هل ولد الاتفاق الأمريكي الروسي بشأن سوريا ميتا؟

أبدى الكاتب مايكل ويس تشاؤمه من إمكانية ولادة حلّ ينهي مأساة السوريين، بناء على الاتفاق الأمريكي-الروسي الأخير، مورداً جملة أسباب نظرية وعملية لتشاؤمه. 

وأشار ويس في مقاله ضمن موقع دايلي بيست الأمريكي، إلى أنّ وزير الخارجية الأمريكي شرّع العمليات العسكرية للأسد من خلال ترسيم منطقة قتاله، بعد أن كان الأمريكيون صرّحوا سابقاً عن فقدان الأسد للشرعية، وأشار أيضا إلى ترحيب كيري بالقوات الجوية الروسية كشريك لأمريكا في حرب متصاعدة التعقيد ضد داعش والقاعدة.

ووصف ملاحظات كيري، في المؤتمر الصحفي من جنيف، بأنها تضمّنت تكرار لأسلوب الظرف الشرطي «إذاً»، ومجدداً أريد أن أؤكد «إذا نفّذت الخطّة بنيّة حسنة، يمكن عندها تأمين مرحلة انتقالية للشعب السوري»، وجاء تعليق ويس كالتالي: «باستثناء أن لا أحد يصدّق حقاً ذلك».

ووفقاً لروبرت فورد، السفير الأمريكي السابق إلى دمشق، والذي استقال من وزارة خارجية كيري لاشمئزازه من سياسة إدارة أوباما السورية، سيخفّف انخفاض الأعمال العدائية إذا استمرّ، من المعاناة الإنسانية، «وهذا أمر جيد»، لكنّ فورد، وفي حديثه مع الدايلي بيست، أوضح أن لا طريق مرئية لاتفاق سياسي يمكن أن يحلّ بطريقة مستدامة الأسباب الجذرية للأزمة السورية،

ومن جهته، أضاف ويس، أنه مهما يكن من أمور إيجابية في هذا الاتفاق، إلا أنه يبقى من غير المؤكد أن تجد طريقها إلى التنفيذ.

وعن تأكيد كيري أنّ نظام الأسد سيُمنع من تحليق طائراته العسكرية «في أيّ مكان توجد فيه المعارضة داخل مساحة اتفقنا عليها»، رأى ويس أنّ كيري لم يحدّد ماهية المعارضة السورية الكبيرة والمتنوعة فكرياً. وحين شدّد كيري على وجوب أن تبعد أي قوات معارضة «شرعية» نفسها، بأي طريقة ممكنة عن النصرة وداعش للحفاظ على شرعيّتها، لفت ويس إلى أن هذا الأمر «حتى أذكى القنابل الذكية لا يرجّح لها أن تسهله». مؤلّف كتاب «الجهاد السوري» تشارلز ليستر قال للدايلي بيست إن النصرة ستفعل الآن كلّ ما بوسعها لإقناع فصائل المعارضة بأنّ محاولة الفصل هذه هي مؤامرة لتقويض الثورة لأن لا برهان سابقاً على أنّ النظام سيتقيّد بالفصل ما بين المتطرّفين والمعارضة المعتدلة. 

أمّا عن السماح للأسد بضرب النصرة في مناطق معينة، بطريقة سابقة لأي موافقة أمريكي إذا كانت هنالك “تهديدات وشيكة”، فيكتب ويس أن هذا الأمر يغيّب أيّ إمكانية لحصول هذه الموافقة. وتساءل عن جدوى إيقاف دمشق وموسكو عن إيجاد «تهديدات وشيكة» في جميع الأمكنة ضدّ أفرقاء، تصرّان على أنّها نصرة أو تابعة للنصرة قبل موافقة واشنطن.

ويذكّر هنا ويس بأنّ الأسد إدّعى على مدى ستّ سنوات بأنّ نظامه يحارب حصراً القاعدة، فيما أصرّ بوتين منذ سبتمبر (أيلول) على أنه كان يستهدف داعش بطريقة رئيسية، «ضدّ كل الأدلّة الحسية وتقييم البنتاجون المعاكس». 

وتطرّق ويس إلى خطأ كيري حين قال إن طريق الكاستيلو مقطوعة من الطرفين، لأنّ الواقع يشير إلى أن ثلاثة أطراف، هي التي تتنازع تلك الطريق وهي قوات النظام، الثوار السوريون ووحدات حماية الشعب الكردية، فجميع هذه الأطراف حاربت بعضها عند لحظات معينة وسيطلب منها الآن التوقف عن ذلك في ما وصفه كيري بأنه «منطقة منزوعة السلاح»، كما سيتوجب على النظام والمعارضة تأمين وصول المساعدات الإنسانية والتجارية عبر الراموسة إلى شرق وغرب حلب، بطريقة آمنة ومستدامة وخالية من أيّ عوائق.

وبعد كلّ ذلك، يتوقّع ويس أن يكون دفع عناصر الجيش الحرّ المدعومة أمريكياً وعشرات الفصائل الإسلامية غير المعينة إلى التخلص من أيّ علاقة بتنظيم القاعدة وعدم إطلاق طلقة واحدة في 12 سبتمبر أو بعده، من دون موافقة أمريكية مسبقة، الجزء الأسهل من ديبلوماسية كيري التي يصفها الكاتب بأنها منفصلة عن الواقع. ثمّ أضاف خاتماً أن لا ضمانة في كون بوتين والأسد يقدران، حتى ولو أرادا ذلك، أن يلتزما بموجباتهما في الصفقة.