تواجه الجزائر أزمة مالية خانقة، تهدد بالعجز عن سداد أجور ومعاشات المتقاعدين بعد تراجع اجمالي ايراداتها بنحو 70 بالمائة، بما في ذلك ايراداتها النفطية التي انخفضت بما يقارب 50 بالمائة، وفقا لتقارير الدوائر الإقتصادية التي كشفت عنها وسائل الإعلام الجزائرية، وحذرت صحيفة الشروق، أمس، من تردي الوضع الاقتصادي مستندة لتصريحات مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، وتقرير وزارة المالية الذي وصفته بـ” الأسود والمخيف” وقبلهما رسالة الرئيس بوتفليقة، الأسبوع الماضي، في الأول من مايو/ايار الجاري، والتي أقرّ فيها بصعوبة الوضع الاقتصادي، مضيفا أن الجزائر تواجه تحديات تنويع مصادر الدخل من خارج القطاع النفطي.
وكان بوتفليقة يتحدث عن العجز الكبير في الميزان التجاري مقابل التراجع الحاد في ايرادات الدولة النفطية بفعل انهيار أسعار البترول في الأسواق العالمية.
وأشارت الدوائر الاقتصادية في الجزائر، إلى أن عدم مصارحة الحكومة للشعب الجزائري ستزيد الأوضاع تعقيدا، وإذا كان غموض الوضع الصحي للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، يغذي التوترات السياسية، فإن ما تخشاه الدوائر المالية، أن تكون الجزائر دخلت بفعل الأزمة الاقتصادية في مرحلة الانهيار المالي، محذرة من أن ذلك ربما يفجر الجبهة الاجتماعية المشتعلة أصلا.
وتعتمد الجزائر بشكل مفرط على إيرادات الطاقة ما جعلها من بين الدول النفطية الأكثر تأثر بالأزمة الناجمة عن انهيار أسعار النفط منذ يونيو/حزيران 2014.واضطرت للسحب من احتياطاتها النقدية لمواجهة العجز في الموازنة، بينما يضغط تراجع أسعار النفط بشدّة على ماليتها العامة.
وكانت احتياطاتها المالية في العام 2013 في حدود 194 مليار دولار، وارتفعت في 2014 الى 195 مليار دولار ، قبل أن تنخفض في نهاية 2015 الى نحو 179 مليار دولار، لتستقر في الربع الأول من 2016 عند 143 مليار دولار، في انخفاض يعكس منحى تنازلي استنزافي لتلك الاحتياطات بفعل الصدمة النفطية وفي ظل غياب موارد بديلة للنفط تغطي جزء من تراجع الايرادات.
وأوضح تقرير اقتصادي أعده خبراء اقتصاد جزائريون، وصدر أمس الثلاثاء، أن اعتماد الاقتصاد الجزائري المفرط على الايرادات النفطية، ورهان السلطة لعقود على مورد مالي وحيد دون استثمار فائض عوائد النفط في تنويع مصادر الدخل، يجعل من الصعب احتواء تداعيات انهيار الأسعار في الأسواق العالمية.وتوقع التقرير أن تتفاقم الأزمة المالية في ظل عدم وجود مؤشرات على امكانية تعافي أسعار النفط والتي يرجح أن تستقر في حدود 40 دولارا للبرميل خلال العام الحالي وربما في العام 2017.
وأشارت صحيفة الخبر الجزائرية، إلى أن كل المؤشرات الاقتصادية باللون الأحمر، وبعد أن لجأت الحكومة إلى التغطية على حجم العجز المتفاقم بتخفيض قيمة الدينار الجزائري، حوالي 25 في المائة من قيمته، مما أدى إلى رفع تكلفة الاستيراد وبالتالي تقليصها، وتم ذلك موازاة مع قرارات إدارية مثل فرض تراخيص الاستيراد، وتعليق بعض عمليات الاستيراد التي مست السيارات وتأخير برامج استيراد الأدوية، ولكن هذه التدابير لم تكن لها فعالية كبيرة للتراجع الكبير لإيرادات المحروقات التي تمثل 96 في المائة من إجمالي الصادرات الجزائرية.ومع خفض قيمة الدينار، فإن قدرته الشرائية تتآكل وتتراجع معها القدرة الشرائية للمواطن المستهلك، موازاة مع تسجيل ارتفاع في نسب التضخم.
