نحو عام ونصف لجو بايدن داخل البيت الأبيض، فكيف تحولت السياسة الأمريكية تجاه إيران في فترة حكم الرئيس الديمقراطي؟
إحياء الاتفاق النووي
فمنذ حملته الانتخابية، تعهد بايدن بإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 قبل انسحاب سلفه ترامب منه في 2018، إلا أنه اعتمد سياسة النفس الطويل ولم يخفف العقوبات فور قدومه.
ومؤخرا لجأت إدارة الرئيس الأمريكي إلى رفع جزء من العقوبات، عبر إعادة العمل بإعفاءات أساسية تتعلق بالبرنامج النووي المدني الإيراني.
تلك الإعفاءات تشمل الشركات الأجنبية المشاركة في مشروعات نووية غير عسكرية، وقد اعتبرت هذه الخطوة بداية لإحياء اتفاق 2015 ، إلا أن هذا التفاؤل تبدد نسبيا، بعد أن وجَّه نحو مائتي نائب جمهوري خطاباً لبايدن، ينذرونه بأن أي اتفاق نووي مع إيران يُبرم دون موافقة الكونغرس، لن يمر.
وما زاد الأمر تعقيدا، تصريحات متشائمة للمبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي، بأن احتمالات العودة إلى الاتفاق النووي “ضئيلة” في أفضل الأحوال. وهو ما ردت عليه إيران، بحث بايدن على التخلي عن ما سمتها استراتيجية “الضغوط القصوى” التي كان يتبناها ترامب ضد طهران.
ورغم ذلك التباين والتجاذب بين الطرفين، لا يزال هناك أطراف تتطلع إلى ما أطلقوا عليه “الفرصة الأخيرة” لإحياء الاتفاق النووي المجمد، مع التحذير من تداعيات الفشل في تحقيق ذلك.
مخاوف من الأنشطة الإيرانية
بداية، قالت المستشارة السابقة للرئيس باراك أوباما، لوري واتكينز، إن إيران تحاول استغلال الرسائل الأمريكية غير المعلنة إعلاميا بطرق مختلفة للضغط على واشنطن فيما يتعلق برفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب.
وأضافت واتكينز خلال مشارتها في برنامج “مدار الغد” أن إيران تعتقد أن رفع العقوبات يمثل ضمانات للعودة للاتفاق النووي الإيراني، مشيرة إلى طهرات تشترط رفع العقوبات التي وقعها الرئييس السابق دونالد ترامب.
وأكدت واتكينز أن الولايات المتحدة لم تصل إلى حل نهائي فيما يخص الاتفاق النووي مع إيران، خاصة وأن وكالة الطاقة الذرية لديها مخاوف من الأنشطة الإيرانية في المنطقة.
ضغوط على الإدارة الأمريكية
من جانبه، قال مصدق بور، الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، إن الجانب الإيراني لا يزال موجود في “مفاوضات فيينا ” ويطلق تصريحات تتسم بالإيجابية عدا التي أطلقها وزير الخارجية أمير عبد اللهيان اليوم حيث اتسمت بالتشاؤوم.
وأضاف مصدق بور أن إيران قامت بتنفيذ كل بنود الاتفاق لكن الجانب الأمريكي هو من انسحب من الاتفاق، مشيرا إلى أن الكرة في الملعب الأمريكي وليس الإيراني.
ويرى مصدق بور أن المشكلة أمريكية داخلية، وأن الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن إدارة ضعيفة، وعليها ضغوطات من لوبيات إسرائيل والجمهوريين.
كما أوضح مصدق بور أن الإدارة الأمريكية لا تريد أن تجازف في إبرام اتفاق مع إيران، وتحاول مماشاة كل الأطراف لحين انتهاء الانتخابات الأمريكية.
الفرصة الأخيرة لإيران
وفي السياق، قال أستاذ حسني عبيدي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف، إن كل البدائل الاقتصادية التي طرحتها الدول الأوروبية لم تستطع مقاومة العقوبات الأمريكية.
وأضاف عبيدي أن طهران وصلت إلى الحد الأقصى من العقوبات الغربية، موضحا أن هذه هي الفرصة الأخيرة لها مع الرئيس الأمريكي.
كما أشار عبيدي إلى أن الإدارة الأمريكة الحالية إن لم تتوصل إلى اتفاق مع إيران فلا يمكن لأي إدارة أن تأتي باتفاق مع طهران.
ودعت فرنسا في وقت سابق واشنطن وطهران إلى “اعتماد نهج مسؤول” يساعد على إحياء الاتفاق النووي مع إيران والمتعثر بسبب خلاف بين البلدين غير مرتبط به.
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إنّ لدى بلاده “خيارات متعددة على الطاولة”، إن لم يتّخذ الرئيس الأميركي جو بايدن إجراءً يضمن التوصّل إلى “اتفاق رصين”.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن عبد اللهيان قوله إن “الأميركيين يعلمون جيداً ما المطلوب منهم، في حال أرادوا العودة إلى الاتفاق النووي”.
وأضاف الوزير الإيراني في مقابلة على هامش مشاركته في منتدى “دافوس” الاقتصادي، أنّ “إيران متمسكة بحقها الكامل في جميع المكاسب الاقتصادية التي يقرها الاتفاق”.
