بعد ورود اسم زوجته في فضيحة تسريبات التجنب والتهرب الضريبي «وثائق بنما»، استقال رئيس وزراء آيسلندا سيغموندور ديفيد جونلوجسون، منذ أيام، ولا تزال الفضيحة تُلاحقه مع وزير المالية بجارني بنديكتسون، إلا أن الأخير أعلن رفضه الاستقالة من منصبه لتباشر النيابة تحقيقاتها.
وأظهرت الوثائق أن رئيس الوزراء يمتلك ملايين مخبأة في حسابات سرية في جزر الكاريبي، التي تعتبر أحد أكبر الملاذات الضريبية في العالم، عبر تأسيسه شركة «أوف شور» تدعى «وينتريس» لصناعة الآيس كريم بنكهة الفانيليا والليمون، وهي الصناعة الضخمة في هذا آيسلندا.
ويُعد رئيس الوزراء الآيسلندي أول ضحايا «وثائق بنما» على مستوى العالم، فاستقالته جاءت وسط ضجة عالمية، فالوثائق شملت بيانات مالية ضمنت الوثائق بيانات مالية لأكثر من 214 ألف شركة «أوف شور» في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم، وسلطت الضوء على معاملات مالية لشخصيات سياسية وعامة وشركات ومؤسسات مالية، وعلى الرغم من أن وضع معظمهم القانوني سليم إلا أن «الفضائح» ستلحق بهم لاستغلالهم ثغرات قانونية للتهرب أو التجنب الضريبي في بلادهم.
ووفقا لما نقلته صحيفة «جارديان» البريطانية، فإن جونلوجسون حوّل 50% من ثروته إلى حسابات زوجته، المالكة لشركة «أوف شور»، منذ عام 2009، متعهدا لدى انتخابه كرئيس للوزراء بسداد كافة المستحقات الضريبية للبلاد، وهي الشركة التي تبين اقتراضها من بنوك انهارت في أقوى الهزّات الاقتصادية في البلاد.
في أكتوبر/تشرين الأول 2008، انهارت أكبر 3 بنوك آيسلندية، واتخذت البلاد محورا مهما في تاريخها للتحول من دولة تعتمد على صيد الأسماك إلى السوق المالية العالمية، إلا أن اللافت هو إفلاس عدد من البنوك الكبرى، واستدانت الحكومة 11 مرة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما انهارت أكبر الأسواق الآيسلندية بنسبة وصلت إلى 97%، وبالتبعية انهارت العملة المحلية.
ويرجح مراقبون أن يعيد الآيسلنديون أحداث فترة الأزمة الاقتصادية تلك، والتي ضربت العالم أجمع، عندما نزلوا إلى الشوارع وتظاهر الآلاف من المحتجين وهؤلاء الموظفين الذين تم تسريحهم أو فصلهم، وأدانت التحقيقات رئيس الوزراء وقتها جير هآردي، لفشله في إدارة الأزمة مع عدد من وزراء حكومته، لكنه نال عفوا من السجن.
وخرج نحو 20 ألف متظاهر الأسبوع الماضي للمطالبة بتنحية رئيس الوزراء عن منصبه وهو ما حدث في النهاية، إلا أن المدعي الخاص للبلاد قال إنه «على الجميع في آيسلندا الحذر».
ربما لم يعر وزير المالية لأي من تلك الأحداث أي اهتمام، فأعلن اليوم، الثلاثاء، رفضه الاستقالة من منصبه على خلفية ورود اسمه في الوثائق التي أظهرت امتلاكه لشركة «أوف شور» تتجنب الضرائب في جزر سيشيل.
وأعلن بنديكتسون بشكل قاطع أنه لن يستقيل، بعد أسبوع مليء بالأحداث المتتالية في آيسلندا أرغمت فيه تظاهرات وتحركات الشارع رئيس حكومته على الاستقالة.
وأكدت الجمعية الدولية للصحفيين الاستقصائيين، التي حصلت على 11 مليون ونصف المليون وثيقة من مكتب محاماة «موساك فونيسكا»، تورط وزير المالية في امتلاك شركة «أوف شور» للمعاملات الخارجية التي تستغل قوانين تسمح بالتجنب والتهرب الضريبي.
