تترقب الدوائر السياسية في الغرب، تطورات موجة الاحتجاجات المتصاعدة في إيران، في ظل الرهان الأمريكي والمعارضة الإيرانية في الخارج، على سقوط «نظام الملالي».. بينما دعا سياسيون ومسؤولون في واشنطن، إلى تغيير النظام في إيران، واعتبروا أن إمكانية تحقيق ذلك باتت اليوم أقرب من أي وقت مضى، بعد موجة اضرابات وتظاهرات شهدتها الجمهورية الإسلامية.. وقال نيوت غينغريتش، الرئيس الأسبق لمجلس النواب الأمريكي، ورودي جولياني، الرئيس السابق لبلدية نيويورك، «إن الحرية على قاب قوسين أو أدنى» في إشارة الى التظاهرات الأخيرة التي شهدتها إيران، وفي خطوة وصفت بأنها نادرة، أضرب تجار البازار في طهران ـ أكبر سوق من نوعه في العالم ، وكانت «بازار طهران» ظهرت منذ أكثر من 400 عام ، وتقع في القسم الجنوبي للعاصمة الإيرانية طهران ـ بعد ورود تقارير تفيد بحصول تظاهرات في عدة مدن إيرانية.
- والرمزية في احتجاجات واضراب «بازار طهران» أنه يشكل العصب الرئيسي للاقتصاد الإيراني برمزيته، وكونه عجل في إضرابه الشهير في سقوط نظام الشاه عام 1979.
وتأتي تصريحات «نيوت غينغريتش، ورودي جولياني»، بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، هذا الأسبوع، دعمه للإيرانيين الذين يتظاهرون ضد حكومتهم احتجاجا على الأزمات الاقتصادية ولا سيما انهيار قيمة العملة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وخسر الريال نحو 50% من قيمته في ستة أشهر، وسجلت البطالة أعلى معدلاتها في وقت يعاني ثلث الشباب ممن هم دون الثلاثين من العمر من انعدام فرص العمل.
والاحتجاجات الأخيرة في إيران، جاءت في أعقاب عشرات التظاهرات التي شهدتها إيران منذ مطلع 2018 وأسفرت عن مقتل 25 شخصا، مما يعد مؤشرا ـ بحسب تقارير استخبارية أمريكية ـ على تصدع كيان النظام الحاكم في إيران، والذي أوشك على السقوط، وهو ما يتسق مع توقعات، مريم رجوي،رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والتي التقت « رودي جولياني»، المستشار القانوني للرئيس الأمريكي، يوم الجمعة الماضي، قبيل عقد مؤتمر المعارضة السنوي، السبت، في باريس، وجرى خلال اللقاء التباحث حول آخر التطورات داخل المشهد الإيراني، منها توسع الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الإيراني في العاصمة طهران ومختلف المدن الإيرانية.. وقالت «رجوي» إن تغيير النظام الإيراني في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى، وإن هذا ممكن فقط على أيدي الشعب، وأيدي المقاومة الإيرانية.
- وتؤكد « رجوي»، أن النظام الإيراني «يعيش أضعف حالاته، وسيتم القضاء على استبداد خامنئي»، في إشارة إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.. وأوضحت أن أوّل ما سيقوم به «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» بعد سقوط النظام، هو عقد انتخابات بالبلاد، مشيرة إلى ضرورة تشكيل بديل سياسي من أجل إسقاط النظام الإيراني.
- وإذا كانت المعارضة الإيرانية في الخارج، دعت إلى «توسيع رقعة الانتفاضة داخل إيران من أجل إسقاط النظام» .. فإن الإدارة الأمريكية، ترى أن الحديث عن أن «نظام الملالي في الطريق للسقوط أمر واقعي».
وفي مواجهة الرهان الأمريكي، بسقوط النظام الإيراني، اعتمادا على مؤشرات الاحتجاجات الشعبية والأزمات المعيشية، والضائقة الاقتصادية.. يصف أنصار نظام الجمهورية الإسلامية، الاحتجاجات الأخيرة في طهران بسحابة صيف ستنقشع كسابقاتها.. وبعضهم وصفها بـ«مطر صيف» وأنها لن تؤثر على أصل النظام، ولن تكون سبباً في إسقاطه وتغييره من الداخل.
- ويستبعد مراقبون في طهران، سقوط النظام الإيراني، تحت ضغط موجات الاحتجاجات، ولكنها قد تطيح بالرئيس حسن روحاني الذي رد على المطالبات بتنحيته، وقال إنه سيصمد أمام الضغوط الداخلية والخارجية ولن يستقيل، داعياً وهو ينتقد خصومه الذين يضعون العصي في عجلة الحكومة، إلى تعاون جدي بين السلطات الثلاث وباقي مؤسسات النظام لإيجاد حلول سريعة وعاجلة لأزمة انهيار الريال الإيراني، بينما المرشد علي خامنئي كعادته يمسك بالعصا من وسطها، وأعلن أنه يؤيد عزم السلطة القضائية التعامل مع الأزمة بحزم أمني وإنزال عقوبات تصل للإعدام بالمتلاعبين بسوق المال واعتبارهم مفسدين في الأرض، لكنه اشترط أن يجري ذلك بالتزامن مع توضيح ذلك للشعب.. وخاصة وأن غالبية الشعب الإيراني،لا يثقون كثيراً بقرارات القضاء ويتهمونه بالانحياز إلى جانب المتشددين المحافظين وجهات مستفيدة من الفساد الاقتصادي.
صراع الأجنحة
مؤشرات الرهان الأمريكي والمعارضة الإيرانية على سقوط « نظام الملالي»، لا تتفق مع مؤشرات كانت واضحاة منذ اندلاع الاحتجاجات، بأن مشكلة إيران داخلية أكثر منها خارجية، وأن قوى من داخل النظام نفسه قادرة على تحريك الشارع واستخدامه ورقة في (صراع الأجنحة)، ما يمنح ذلك الخارج (الولايات المتحدة وإسرائيل والمعارضة المطالبة بإسقاط النظام) مبررات للتدخل لتبدو وكأنها مؤثرة.
- وتشير الدوائر السياسية في طهران، إلى أن احتجاج «بازار طهران» يأتي في سياق واحد ويتحرك على إيقاع واحد وهو إزاحة «روحاني» عبر استيضاحه من قبل البرلمان وإسقاط كفاءته السياسية.. ورفع عدد من أعضاء البرلمان مذكرة طالبت بتحريك ملف مساءلة روحاني إذا لم يقدم خطة طوارئ في غضون أسبوعين، مع ملاحظة أن البرلمان الذي يريد محاسبة الرئيس هو نفسه الذي مرر قانون الموازنة بكل إخفاقاتها الحالية، وصادق على أعضاء الحكومة التي يطالب الآن بتغييرها..وانضم عدد من داعمي الإصلاح إلى المطالبات برحيل روحاني أو على الأقل أن يلجأ إلى تعديلات أساسية في الحكومة بإقصاء من لا يتفق مع برنامجه السياسي والاقتصادي.
وفي هذا السياق دعا المفاوض الإيراني الأسبق في الملف النووي حسين موسويان، حكومة الرئيس روحاني للاستقالة، بينما رد وزير الخارجية محمد جواد ظريف بنبرة غير مسبوقة مدافعاً عن الرئيس روحاني، وقال : «لا تتصوروا أن رحيل روحاني يعني نجاح المحافظين، البعض يعتقد أن سقوط الجمهورية الإسلامية سيأتي به للحكم. نحن في إيران محافظ وإصلاحي أو محايد ومعارض كلنا في سفينة واحدة فالهدف ليس النظام أو حكومة روحاني الهدف هو إيران».
