شهدت أزمة رواتب الجيش الوطني الليبي انفراجة بعد أربعة أشهر من التوقف، حيث أعلن مدير إدارة الحسابات العسكرية بالقوات المسلحة الليبية، الفريق عطية الشريف، صرف المرتبات لمنتسبي الجيش لشهري يوليو وأغسطس، بينما سيتم صرف شهر سبتمبر الأسبوع المقبل.
وهو الانفراج الذي حدث بعدما أوقفت وزارة المالية في حكومة الوحدة الوطنية صرف المرتبات، بدعوى عدم تقديم القيادة العامة بيانات العسكريين.
فيما أعلن الجيش الليبي أن تعذر إحالة البيانات؛ حفاظا على ممتلكات الملتحقين من العسكريين وعائلاتهم بالمنطقة الغربية؛ “وحتى لا تتسرب إلى مجموعات قد تقوم بأعمال انتقامية”.
ويري خبراء أن الضغوط التي حدثت خلال الأسبوع الماضي، ومنها محادثة السفير الأمريكي، ريتشارد نورلاند، مع رئيس الحكومة، عبدالحميد الدبيبة، كان لها الأثر في حلحلة هذا الملف، الذي ظل يمثل أزمة لنحو أربعة أشهر.
وكان هذا الملف من بين الأسباب التي دفعت أعضاء مجلس النواب إلى “سحب الثقة” من حكومة الدبيبة، بعدما قال في جلسة الاستجواب إنه منح الأذن بصرف المرتبات، بينما عاد وزير المالية، خالد المبروك، ليقول إنه لم يفرج عنها “بسبب عدم تقديم بيانات” العسكريين.
واتهم مدير التوجيه المعنوي في الجيش حكومة الدبيبة بالتلكؤ في صرف المرتبات لولا تدخل المبعوث الامريكي إلى ليبيا.
في هذا السياق، قال المتحدث الرسمي السابق باسم مجلس الدولة في طرابس، السنوسي إسماعيل، إنه كان من المفترض مناقشة مسائل رواتب العسكريين بعد استحقاق توحيد المؤسسات، لكي تكون هناك إدارة حسابات واحدة لكل العسكريين في البلاد، إلا أن السلطة التنفيذية فشلت في المضي قدما في هذا الأمر، وهو ما تسبب في تلك المشكلة.
ورأى إسماعيل، خلال لقاء على شاشة الغد، أن تلك الأزمة ما كان يجب أن تحدث، مشيرا إلى حل تلك المشكلة ربما تكون خطوة إيجابية في طريق توحيد المؤسسة العسكرية.
وأضاف أن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) غير معنية بهذا الأمر، بل تُعنى بتنفيذ بنود وقف إطلاق النار، مؤكداً أن الحكومة فشلت في العديد من الملفات وليس فقط ملف رواتب العسكريين.
فيما رأى مدير مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية، محمد الأسمر، أن وقف رواتب العسكريين كان عملاً مشيناً في الوقت الذي يتقاضى فيه المرتزقة والميليشيات رواتبهم التي تفوق رواتب الليبيين، وأن هذا الأمر جاء لفرض ضغط على منتسي القوات المسلحة الليبية.
وأضاف الأسمر أن هذا الإشكال تم تناوله في السابق، عام 2017، بين المؤسسة العسكرية شرقا وغربا وتم توحيد منظومة المرتبات للقضاء على تلك الازدواجية، مؤكداً أن الضغط الخارجي كان له دورا كبيرا في حلحلة الأزمة التي لم تحدث لأسباب فنية، بدليل أنه تم الإذعان والتنفيذ في وقت قصير.
ولفت إلى أن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) معنية بمسألة وقف الرواتب وهددت بوقف أعمالها إذا لم يتم صرف الرواتب، مؤكداً أن الحكومة مسؤولة عن عمل وزارة الدفاع كون الدبيبة احتفظ لنفسه بحقيبة الدفاع، ومنذ إيقاف الرواتب لم تقم الحكومة حتى الآن بإحاطة عن أسباب هذا القرار.
وتابع الأسمر أن هناك قاعدة بيانات بالتراتبيات والتقادميات العسكرية، خاصة العسكريين قبل 2011.
