هواجس حرب عالمية ثالثة: «وارسو الجديد».. مناورة رمزية أم احتواء وردع؟

احتلت نتائج قمة قادة دول الحلف الأطلسي، في وارسو أمس السبت، صدارة اهتمامات ورصد الدوائر السياسية والعسكرية، في موسكو، وبدرجة أكبر بالطبع من الدوائر الغربية، التي وصفتها بأنها قمة مفصلية، والأكثر أهمية منذ تأسيس الحلف عام 1949، لوضع  تدابير طموحة للتصدي لأخطار تهدد أمن أوروبا في عالم «متغيّر»، بما في ذلك «عدوانية» روسيا شرق القارة، والتطرف الديني الذي يهدد مصير دول حليفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

1019479811

ورغم تأكيد  الحلف أنه «لا يسعى إلى مواجهة» مع موسكو، إلا أن  بعض وسائل الإعلام الغربية، أطلقت على هذه القمة صفة التاريخية، كونها حددت كيفية تعامل الحلف مع ما يُسمى بـ «الطموحات التوسعية والعدوانية» لروسيا، وهو ما يتوافق مع المؤشرات المعلنة، من بينها حرص حلف الأطلسي على اتخاذ إجراءات تطمئن بولندا ودول البلطيق الخائفة من تمدّد أذرع الكرملين، بما في ذلك نشر وحدات عسكرية. كما سعت بريطانيا إلى تبديد شكوك في شأن دورها في «الأطلسي» بعد خروجها المرتقب من الاتحاد الأوروبي، وكان لافتاً توقيع قادة الحلف ودول الاتحاد «اتفاقاً تاريخياً» يعزّز تعاونها الدفاعي لمواجهة تحديات مشتركة..  وفي خطوة وصفت بأنها مناورة رمزية،  استهلّ «الأطلسي» القمة، بتشغيل مبدئي للدرع  الصاروخية التي نشرتها الولايات المتحدة في أوروبا.

1014974255

خبراء روس، كشفوا عن عدد من الرموز ذات الدلالة والمغزى، من بينها أن هذه القمة تُعقد في العاصمة البولندية التي تأسس فيها «حلف وارسو» بقيادة الاتحاد السوفياتي في العام 1955، كردّ على إنشاء حلف “الناتو” في العام 1949 ، وأن هذه القمة عقدت تحديداً في شهر يوليو / تموز، وهو الشهر نفسه الذي شهد حل «حلف وارسو» رسمياً في العام 1991  وعقدت على بعد ساعتي طيران من الكرملين، بمسافة نحو 800 كيلومتر من الحدود الروسية .. وبعيدا عن الرمزية، فإن هذه القمة (سياقها، قراراتها، موقعها)  تجعلها بالفعل قمة الاستفزاز لموسكو.. بينما تتحدث وسائل الإعلام الروسية عن قمة وارسو كمقدمة لــ «حرب عالمية ثالثة»، طالما سيُمثل «احتواء وردع» روسيا أحد أهم الموضوعات على بساط البحث فيها.

 

6555

ويشير خبراء عسكريون في موسكو، إلى  أن  وزراء دفاع الحلف وافقوا في شهر فبراير / شباط الماضي على تسريع تنفيذ خُطة تسمى «الدفاع في القرن الحادي والعشرين»، تهدف إلى ردع روسيا نتيجة لسلوكها في أوكرانيا وضمها للقرم وزعزعتها لنظام الأمن الأوروبي، وذلك بحسب صقور حلف «الناتو»، ومن الواضح أن قمة وارسو أقرت هذه الخطة، وما تتضمنه من إنشاء مقار قيادة وترسانات جديدة للأسلحة في أوروبا الشرقية ومرابطة وحدات عسكرية أميركية أكبر في القارة الأوروبية، بهدف الضغط على موسكو، مع استبعاد مواجهة واسعة النطاق معها.

3048456560243591508
وتستند هذه الخطة إلى قلق دول أوروبا الشرقية الأعضاء في الحلف مما تطلق عليه «الغزو الروسي» المحتمل بعد أحداث أوكرانيا والقرم وسوريا.. وفي إطار مخططات «الناتو» لردع الروس، ناقشت القمة نشر أربع كتائب عسكرية للحلف في أوروبا الشرقية، لتعزيز وجود «الناتو» في بولندا وجمهوريات البلطيق، لاتفيا وليتوانيا واستونيا، وذلك على مقربة من الحدود الروسية. وسيصل تعداد هذه الكتائب الأربع في هذه البلدان نحو 4 آلاف عسكري، وستكون تحت قيادة الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وكندا. وكانت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» قد أعلنت في نهاية 2015 عن تخصيص 3.4 مليارات دولار لنشر لواء إضافي وأسلحة وآليات حربية للولايات المتحدة بالقرب من حدود بولندا مع مقاطعة كالينينغراد الروسية.

246517

صور عديدة كانت أكثر من رمزية داخل المشهد، ولم تغب بالطبع عن رصد وتحليل الدوائر السياسية والعسكرية في موسكو .. بداية من الطاولة المستديرة داخل صالة ديكورها متقشف مثل صالات إدارة الحروب ،  تتوسطها النجمة الرباعية الدالة على الردع من كل الجهات، وجلس حول الطاولة  29 دولة، الأعضاء في حلف الناتو، مع دولة الجبل الأسود التي باتت في حكم المنضمة.. قبل كلمة الافتتاح، أشار الأمين العام للأطلسي، يانس شتولتنبرغ، بيده إشارة عسكرية “حادة” ، فدخل ضباط يحملون الأعلام على وقع قرع الطبول العسكرية، ملتفين داخل الدائرة لأداء تحية التبجيل والعرفان لجنود تحالف يشمل نطاق دفاعه المشترك «نحو مليار شخص»، كما شدد أمينه العام!

المشهد الثاني، بعد انتهاء مداولات  وكلمات قادة «الناتو» الافتتاحية، انتقلوا  انتقل إلى صالة أخرى، وجلسوا يتناولون الطعام في الصالة نفسها التي وقع فيها قادة ثماني دول، يتقدمهم الاتحاد السوفياتي، ميثاق حلف وارسو في 14 مايو / أيار العام 1955 بعد أيام من إطلاق عملية دمج المانيا الغربية في الحلف الأطلسي، نفس الصالة، ونفس الطاولة، ولم تكن مصادفة بالطبع، بحسب تعبير الجنرال الروسي فلاديمير سولفجين.

988_pg

في ضوء هذه اللوحة المُعقدة.. يبدو أن قمة وارسو، أرست «معادلة توازن قوى» جديدة، ودشنت مرحلة جديدة أيضا، في مواجهة  روسيا الاتحادية “خليفة الاتحاد السوفيتي” ، بالخطط الرامية لاحتواء وردع روسيا، مما يهدد بمزيد من التوتر، والمزيد من المناوشات. فالأمر، هنا، يتعلّق بمنافسة أو صراع على مناطق النفوذ في أوروبا وخارجها. ويُنتظر أن يظل الوضع في حدود المناوشات بين الجانبين ولا يصل إلى «حرب عالمية ثالثة»، طالما ظل الطرفان يعملان على تفادي المواجهة. ولذلك نجد كلاً من الحلف وموسكو يوافقان على عقد اجتماع جديد لمجلس «روسيا ــ الناتو» في الثالث عشر من  يوليو / تموز الجاري.

54d5e4ae601e9b9f298b45e6

لكن اجتماعاً مشابهاً كان قد عُقد في شهر إبريل / نيسان الماضي من دون تحقيق نتائج لتخفيف حدة التوتر بينهما، ولذلك تعكف موسكو على بحث ودراسة  نتائج قمة وارسو حتى تتمكن من تحديد خطواتها المقبلة للردّ على خطط الحلف.. وإن كانت قد بادرت ، أمس السبت، بالكشف عن تسلم جيش الدبابات الروسي الأول،  منظومة دفاع صاروخي فريدة من نوعها تؤمن حماية القوات البرية وتتيح لها مواصلة الزحف على العدو دون أن يعيقها في سيرها أي قصف جوي معاد.. المنظومة الصاروخية  الجديدة “تور-MY2 لا مثيل لها في العالم ، بحسب إعلان وزارة الدفاع الروسية، ومخصصة لحماية القوات البرية من الهجوم الجوي متوسط المدى لتمثل بذلك جدارا منيعا إضافيا بعد المنظومات الصاروخية المضادة للأهداف الجوية البعيدة والبالستية في وجه أي ضربة صاروخية أو جوية قد يوجهها العدو المفترض للقوات البرية الروسية.

 

ومع استبعاد هواجس «الحرب العالمية الثالثة»،  تبقى هواجس عودة «الحرب الباردة» قائمة ، وبصورة أكثر توترا، في ظل مخطط  أو مناورات «الاحتواء والردع».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]