تتعدد المؤشرات على تغير الاستراتيجية الأمريكية تجاه إفريقيا، ما ينبئ بمسار لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يخالف مسار سلفه دونالد ترامب.
كان أول تلك المؤشرات، هي الزيارات المكثفة للقارة، ففي نوفمبر 2021، جولة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، شملت السنغال وكينيا ونيجيريا، وذلك قبل أيام من انعقاد منتدى التعاون الصيني الإفريقي “فوكاك”.
وفي أغسطس الماضي، جاءت الجولة الثانية لبلينكن، وشملت جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية ورواندا.
وهناك مؤشر آخر، يتمثل في تعدد “المبادرات الموجهة للقارة”، ففي منتصف 2021 أعلن بايدن عن مبادرة “ازدهار إفريقيا” بعدما طلب 80 مليون دولار من الكونجرس لتعزيز التجارة والاستثمار مع إفريقيا.
كما مدد قانون النمو والفرص في إفريقيا حتى عام 2025، وهو قانون يعفي 6500 منتج إفريقي من الجمارك الأمريكية.
كذلك قدَّمت إدارة بايدن 50 مليون جرعة لقاحات ضد كورونا إلى 43 دولة إفريقية، خلال الأشهر العشر الأولى لها.
قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جوهانسبرج، الدكتور ديفيد مويا، إنَّنا نتطلع لتغييرات في القارة الإفريقية من خلال توقيع اتفاقات حرة للتجارة بين الولايات المتحدة والدول الإفريقية.
وأضاف، في مداخلة هاتفية لـ«مدار الغد»، أنَّ إدارة بايدن تتحدث عن بناء علاقات بشكل أكبر، وهناك حاجة إلى مشاريع بنية تحتية، بالإضافة إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
وتابع: “نحن لم نر تقديم الكثير في عدد من المجالات بين أمريكا وإفريقيا، لكن الانقلابات العسكرية في إفريقيا كانت أثناء قيام الولايات المتحدة بلعب دور في التدريب العسكري غرب القارة السمراء”.
وفي يونيو الماضي اقترح بايدن خلال قمة مجموعة السبع “مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار ” بقيمة 600 مليار دولار، مع تخصيص جانب كبير منها لدول إفريقية.
أما ثالث مؤشرات تغير استراتيجية واشنطن تجاه إفريقيا، يتعلق بتعزيز النفوذ العسكري، من خلال تمركز نحو 6500 جندي أمريكي، لتدريب قوات الدول الحليفة.
من جهته، قال المدير السابق للشؤون الإفريقية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، كاميرون هدسون، إن إدارة ترامب أوضحت أن واشنطن مهتمة فقط بالتنافس مع الصين، لكن إدارة بايدن تحملت الأعباء لإعادة صياغة المشاركة في إفريقيا.
وأشار إلى أن إدارة بايدن تعتمد على مجموعة متنوعة من القيم المشتركة والمصالح المتعلقة بالتعليم والصحة والأمن والديمقراطية.
وفي فبراير الماضي، أجرى الجيش الأمريكي مناورات “فلينتلوك” Flintlock في كوت ديفوار، ضمن برنامج واشنطن لتدريب سنوي للقوات الإفريقية على مكافحة الإرهاب.
وعلى خلاف شعار “أمريكا أولا” الذي رفعه ترامب، يبدو أن بايدن يسعى لاستعادة النفوذ الأمريكي في إفريقيا، وهو ما تؤكده القمة الأمريكية الإفريقية المرتقبة منتصف الشهر المقبل.. فهل تنجح واشنطن في تأمين مسارها داخل متاهات الأزمات في إفريقيا؟
قالت الدكتورة سالي فريد، رئيس قسم السياسة والاقتصاد بكلية الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، إن النفوذ الأوروبي في طريقه لقارة إفريقيا بسبب أزمة الطاقة، ومحاولة استغلال القارة السمراء لتكون بديلة لروسيا وأوكرانيا.
وأشارت إلى أنَّ استراتيجية أمريكا مع إفريقيا ركزت على التعاون العسكري ونشر القوات الأمريكية في العديد من دولها.
