح آخر، إن «الاستثمار في الأسهم الأمريكية في الوقت الراهن سيء، وإن أسعار الأسهم تتضخم فوق مستوياتها الحقيقية في العادة، وهي إشارة سيئة لما سيحدث للاقتصاد».
كما أعلن أنه سيعيد النظر في اتفاقيات التجارة الحرة مع الصين، لأنها تتبع أسلوبا «ينهب» اقتصاديات الولايات المتحدة، وأيضا سيشرع في بناء حائط لعزل المكسيك عن الولايات المتحدة لمنع العمالة المكسيكية، التي تعمل في أعمال غير نظامية في أمريكا.
وأعد مركز «أميركان أكشن فورم» للأبحاث، دراسة قال فيهاـ إن خطة دونالد ترامب بشأن حصر وترحيل المهاجرين غير النظاميين ستؤدي إلى تنكماش الاقتصاد الأمريكي بنحو 2% لو نفذت، وستقود هذه السياسة بحسب الدراسة إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي خلال العقدين المقبلين بنحو 1.6 ترليون دولار، يوجد أكثر من 11 مليون مهاجر يعيشون ويعملون في الولايات المتحدة بصورة غير نظامية في قطاعات مثل الزراعة والبناء والضيافة، حسب الإحصائيات الحكومية.
وأوضح المركز، «قد يؤدي ترحيلهم إلى انكماش ناتج القطاع الخاص بين 381.5 و623.2 مليار دولار، وإخراج هؤلاء من سوق العمل قد يؤدي إلى شغور ملايين الوظائف بسبب نقص الأيدي العاملة النظامية الراغبة في شغل تلك الوظائف».
وقالت الدراسة أيضا، إن السياسات التي يطرحها ترامب تهدد موقع الدولار كعملة احتياط دولية، وستقود خطط الإنفاق التي يقرها في سياساته إلى رفع الدين العام في أمريكا إلى معدلات عالية جدا قد تنهي جاذبية سندات الخزانة الأمريكية، التي تعتمد عليها أمريكا في تمويل العجز في الميزانيات، والتفكير بهذا المنطق كافٍ لرؤية مكانة ووضع الاقتصاد الأمريكي في المستقبل.
كلينتون.. على نهج أوباما في الاقتصاد
على الجانب الآخر، نشرت مجلة التايم الأمريكية تقريرا سابقا عن الأوضاع الاقتصادية في برنامج هيلاري كلينتون الانتخابي، حيث قالت إن انتخابها سيضمن تحميل الأغنياء ضريبة إضافية، في مقابل تثبيت أو تخفيض الضرائب المفروضة على الطبقتين المتوسطة والفقيرة، لأن مخططها للضرائب لن يكون له أدنى تأثير على الطبقتين المتوسطة والفقيرة، وسترفع الضريبة المفروضة على الأغنياء بنسبة 1%.
كما تتضمن سياسة كلينتون الاقتصادية رفع نسبة الدخل للفرد، ورفع نسبة النمو بالنسبة للاقتصاد الأمريكى في الوقت ذاته، من خلال رفع الحد الأدنى للأجور، وربطه بالكفاءة في العمل، وتشديد الضرائب على الأغنياء جدا، كما تتضمن خطتها أيضا خلق المزيد من الوظائف من خلال إصلاح قانون الهجرة، وتأسيس شبكة قوية للتوظيف والاستثمار في الطاقة النظيفة، وتمويل الأبحاث والتطوير لتنمية الاقتصاد الأمريكى، وتعزيز مساهمة النساء في الاقتصاد الأمريكي من خلال تشديد قوانين المساواة في الأجور والرعاية الأبوية.
وأعلنت كلينتون سابقا عن عزمها على زيادة الضرائب على الشركات الأمريكية الكبرى، حيث قالت «إن شركات وول ستريت وجميع الأثرياء سوف يدفعون الضرائب العادلة»، لافتة إلى لأن 90% من أرباح البلاد يكسبها فقط 1% من الأمريكيين، وتعهدت بالحصول على هذه الأموال وتوجيهها لحل المشكلات الاجتماعية داخل البلاد.
وفي تقرير لموقع «CNNMoney»، قال ملف الاقتصاد هو مفتاح نجاح كلينتون في نوفمبر المقبل، باعتبار أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، تمكن من العبور بالبلاد من أسوأ ركود منذ الكساد العظيم، وأنها تتبع نهجه في السياسية الاقتصادية.
ونقل الموقع الأمريكي عن بريان كولتون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة التصنيف الائتمانى «فيتش»، قوله إن «الأرقام تمثل إحباطا، فمن الواضح أن معدل النمو لن يصل إلى 2% هذا العام».
وأضاف أن دونالد ترامب، المرشح الجمهورى للانتخابات الرئاسية الأمريكية، يحاول أن يظهر كلينتون بأنها شخص يعيش في كون خيالي، فضلا عن قدرته على إظهار أن تباطؤ النمو معناه عزوف رجال الأعمال عن الاستثمار، ما يعكس انعدام الثقة.
وأكد الموقع، أن حملة كلينتون مرتبطة باقتصاد أوباما، لاسيما بعدما تحسنت الصورة الاقتصادية في أعقاب خلق ملايين الوظائف في السنوات الأخيرة، وعودة الأمريكيين للعمل وتحسن رواتبهم، فضلا عن رخص سعر الغاز.