هل خسر «حزب ميركل» الانتخابات المحلية بسبب سياسات اللاجئين؟

على الرغم من أنها انتخابات محلية في 3 ولايات فقط، إلا أن ما اسفر عنه اختيارات الناخب الألماني أمس، الأحد، يعتبر مؤشرا كاستفتاء جزئي على شعبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحزبها «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، فالنتائج لم تكن مفاجئة لها وحدها، بل أيضا كانت مفاجأة بالنسبة لمراقبين كثيرين.

ظهور اليمين المتطرف متمثلا في حزب «البديل من أجل ألمانيا» لم يكن صدمة لأوروبا التي يحكمها عدد من الأنظمة اليمينية، لكن حصوله على مقاعد في الولايات الثلاث، وحلوله ثانيا في ولاية «ساكسن أنهالت»، إحدى الولايات الثلاث التي جرب فيها الانتخابات، جاء بعد موجة غضب إزاء سياسات ميركل الخاصة باللاجئين، بينما ظل حزبها في الصدارة بنسبة 30.5%، في الوقت الذي تغلب فيه مؤيدو اللاجئين وأنصار منحهم حقوقا أكبر «حزب الخضر» بنسبة 32.5% على حزبها الذي خسر كتلته المتوقعة في «بادن فورتمبرج» بنسبة 27.5%، وهي الولاية التي ظلت تؤيده على مدار 5 عقود مضت، وحلّ اليمين المتطرف ثالثا بنسبة 15% فقط.

في حواره مع «الغد»، أكد الإعلامي المصري المقيم في ألماني صلاح شرارة أن المتحكم الأول في نتائج الانتخابات كانت الشخصيات التي طرحها كل حزب في الولايات الثلاث، وربما لم يكن «الاتحاد المسيحي»، الذي تتزعمه المستشارة، موفقا في اختيار تلك الشخصية في ولايته الرئيسية «بادن فورتمبرج»، بينما عكست هزيمة جوليا كلوكنر في ولاية راينلاند بفالتس، عدم وجود كاريزما مثل ميركل، على حد تعبيره، فكلوكنر كانت تستعد لتخلف ميركل في زعامة الحزب والبلاد، قائلا: «لا يوجد على الساحة الألمانية بديل لميركل والشخصية التي تتمتع بها».

بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات المحلية، هل أصبح الحديث عن انخفاض شعبية ميركل حقيقيا؟

نتائج الانتخابات في الولايات الألمانية الثلاث ساكسن أنهالت وراينلاند بفالتس وبادن فورتمبرج، أظهرت بوضوح أن نسبة كبيرة لا يستهان بها من المواطنين الألمان غير راضية عن آداء حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، المكونة من حزبي الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي. وبالنسبة لشعبية المستشارة ميركل نفسها فإن هذه النتائج تبين انخفاضها، أما استطلاعات الرأي فأحيانا تظهر انخفاض شعبيتها وأحيانا أخرى تظهر ارتفاعها، لكن الفيصل هنا هو صناديق الاقتراع وليس استطلاعات الأراء.

كيف تقرأ اتجاهات النخبة في ألمانيا حول قضية اللاجئين التي تسببت في هزة داخل الاتحاد الأوروبي؟

هناك خلافات شديدة بين كبار السياسيين في ألمانيا حول قضية اللاجئين، فمثلا هورست زيهوفر رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في ولاية بافاريا يعارض بشدة سياسة الباب المفتوح التي تتبعها ميركل، ويطالب بوضع سقف لأعداد اللاجئين، بينما تصر ميركل على التمسك بسياستها، ويؤيدها في ذلك حزبها «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، وفي الوقت نفسه تختلف رؤية شريكهما في الائتلاف الحاكم، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في نقاط معينة في سياسة اللجوء والهجرة، بينما حزب الخضر يطالب بالمزيد من الحقوق للاجئين والمهاجرين. أما البديل لأجل ألمانيا فهو يعلن اعترافه بحق اللجوء لكن يطالب بأن يبقى اللاجئون قريبين من أوطانهم الأصلية، وأن يقدموا طلبات اللجوء في السفارات والقنصليات الألمانية هناك.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل- رويترز
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل- رويترز

اقتصاديا حققت ألمانيا أكبر فائض في الموازنة في تاريخها هذا العام على الرغم من أزمة اللاجئين.. هل كان ذلك حافزا يتحدث عنه الألمان لدعم ميركل؟

فائض الميزانية ليس حافزا كبيرا بالنسبة للألمان لانتخاب ميركل مجددا، فربما يقع عجز في حساب الميزانية المقبلة، والانتخابات البرلمانية ستكون في سبتمبر/أيلول 2017، أي بعد نحو عام ونصف العام تقريبا، وهذه فترة ربما تقع فيها أحداث كثيرة تؤثر على المشهد، ولكن في الواقع لا يوجد بديل لميركل حاليا على الساحة، فنائبها زيجمار جابريل من الحزب الاشتراكي لا يمكن أن يحل محلها وكذلك هورست زيهوفر رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي، وإذا أرادت ميركل الترشح لولاية رابعة فاعتقد أنها ستنجح في ظل غياب البديل، ولاشك أن قضية اللاجئين حاليا تقلل من شعبيتها وهناك من يطالبها صراحة بالرحيل؛ لكنها سيدة أظهرت أنها قادرة على التعلم وتصحيح أخطائها.

كيف عكست الانتخابات الحالية الشعبية الحقيقية لليمين المتطرف وحركات مناهضة للاجئين مثل حزب البديل من أجل ألمانيا والإسلام مثل بيجيدا؟

رغم أن البديل من أجل ألمانيا تأسس قبل ثلاثة أعوام فقط إلا أنه حقق مكاسب في انتخابات أمس، الأحد، أكثر مما كان هو نفسه يتوقع، وهي المرة الأولى التي يخوض فيها الانتخابات في الولايات الثلاث التي جرت فيها الانتخابات، في ولاية «ساسكن أنهالت» شرق ألمانيا، حصد أكثر من 21.5% من جملة الأصوات، ليصبح ثاني أكبر كتلة برلمانية في الولاية بعد حزب ميركل، وفي ولاية بادن فورتمبرج حصد حوالي 15% متفوقا على الحزب الاشتراكي، وفي ولاية راينلاند بفالتس حصل على أكثر من 12%، ومن وجهة نظري فإن هذه المكاسب جاءت احتجاجا من الناخبين على حزبي الائتلاف الحاكم، أكثر منها تأييدا شعبيا لليمين المتطرف في ألمانيا، ومن يتابع مواقف الأحزاب اليمينية في ألمانيا في الألفية الجديدة يرى أنها سرعان ما تفقد شعبيتها، كما أن الناخبين في ولاية «ساكسن أنهالت» متقلبون جدا، وعلينا الانتظار لنرى كيف سيحل الائتلاف الحاكم القضايا التي تسببت في صعود اليمين المتطرف، ولنرى أيضا كيف سيكون آداء نواب هذا الحزب في الولايات المختلفة، ورد فعل المواطنين على كل ذلك في الانتخابات المقبلة، سواء انتخابات الولايات أو البرلمان «البوندستاج».

هل تشبه هذه الانتخابات ما حدث في فرنسا قبيل خسارة اليمين المتطرف (الجبهة الوطنية) بقيادة مارين لوبان بعدما أثيرت موجة إعلامية ودعائية أظهرت زيادة شعبيتها وفجأة كشفت الانتخابات عكس ذلك؟

هناك تشابه واختلاف، أهم تشابه هو تحقيق اليمين الشعبوي مكاسب تدعو للقلق فعلا، عبر تخويف الناخب من الأجانب خصوصا، لكن الاختلافات كثيرة وأهمها أن الجبهة الوطنية تصدرت الانتخابات في مناطق في فرنسا، وهذا لم يحدث في ألمانيا، فأقوى انتصار لحزب البديل كان في «ساكسن أنهالت» وحل في المرتبة الثانية، وكما قلت الناخب في تلك الولاية متذبذب في اختياره، فمرة يختار «الاتحاد المسيحي»، ومرة الاشتراكيين، وهكذا، كما أن الجبهة الوطنية وزعيمتها مارين لوبان، موجودة على الساحة منذ مدة طويلة أما البديل فحديث العهد ورئيسته فراوكه بيتري، وهي شخصية غير معروفة كثيرا على مستوى المواطن العادي، علاوة على أن انتخابات فرنسا جاءت في ظل خطر حقيقي بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أما انتخابات ألمانيا فجاءت وسط مخاوف من قضية اللاجئين، وربما يظهر بعد ذلك أن هؤلاء اللاجئين مصدر إثراء وليسوا مصدر خطر على ألمانيا.

الإعلامي المصري المقيم في ألمانيا صلاح شرارة
الإعلامي المصري المقيم في ألمانيا صلاح شرارة

هل ترى أن زعامة ألمانيا للاتحاد الأوروبي تكبد خسائر داخلية أم لا في ظل تحملها لكثير من أعباء الأزمات في اليونان وأوكرانيا واللاجئين؟

الزعامة الألمانية لأوروبا خصوصا من الناحية الاقتصادية مسألة تعود بالنفع على ألمانيا، رغم ما تبذله من جهود وأموال طائلة لمواجهة الأزمات مثل ديون اليونان، والحرب في أوكرانيا وأزمة اللاجئين كما ذكرت، ألمانيا مستفيدة من الاتحاد الأوروبي اقتصاديا وسياسيا وبيئيا وثقافيا وأمنيا، وكل نقطة من هذه النقاط بحاجة إلى شروح طويلة، لكن مثلا لو أخذنا مسألة الاقتصاد، ففتح الحدود الأوروبية أمام السلع الألمانية يخلق فرص عمل ويعود بالنفع الكبير على الاقتصاد، واندماج ألمانيا في أوروبا يجعل جيرانها الغربيين يتخطون مرحلة الخوف من احتمال تكرار ما حدث في النصف الأول من القرن العشرين، وهذا بدوره يحافظ على السلام في القارة التي شهدت أعتى الحروب البشرية.

كيف قرأت ما نشرته وسائل الإعلام الألمانية المختلفة حول نتائج الانتخابات الحالية وهل ترجح شخصيا استمرار ميركل في قيادة ألمانيا؟

وسائل الإعلام رأت أن أهم مكسب في الانتخابات هو عودة المواطنين للمشاركة بكثافة في العملية الانتخابية حيث ارتفعت نسبة المشاركة هذه المرة بمقدار 10% في ولايتين من الثلاثة، وبنسبة 4% في الولاية الثالثة، مقارنة بالانتخابات الماضية في عام 2011، وطبعا تركز الحديث حول ظهور أرضية سياسية جديدة في ألمانيا بسبب حزب البديل، وأن نتائج الانتخابات كانت استفتاء على موقف ميركل تجاه اللاجئين، وأنها رسالة تحذيرية للمستشارة التي خسر حزبها مقاعده في هذه الانتخابات في ولايتين من الثلاثة، لا سيما ولاية بادن فورتمبرج، التي تعد معقلا تقليديا للاتحاد المسيحي، أما استمرار ميركل في قيادة ألمانيا فهذا شيء بديهي فهي لا تستسلم بسهولة، وتختلف عن المستشار الاشتراكي جيرهارد شرودر، الذي طرح الثقة في حكومته على البرلمان متسببا في انتخابات مبكرة، بمجرد خسارة حزبه انتخابات ولاية شمال الراين فيستفاليا، على الرغم من أنها كانت دائما في أيدي الاشتراكيين.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]