عاد «الربيع العربي» مجددا ليتصدر دراسات وتقارير الدوائر السياسية والمراكز البحثية في الغرب، بعد مرور 5 سنوات على انطلاق الشرارة الأولى، لتنهار أنظمة في بعض البلدان، بينما لا تزال أنظمة أخرى تقاوم.
مناخ الربيع العربي لم يتغير، بحسب تقرير المؤسسة الدولية الألمانية لعلم الاجتماع السياسي، الصادر اليوم الأحد، ويرى أن التحديات الراهنة في العالم العربي، تكشف عن أسباب فشل الربيع العربي، والعحز عن تحقيق مجمل مطالب الانتفاضات الشعبية، باستثناء نجاحات محدودة في تونس ومصر، تمهد الأجواء لمستقبل أفضل.
ويشير تقرير المعهد الفرنسي للدراسات الاجتماعية، إلى بداية عام 2011 حين انطلقت موجة من الاحتجاجات اجتاحت أجزاء كبيرة من العالم العربي، ووصلت النزعة الثورية حينها إلى تونس، ومصر، والبحرين، وليبيا، واليمن، وسوريا، غير أن النشوة التي رافقت تلك الاحتجاجات في الشوارع والساحات تحولت إلى خيبة أمل، خصوصا المطالب المرتبطة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، فحتى الآن تعالج تلك القضايا مثل: التوزيع العادل للثروات، والعلاقة بين المركز والأطراف، والرشوة والمحسوبية، ففي هذه المجالات لم يسجل أي تقدم يذكر، وبينما انهارت ليبيا، فإن اليمن وسوريا غارقتان في الحرب.
وتكشف الباحثة الألمانية، موريل أسيبورج، لوكالة الأنباء الألمانية، عن جوانب التدخل الغربي في ثورات الربيع العربي، مؤكدة أن الغرب لم يكن ساذجا في دعم الحركات الاحتجاجية وعمليات التحول السياسي التي تمت في ذلك الحين، لكن الشيء الذي كان ساذجا هو التوقع بأن تلك التحولات من شأنها أن تؤدي بسرعة إلى الديمقراطية، وإلى سيادة القانون وإلى الاستقرار، وأن الإشارات التي بعثها الأوروبيون إلى المنطقة لم تكن واضحةً بما فيه الكفاية، حيث كانت مستعدة للتعاون مع القوى السياسية القديمة أو مع الأجهزة الأمنية، لمنع الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا ولمكافحة الإرهاب، ولدعم قطاع التجارة الخارجية.
وتناولت موريل التباينات من بلد لآخر، مشيرة إلى أن سمة مشتركة بين تلك الدول، وهي وجود بيئة إقليمية لا توجد لديها مصلحة في أن يكون هناك مزيد من المشاركة السياسية، وأن القوى الإقليمية والمحلية تحالفت في تلك الدول مع جماعات سعت للحفاظ على قوتها، أو استعادتها بدلا من البدء في تحول ديمقراطي، وفي الحالة المصرية، يتعلق الأمر بسعي منافس أيديولوجي مهم ليحصل على دور قيادي هناك، وهم «الإخوان المسلمون».
وأوضح تقرير معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، أنه بعد 5 سنوات من اندلاع شرارة ثورات الربيع العربي، فإن أوضاع الكثير من الناس ازدادت سوءا، في اليمن وسوريا وليبيا، وأن الأسباب التي دفعت قبل 5 سنوات الناس للخروج إلى الشارع باقية، مع بروز 3 ظواهر، وهي أن المعارضة تمارس بالقوة وليس بالسياسة، واستقرار دول المنطقة تتزعزع إلى حد كبير، وهذا لا ينطبق فقط على البلدان التي تعيش على وقع الحرب الأهلية، في سوريا واليمن وليبيا، ولكن يحدث أيضا في مصر التي تواجه حربا مع الإرهاب في سيناء، وتتعرض لعمليات عنف إرهابية في الداخل بين الحين والآخر.
ومن جانبه، يؤكد الخبير التونسي، وأستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور فالح بوزيد، أن للثورة مسار يمتد على سنين طوال، وواهمٌ من يعتقد أنها تحقق أهدافها مباشرة بعد اندلاعها، فالثورة الفرنسية مثلا قطف الفرنسيون ثمارها بعد زهاء الثلاثة قرون.
وقال لوكالة الأنباء الفرنسية، هناك الكثير ما يمكن الاحتفاء به في الذكرى الخامسة للثورات الربيع العربي، ومع الرمزية الكبيرة التي يمثلها هذا الحدث، إلا أنه لا يمكن إخفاء حالة الإحباط لدى فئات واسعة من الشعوب العربية، وهم يرون أغلب أهداف ثورتهم لا زالت معلقة، إلا أنه يحسب للربيع العربي أنه أطلق الألسن من عقالها ومنحت مصر وتونس حريات واسعة، كانت تصطدم بقمع السلطة والعوائق البيروقراطية.
