هل تخرج أوروبا من دائرة الوصاية والهيمنة الأمريكية؟

أصبحت التساؤلات الحائرة داخل الدوائر السياسية الغربية: هل تخرج أوروبا من دائرة الوصاية والهيمنة الأمريكية؟! وما هي حدود التمرد الأوروبى على واشنطن؟! بمعنى هل تستطيع أوروبا أن تتمرد على الولايات المتحدة؟ وإلى أين يمكن أن تتجه أوروبا؟، هل يمكن أن تتقارب مع روسيا والصين فى ظل الخلافات الأوروبية الشديدة مع روسيا منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وفى ظل التخوفات التجارية من العملاق الصيني؟ أم أن الخيار الأفضل هو أن تتحول أوروبا إلى «تجمع سياسي ــ أمني» حقيقى بعيدا عن الولايات المتحدة، وأن تدفع العالم نحو خيار التعددية القطبية، وأن تكون قطباً عالمياً قوياً وموحدا وفاعلا ونافذا ؟!

 

 

 

 

 

 «أوروبا موحدة» في مواجهة «أمريكا ..أولا»

ربما كانت بداية الشكوك في تصدع جسر التواصل الاستراتيجي بين أمريكا وأوروبا، وبداية «مؤشرات الطلاق» بينهما، أن الإدارة الأمريكية، لم تهتم بردود فعل الحلفاء، وقررت الاحتماء بشعار «أمريكا .. أولا» الذي رفعه الرئيس دونالد ترامب منذ الشهور الأولى لتوليه منصب الرئاسة، ودخلت الرسوم الأمريكية الإضافية التي تبلغ ٢٥٪ علي الفولاذ و١٠٪ علي الألمنيوم المستوردين من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك حيز التنفيذ رسميا، ليثير ردود أفعال غاضبة، عبر عنها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بأن القرار «خطأ» وليس فقط غير قانوني وإنما خاطئ أيضا من جوانب كثيرة، وأن الولايات المتحدة حاولت من خلال هذا الإجراء الرد على عدم التوازن العالمي باللجوء إلى «القومية الاقتصادية والتجارية»، تحت مظلة (أمريكا .. أولا) .. وحذر ماكرون من تداعيات هذا النهج، الذي قد يغلق، برأيه، الباب أمام مناقشة قضايا أخرى مع الولايات المتحدة، مشددا على أن «القومية الاقتصادية تقود إلى حروب».. ومن جانبه أكد زير الخارجية الألماني، هايكو ماسن، أن الرد على «أمريكا أولاً» سيكون «أوروبا موحدة».

 

 

أوروبا مهيأة للخروج من دائرة الهيمنة الأمريكية

ويؤكد خبراء الشئون السياسية والعلاقات الدولية، أن الخلافات في الرؤى والسياسات والمواقف، بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، لم يقتصر على الجوانب التجارية والاقتصادية، ولكن في السياسات والعلاقات الدولية، وكأن أوروبا مهيأة للخروج من دائرة الهيمنة والوصاية الأمريكية.. وأن النموذج الإيرانى (الخلافات في المواقف والسياسات بين واشنطن وأوروبا بشأن الملف النووي الإيراني) ليس الوحيد، فقد ثارت نفس الخلافات بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، و نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، وأعربت أوروبا عن قلقها وحذرت من تداعياته، وقبل ذلك عندما اتخذت الإدارة الأمريكية قرارها منع دخول المهاجرين واللاجئين من الدول الإسلامية إلى أراضيها، اعترضت أوروبا لمخالفته مبادئ حقوق الإنسان.

 

 

 

سوابق خلافات أوروبية مع سياسات واشنطن

الموقف الأوروبى المتعارض مع السياسات الأمريكية، لا يتعلق فقط بالإدارة الحالية لترامب التى توصف أحيانا بالتهور والخروج عن السياق العام السائد، ولكن سبق اعتراض أوروبا على الغزو الأمريكى للعراق ورفضها المشاركة فى التحالف الدولى الذى قادته الولايات المتحدة فى عهد بوش الابن باستثناء بريطانيا، والموقف نفسه ينسحب على كل القضايا حتى تلك الواقعة فى قلب القارة الاوروبية ولا يقتصر على الشرق الأوسط، ففى حرب البلقان فى التسعينيات التى تعرض فيها مسلمو البوسنة لحرب إبادة على يد الصرب، حاولت أوروبا إثناء إدارة الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، عن التدخل عسكريا لصالح البوسنيين، وقبل ذلك بعقود قاومت أوروبا بشدة انضمام تركيا إلى حلف الناتو، وكان لأمريكا القول الفصل، وهو ما تكرر حديثا وإن كان بضغوط أقل مع رومانيا التى انضمت بدورها إلى الأطلنطى، والتردد الأوروبي بشأن تشديد الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات ضد موسكو، كذلك تشديد ترامب على ضرورة زيادة حصة الدول الأوروبية فى ميزانية حلف الناتو، وكان هذا موضع خلاف كبير، رغم أنه انتهى إلى انصياع أوروبا له، رغم الاعتراضات التى أظهرتها فى البداية.

 

 

لا توجد قيادة سياسية موحدة في أوروبا

ويرى سياسيون فرنسيون، أن هناك حساسية أوروبية شديدة من الهيمنة الأمريكية، تقابلها رغبة لا تقل عنها فى الحفاظ على التواجد تحت مظلتها، إنها علاقة فريدة من التجاذب والتنافر فى آن واحد!! ريما لأن مشكلة أوروبا الحقيقية أنها لا تملك قيادة سياسية موحدة أو مركزية فى اتخاذ القرار، رغم انضوائها تحت كيان واحد ضخم هو الاتحاد الأوروبى، لأن الدول الكبيرة فيها لم تعد كما كانت: بريطانيا خرجت فعليا من الاتحاد الأوروبى.. وفرنسا لا تقوى على القيادة بمفردها.. أما ألمانيا فقد تنامى دورها على الصعيد الاقتصادى ولكنها ليست من الدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن.. إضافة إلى أن دول أوروبا الشرقية التى انضمت إلى المعسكر الغربى ليست فى تناغم مع سياساته، بل مازالت تفضل التعامل الثنائى مع واشنطن على الذوبان فى الكيان الأوروبى.

 

 

الحلفاء باتوا عصيين على التطويع الكامل لأمريكا

  • المواجهة التى بدت عنيفة بين قادة مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع فى قمتهم التى استضافتها كندا يومى الجمعة والسبت الماضيين (8- 9/6/2018) لم تنشأ من فراغ، كما أنها ليست وليدة عوامل طارئة، ولكنها تعكس حالة من التمرد الأوروبي ــ الكندى العاجز عن الحسم مع الولايات المتحدة، بقدر ما تعكس إصرارا أمريكيا على فرض الهيمنة على حلفاء باتوا عصيين على التطويع الكامل ــ بحسب تحليل الخبير السياسي، د. محمد السعيد إدريس،رئيس وحدة الدراسات العربية و الاقليمية بمركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالاهرام ــ  لأن هؤلاء الحلفاء أضحت لهم مصالحهم الخاصة التى لا تتوافق بالضرورة مع المصالح الأمريكية، ولهم سياساتهم وخياراتهم التى قد تتعارض مع السياسات الأمريكية.

 

هل تملك أوروبا القدرة على تحدي الإرادة الأمريكية؟

  • العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها أضحت فى مفترق الطرق، بل ربما أقرب إلى الافتراق، وأصبح التساؤل:إلى أين تتجه أوروبا؟ وقد حذر مؤتمر ميونيخ للأمن الذى يعقد سنويا فى هذه المدينة الألمانية فى حضور زعماء ومسئولين من مختلف أنحاء العالم، فى تقريره السنوى الذى صدر مطلع هذا العام من سياسات ترامب «التى تقود العالم إلى حافة الهاوية»، وطالب بـ «نظام أمنى أوروبى مستقل كليا عن الولايات المتحدة»، وسبق للمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل أن وصفت قرار الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الموقع مع إيران بأنه «انتهاك للنظام الدولي»، لكن مشكلة أوروبا ـ كما يقول د. إدريس،  إنها «غير موحدة» ومازالت تعانى من أزمة ثقة داخلية بعد الانسحاب البريطانى من الاتحاد الأوروبي، كما أنها لا تملك القدرة على تحدى الإرادة الأمريكية وهذا ما يدركه ترامب ويشجعه على ممارسة المزيد من سياسات الإهانة والإذلال لتطويع القرار الأوروبى ليعود أداة أمريكية كما تريدها واشنطن، والأزمة مع إيران هى أهم ميادين هذا التطويع الأمريكى للإرادة الأوروبية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]