أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الإثنين، إنهاء كل الإعفاءات، التي كانت منحتها لثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني.
وتأتي الخطوة الأمريكية في إطار تكثيف واشنطن حملتها على إيران، من أجل وضع حد “للنشاطات المزعزعة للاستقرار”، التي تقوم بها طهران في الشرق الأوسط، حتى ولو أدى الأمر إلى توتر مع دول حليفة.
وحسب بيان للبيت الأبيض، فإن الرئيس دونالد ترامب ينوي بذلك التأكد من أن “صادرات النفط الإيراني ستصبح صفرا”، وبالتالي “حرمان النظام من مصدر دخله الأساسي”.
غير قانونية
من جانبها، نددت إيران بالعقوبات الأمريكية الجديدة، واعتبرتها “غير قانونية”.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، “ما دامت العقوبات التي نحن في صددها غير قانونية من حيث المبدأ، فإن الجمهورية الإسلامية في إيران لم تعلق ولن تعلق أي أهمية على الإعفاءات المرتبطة بالعقوبات المزعومة، ولا تعتبر أنها تتمتع بأي صدقية”.
وأضافت الوزارة، أن إيران تواصل “بحث” هذه المسائل مع شركائها، وخصوصا الأوروبيين “في شكل دائم”.
تهديد إيراني
وبالرغم من بيان الخارجية الإيرانية الذي قال “لم تعلق ولن تعلق”، هدد قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني، الأميرال علي رضا تنكسيري، بأن طهران ستغلق مضيق هرمز حال مُنعت من استخدامه، وقال تنكسيري، في كلمة ألقاها الإثنين، “سندافع عن المياه الإيرانية حال تعرضت لأي تهديد”.
وفي رد سريع، أفادت وكالة رويترز، بأن مسؤولا رفيعا في الإدارة الأمريكية، لم تذكر اسمه، أكد أن أي خطوة من قبل إيران لإغلاق مضيق هرمز، ردا على انتهاء سريان الإعفاءات الأمريكية من العقوبات النفطية، ستكون غير مقبولة.
لم يكن التهديد الإيراني بغلق مضيق هرمز الأول، لكنه تكرر عدة مرات دون تنفيذ .
تهديد للحلفاء
وابتداء من الثاني من مايو/ أيار المقبل، على الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإيطاليا واليونان، التوقف تماما عن شراء النفط الإيراني.
ولن تكون هذه العملية سهلة على الصين، التي تجري حاليا مفاوضات تجارية حساسة مع واشنطن، ولا على الهند التي تستورد 10% من حاجاتها النفطية من إيران، مع العلم بأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة وثالث مستورد للنفط في العالم.
وبلهجة تحذيرية، قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، “في حال لم تتقيدوا فستكون هناك عقوبات”، مضيفا “نحن عازمون على تطبيق هذه العقوبات”.
وأعربت تركيا وكوريا الشمالية عن الأسف الشديد لصدور هذا الموقف الأمريكي، مع العلم بأن البلدين يعتبران من حلفاء الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، الذي تشهد علاقات بلاده أصلا توترا مع الولايات المتحدة، “لن نوافق على عقوبات من طرف واحد، ولا على قيود على طريقة إدارة علاقاتنا مع جيراننا”.
ووعدت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية بمواصلة “بذل كل ما هو ممكن للحصول على تجديد للاستثناءات”.
أما الهند، التي تعتبر من أهم مستوردي النفط الإيراني وتحتفظ بعلاقات دافئة مع واشنطن، لكنها تختلف معها على إصرارها بأن إيران تشكل تهديدا، فقالت إنها “تدرس تداعيات هذا القرار”.
وبعدما انسحبت من الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، أعادت واشنطن في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، وأرفقت إعادة فرض هذه العقوبات بتهديد الدول التي ستواصل التعامل تجاريا مع إيران بفرض عقوبات عليها.
ويعتبر منع شراء النفط الإيراني أهم بنود العقوبات الأمريكية، التي أرادتها واشنطن أن تكون “الأقسى في التاريخ”، وتقدر الإدارة الأمريكية العائدات النفطية الإيرانية بنحو 40% من إجمالي عائدات الدولة.
وكانت الولايات المتحدة وافقت على منح الدول الثمانية استثناءات لمدة 6 أشهر، باعتبار أن السوق النفطية يمكن أن تتأثر في حال تقرر بشكل فوري وقف شراء النفط الإيراني.
المنقذون
وأعلن البيت الأبيض، في بيان الإثنين، أن “الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، وهي من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، بالتعاون مع أصدقائنا وحلفائنا، ستلتزم العمل بما يتيح بقاء الأسواق النفطية العالمية مزودة بما يكفي من كميات” من النفط.
وأعقب ترامب هذا البيان بتغريدة على تويتر، وعد فيها بأن تعمل الرياض مع دول أخرى من منظمة أوبك “على القيام بما هو أكثر من تعويض” النقص في النفط المعروض للبيع لدى وقف شراء النفط من إيران.
كما أعلنت الحكومة السعودية استعدادها للعمل على بقاء السوق النفطية مستقرة، مع العلم بأن سعر برميل النفط سجل ارتفاعا فور تسرب معلومات صحفية عن وقف.
كما أعلن مسؤول عراقي، الإثنين، أن بإمكان بلاده زيادة صادراتها النفطية بربع مليون برميل يوميا لسد النقص “في حال تطلبت السوق ذلك”.
ولم يذكر المسؤول ما إذا ما كانت بلاده، ثاني منتج للنفط في أوبك، قد ناقشت مسألة زيادة الإنتاج مع المنظمة أو مع الولايات المتحدة.
لكنه أضاف أنه “خلال الأيام المقبلة، ستتضح الصورة أكثر” بالنسبة إلى العراق، الذي صدر ما يقارب 3,4 ملايين برميل يوميا في مارس/ آذار، وفقا لوزارة النفط.
وأعلنت وكالة “إس آند بي جلوبال بلاتس”، المتخصصة بالنفط، أن إيران صدرت ما معدله 1،7 مليون برميل يوميا خلال شهر مارس/ آذار، بينها 628 ألفا إلى الصين وأكثر من 357 ألفا إلى الهند.
سعر النفط يرتفع
وسجل سعر النفط أعلى مستوى له منذ 6 أشهر بعد القرار الأمريكي، وأقفل مؤشر “وست تكساس أنترميديت” لبرميل النفط، الذي سيتم تسليمه في مايو/ أيار عند 65,70 دولار بزيادة قدرها 2,7%، بينما ارتفع خام برنت في لندن بمعدل 2,9% ليصل الى 74,04 دولار.
وخطوة ترامب بتضييق الخناق على صادرات النفط الإيرانية كانت مفيدة للشركات الأمريكية، حيث ارتفعت مشتريات النفط من السوق الأمريكي بنسبة 350% بين عامي 2017 و2018.
وسارع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى الترحيب بقرار ترامب، الذي وصفه بـ”المهم جدا لتكثيف الضغوط على النظام الإرهابي الإيراني”.
الحرس الثوري
ويأتي هذا القرار الأمريكي بعد أسبوعين من وضع الحرس الثوري الإيراني على اللائحة السوداء الأمريكية “للمنظمات الإرهابية الأجنبية”.
وتعتبر واشنطن أن الهدف من حملتها هذه لتكثيف الضغوط على إيران هو وضع حد “للنشاطات المزعزعة للاستقرار”، التي تقوم بها طهران في الشرق الأوسط، خصوصا في لبنان عبر حزب الله الشيعي، وفي اليمن عبر المتمردين الحوثيين، وفي سوريا عبر دعم نظام الرئيس بشار الأسد.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عدد في مايو/ أيار 2018، 12 شرطا على إيران تلبيتها قبل التوصل إلى اتفاق جديد يؤمن رفع العقوبات عنها.
وبعد نحو عام من هذا التصريح، تعتبر واشنطن أن أيا من هذه الشروط لم يتحقق، لكن إدارة ترامب تعتبر أن إيران باتت تفتقر إلى الأموال لمواصلة دعم بعض حلفائها مثل حزب الله اللبناني.
الشبكات المالية لحزب الله
وعدت الولايات المتحدة، الإثنين، بتقديم مكافآت جديدة يمكن إن تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يقدم معلومات يمكن أن “تعرقل” عمل الشبكات المالية لحزب الله اللبناني في العالم.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها تتقصى أي معلومات حول مصادر تمويل حزب الله المدرج على لائحة الإرهاب الأمريكية والمتحالف مع إيران.
كما أوضحت أيضا أنها تسعى لكشف “الآليات الأساسية، التي يعتمدها الحزب لتسهيل حركة أمواله”، ولمعرفة “أبرز المانحين له” و”المؤسسات المالية” التي تساهم في حركة أمواله.
وجاء أيضا في بيان الخارجية الأمريكية، أن “مداخيل حزب الله تصل إلى نحو مليار دولار سنويا تتأمن عبر الدعم المالي المباشر الذي تقدمه إيران، والمبادلات والاستثمارات الدولية، وعبر شبكة من المانحين ونشاطات تبييض أموال”.