هولاند: منع فوز لوبان برئاسة فرنسا «مهمتي الأساسية»

نظم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أمس الأحد، أول تجمع له، في محاولة منه لاستقطاب الناخبين من الطبقة العاملة فيما رآه معارضون سياسيون بداية السباق لخلافة الرئيس إيمانويل ماكرون.

ويمنع الدستور ماكرون من الترشح لولاية ثالثة فيما يستعد المرشحون المحتملون من معسكر يمين الوسط، ومن بينهم دارمانان ورئيس الوزراء السابق إدوار فيليب ووزير المالية برونو لو مير، أقدم أعضاء حكومة ماكرون، طموحه لخلافاته في خوض انتخابات 2027.

ولم يعطٍ ماكرون أي تلميح علني إلى المرشّح الذي يفضله، لكنه شدد في يوليو/تموز على ضرورة «استكمال ما قمنا به»، مقرّا بأن فيليب هو من القادرين على تولي المهمة من بعده.

وبحسب وكالة رويترز يبدي دارمانان على نحو متزايد تطلعه إلى الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وكان ينتمي لتيار المحافظين في السابق ومعروف عنه أنه شديد اللهجة ويتولى حاليا مهمة الحفاظ على النظام في بلد يشهد احتجاجات متكررة.

دارمانان جمع أمس الأحد، نحو 100 من المشرعين و12 وزيرا في دائرته الانتخابية في توركوا، وهي بلدة تسكنها الطبقة العاملة في شمال فرنسا.

وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، منتصف الشهر الجاري، وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بدأ حملته بجسّ النبض لخوض الانتخابات الرئاسية في العام 2027 لخلافة إيمانويل ماكرون، بتحذيره من أن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن قادرة على بلوغ الإليزيه في حال واجهت خصما غير مناسب.

ومن المتوقع حين يعود السياسيون الفرنسيون من إجازتهم الصيفية في وقت لاحق من أغسطس /آب يتوقع أن تهيمن على النقاشات، المناورات التمهيدية للانتخابات التي ستطوي معها عهد ماكرون الذي بدأ في العام 2017.

دارمانا يسد الطريق أمام زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان

يسعى دارمانان، ابن عامل النظافة السابق المنحدر من أصل جزائري، إلى استمالة الناخبين من الطبقة العاملة إذ يقول:«  إنهم يشعرون بأنهم محتقرون وقد يأتون بزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى السلطة في عام 2027 إذا فشلت الحكومة في الاستماع إلى مخاوفهم».

وقال دارمانان في توركوا :« سواء كان ذلك صحيحا أم خطأ، فإن الطبقات العاملة في بلادنا لا تشعر بأنها تحظى بالاهتمام والتمثيل الجيد. أفرادها يشعرون بأنهم لا يعنون الكثير وأنهم هدف للسخرية بل وللازدراء في بعض الأحيان». مضيفا «يجب أن يحرص السياسي على الاستماع».

وقال في تصريحات لصحيفة لوفيغارو الفرنسية «لم يعد النظر إلى ما جرى في 2017 و2022 يثير اهتمامي. ما يقلقني الآن هو ما سيحصل في 2027».

وحذّر من «وضع مستقبلنا» بين يدي التكنوقراط، وأضاف «علينا التحدث من القلب إلى القلب لا عبر الإحصاءات»، محذّرا من أنه بحال تقدّم مرشح غير مناسب «سيتمّ انتخاب مارين لوبن» رئيسة للجمهورية.

دارمان يعترف بنيته للترشح

اعترف دارمانان بوجود تكهنات حول ترشحه للرئاسة لخلافة ماكرون، لكنه لم يصل إلى حد الإعلان رسميا عن تلك الخطوة، لكن مبادرة الرجل البالغ من العمر 40 عاما أثارت حفيظة بعض المقربين من ماكرون.

وقال ستيفان سيجورني كبير المستشارين السياسيين السابق لماكرون، وهو الآن عضو في البرلمان الأوروبي، في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان الأسبوع الماضي «الأفكار يجب أن تأتي قبل الأشخاص»، وذلك لدى سؤاله عن دارمانان. وأضاف أنه من السابق لأوانه اختيار المرشحين لخلافة ماكرون.

وقال زعيم اليسار المتطرف جان لوك ميلونشون على منصة إكس «في توركوا، بدأ عصر ما بعد ماكرون».

لكن ماكرون نفسه لم يعلن بعد الخليفة المفضل له.

وكلف دارمانان تحديدا بجمع التأييد اللازم في مجلس النواب لإقرار مشروع قانون طال انتظاره للحد من الهجرة غير الشرعية.

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان يقف خلف الرئيس إيمانويل ماكرون في 24 تموز/يوليو 2023 © لودوفيك ماران / أ ف ب/أرشيفية

فرص دارمانان

على رغم أنه لم يتجاوز الأربعين، بنى دارمانان حيثية وازنة في فرنسا، معوّلا على مواقف مثيرة للجدل وحيوية لا تعرف الكلل، في أسلوب يذكّر بمرشده السياسي نيكولا ساركوزي، اليميني الذي حكم الإليزيه بين 2007 و2012 بعدما شغل منصب وزير الداخلية.

وكان دارمانان المحسوب على يمين التكتل الحاكم بزعامة ماكرون، في واجهة الأزمات والتحديات الرئيسية التي واجهتها فرنسا منذ تعيينه وزيرا للداخلية في العام 2020.

تحدّى مرارا لندن على خلفية سياستها للهجرة، ووضع جانبا الانتقادات التي وجّهت إليه على خلفية الفوضى خلال نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم 2022 في باريس.

دافع الوزير الذي بات يُلقّب بـ«الشرطي الأول» في فرنسا، بلا هوادة عن الشرطة في مواجهة اتهامها بالعنصرية الممنهجة والعنف، خصوصا في مطلع صيف 2023 مع اندلاع احتجاجات واسعة النطاق وأعمال شغب على خلفية مقتل شاب برصاص شرطي خلال تدقيق مروري.

وعلى رغم تبقّي ثلاثة أعوام ونصف عام على الانتخابات الرئاسية، يكتسب هذا الموعد من الآن أهمية كبيرة، ويتوقع أن يدفع إلى إطلاق مناورات سياسية بشكل مبكر لأن العديد من المحللين يرون في اقتراع 2027 الفرصة الأمثل لليمين المتطرف للفوز بالسلطة.

من هو دارمانان؟

بحسب وكالة الأنباء الفرنسية فقد ولد دارمانان لأب كان يملك حانة وأم عملت في مجال التنظيف في المصرف المركزي الفرنسي.

في 2020، أصبح أصغر وزير للداخلية في فرنسا، وتولى المنصب الذي ساهم في تعزيز حظوظ ساركوزي لدخول الإليزيه.

شاب الصعود السريع لنجمه شكوى ضده في 2017 من امرأة اتهمته باغتصابها في 2009. نفى دارمانان التهمة، وأسقطت محكمة في باريس القضية في 2022، لكن الشاكية استأنفت هذا القرار.

يعتمد دارمانان أسلوبا واضحا وسلسا عزّز أداءه أمام الإعلام، على رغم أن أسلوبه في اسكات منتقديه أحيانا يثير الامتعاض حتى في أوساط حلفائه.

لا تزال تربطه بساركوزي علاقة وثيقة.

وأكد مصدر مقرب منه أن وزير الداخلية زار الرئيس السابق وزوجته كارلا بروني في مقر إجازتهما الصيفية المطل على البحر المتوسط في يوليو/تموز الماضي.

اعترف الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، أنه كان يستغل المناسبات العامة لتوثيق علاقته بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وأضاف هولاند خلال فيلم وثائقي بعنوان “بوتين ضد الغرب”، بثته قناة  BBC، قائلا: “خلال اجتماع النورماندي عام 2014، أحضر بوتين معه زجاجة فودكا كبادرة حسن نية، اعتقدت حينها أن هذه المبادرة جديرة بالثناء، حتى لو لم أشرب الفودكا، وقد أظهرت هذه المبادرة رغبته في فرض نفسه”.

تجدر الإشارة إلى أن بوتين، لا يشرب الفودكا.

وتابع هولاند: “لم يرغب بوتين بمصافحة الرئيس الأوكراني السابق، بيترو بوروشينكو، أمام الجميع، وكان يعتقد أنه سيكون من الأفضل لهما أن يلتقيا وجها لوجه في غرفة مغلقة، بعيدا عن الأنظار”.

واختتم هولاند قائلا: “كان من المهم بالنسبة لي فتح باب للحوار بين بوتين والرئيس الأوكراني الجديد، لمنع نشوب حرب بين البلدين”.

ومن جانبه، أفاد الرئيس الأوكراني السابق، بوروشينكو، في سياق الفيلم، بأن بوتين لم يكن راغبا باللقاء معه، إلا أن هولاند أخذه من يده نحو اجتماع لم يتجاوز الـ 20 دقيقة.

كذلك أوضح أفاد المستشار الأمني، جاك أوديبرت، ​​لهولاند بأن فرنسا استغلت زيارة بوتين لباريس، لتنظيم لقاء بينه وبين نظيره الأوكراني حينها، مشيرا إلى أن العلاقات بين موسكو وكييف كانت متوترة، نتيجة عدم اعتراف بوتين بنتائج الانتخابات الأوكرانية، منذ الانقلاب على الديمقراطية في أوكرانيا عام 2014.

اختار حزب “التجمع الوطني القومي” اليميني في فرنسا، جوردان بارديلا، زعيما جديدا بعد استقالة مارين لوبان من المنصب.

واستقالت لوبان، زعيمة الحزب منذ سنوات، من منصبها بشكل مؤقت، قبل عام من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي خسرتها أمام إيمانويل ماكرون.

ويعد تولي بارديلا سابقة في تاريخ الحزب الذي تأسس منذ 50 عاماً، بعد ابتعاد أسرة لوبان عن القيادة.

وأفادت مراسلتنا من باريس بأن بارديلا لم يكن معروفاً في عالم السياسة خلال السنوات الماضية، لافته إلى أنه يبلغ من العمر 27 عاما، ما يكشف عن توجه الحزب اليميني إلى الوجوه الشابة من أجل استقطاب الشباب الفرنسي.

ورغم أن بارديلا من أصول إيطالية، إلا أن لديه مواقف تتماشي مع “التجمع الوطني القومي” ضد قضايا مثل الهجرة واللجوء، وملفات أخرى حساسة في السياسة الفرنسية.

وأضافت أن هناك توجها غربيا أوروبيا لاستقطاب الفئات الشابة، مشيرة إلى بارديلا قد ضمن مقعداً له في البرلمان الأوروبي.

ووقفت لوبان بجوار الشاب الجديد، وحاولت دعمه إلى أن فاز بنسبة 85% من أصوات اليمين المتشدد، وهو فوز ساحق أمام منافسه.