في 13 أبريل/نيسان من عام 2017 أعلن البنتاجون الأمريكي أنه ألقى أكبر قنبلة في العالم، على أماكن لتجمعات تابعة لتنظيم داعش في أفغانستان، وأطلق عليها مسمى “أم القنابل”.
وذكرت القوات الأمريكية في أفغانستان أن قنبلة “جي بي يو-43/بي” القوية جداً استهدفت “شبكة أنفاق” في منطقة أشين في ولاية ننجرهار، وأشار المتحدث باسم البنتاجون آدام ستومب إلى أنها المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه القنبلة، وألقيت من طائرة نقل أم-سي 130 ويبلغ ثمنها 16 مليون دولار كما يبلغ وزنها 10000 كجم .
كان الهدف الرئيس لهذه القنبلة هو القضاء على “ولاية خراسان”، كما أفاد قائد القوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال جون نيكولسون الذي أكد أن التنظيم تفاقمت خسائره بسبب القنبلة وقد لجأوا إلى التحصينات والأنفاق لتعزيز دفاعاتهم.
ربما التكلفة العالية التي صرفتها أمريكا على قنبلتها لتقضي على ” تنظيم خراسان” يؤكد مدى الخطر الذي يمثله هذا الكيان في أفغانستان وخارجها.
في يناير/ كانون الثاني 2015 ظهر تنظيم خراسان كفرع من داعش في أفغانستان والحدود الباكستانية، وظهر حافظ سعيد خان أوركزاي كأول أمير له، في ظل حالة التراخي والخلافات التي بدأت تدب في أوصال حركة طالبان.
تشكل التنظيم الجديد من عدد من المنشقين عن حركة طالبان والمختلفون فكرياً عنها، لاسيما بعد التدخل الأمريكي في أفغانستان وحدوث حالة من الهرج داخل الدولة التي كانت تحكمها الحركة، ووجدت العناصر العناصر المتشددة في ذلك فرصة بسبب اقتناعها بأن هناك تهاون في المسائل الشرعية من حولهم.
وانطلق بيان التنظيم أبو عمر شيخ مقبول الذي كان يعرف باسم “شاهد الله شاهد” والذي كان يشغل سابقاً منصب الناطق باسم حركة طالبان باكستان ثم أصبح من الناطقين باسم ولاية خراسان، وقُتل 9 من يوليو/تموز 2015 بطائرة أمريكية بدون طيار، ووصف التنظيم نفسه في البيان الأول بأنه ” مجموعات بايعت حافظ سعيد خان بعد مشاورات مطوّلة وهناك مجموعات أخرى أرسلت موافقتها على مبايعة حافظ سعيد خان، إلا أنها لم تتمكن من الحضور لأسباب أمنية أو لمشاكل أخرى”.
وعقب إعلان خراسان تكوين ولايتها ومبايعة خان ومن قبلة أبو بكر البغدادي، خرج المتحدث الإعلامي السابق لداعش أبو محمد العدناني، ليعلن ظهور ولاية خراسان، وان البغدادي اختار سعيد خان أميراً عليهم و عبد الرؤوف خادم المكني بأبي طلحة نائباً له والذي قتل فيما في 11 فبراير/شباط 2015 بطائرة أمريكية بدون طيار.
امتدت ولاية خراسان في العديد من الدول المجاورة وتوسعت بشكل ملفت للنظر في العديد من الدول مثل إيران وأوزبكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وربما هذا ما يثير القلق لتهديد الكيان أكثر من دولة في آن واحد.
البحث عن الإمارة والمنصب قد يكون هو الدافع وراء ظهور تنظيم خراسان، فعقب مقتل حكيم الله محسود أمير حركة طالبان باكستان في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار، دب الخلاف بين نوابه الثلاث المولوي فضل الله الزعيم، وسيد خان سجنا، وحافظ سعيد خان أوركزاي، واستقر الأمر على اختيار فضل الله ليتولي مسؤلية الحركة، الأمر الذي بدوره لم ينال رضا سعيد خان الذي انشق بمجموعته ومجموعات أخرى في مناطق مختلفة.
وظهر خان في أول تسجيل صوتي له عقب مبايعته للبغدادي قال فيه ” كنا نعمل منفردين في غياب كيان الخلافة من أجل إيجاده لكن مع قيام الخلافة ووجود الخليفة – بحسب وصفه- يجب على الجميع مبايعتة ، ولا يجوز بعد اليوم أن يستمر وجود هذه “المنظمات الجهادية” في المنطقة، وعليها أن تقدِّم البيعة والولاء لولاية خراسان”.
مع بروز التنظيم سارع بالانضمام إليه العديد من رموز التيار السلفي الجهادي، وكبار قادته أمثال “أمين الله البيشاوري” الذي قام بدور كبير في الدعوة للتنظيم، وكذلك “عبد الرحيم مسلم دوست” الذي كان من أوائل من بايع البغداي، كذلك انضم عدد كبير من “جماعة إشاعة التوحيد”، ذات الفكر المتشدد، ون ثم تجمع في التنظيم الجديد الذي نشأ معظم أصحاب الأفكار المتشددة الذيت ساهموا في توجيه دفة الكيان.
وصب هذا الكيان جام غضبه على الحكومة الأفغانية متهماً إياها بالكفر والردة، كذلك اعتبر طالبان والقاعدة مرتكبين لنواقض الإيمان وأفرادهم مرتكبون للشرك الأكبر المخرج من الملة وتحدثوا كثيرا عما أسموه ضلالات حركة طالبان، وعمالتهم للمخابرات الباكستانية، ووصل الأمر إلي قتال حركة طالبان في أماكن عدة في أفغانستان.
ويتمثل الخطر الأكبر في هذا التنظيم من كونه قبلة لمعظم العناصر الجديد القادمة من دول آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا، ومن ثم فقد أكدت المخابرات المركزية الأمريكية أن تنظيم خراسان هو أشد شراسة وفتكا من داعش، ففي القوت الذي ينشغل فيه البعض بداعش، ينمو تنظيم خراسان ويكبر في حالة من الصمت و الهدوء، لاسيما وهو مزيج من أشد العنصار فتكاً وخبرة ودراية بفنون القتال و صنع القنابل، حيث جمع بين عناصر منشقون عن تنظيم القاعدة و طالبان بما لديهم من خبرات طويلة في القتال وفنون الحرب، الأمر الذي بدوره يجعل خراسان هو الكيان الذي قد يحل محل داعش في حال سقوطها.